لأن الفجر حنون ما بقي
فهو حين يأتي
لا يسأل
أمذنب أم تائب
أكافر، قاتل،
غنيٌّ فاجر أم فقير غاضب
لا يسأل
أشابع أم جائع
أبيض أم أسود، كبير أو صغير
ملحدٌ فاسق أم شيخ عابد
كلها تلك لا تهم أحدًا سوى من له عقل
سوى البشر
فالفجر حين يأتي
يسكب هدوءه الحاني على الطرقات والأزقة
على المنازل والأبواب
على العتبات والنوافذ
وإن وجدها مغلقة
يسيل من الفتحات
ليلمس الأجساد النائمة
ليحرر الأحزان الكامدة
فإن لم يفلح
يطلق العصافير
يمنحها الضوء لتغرد
يوقظ الريح لتصفر
يتخلخل بين الأشجار
يتسلق الأغصان
يغسل وجوه الأزهار
وتتفتح
يدغدغ الأعشاب
يطلق الفراشات
ويصبغ السماء بزرقة باردة
ليخبرنا أن هناك في الأعلى
الحرية ما تزال
وأنه حين يأتي
يمنح الطمأنينة، الأمل، الحب
يرفع عن المرء شقاء الليل
يرفع
القلق، الحزن، البكاء
يرفع
الوحدة، الألم, الانكسار
يعيد ترميم الأجساد المتفتتة
يعيد ترميم الأرواح المتهشمة
يجبر المكسور، يضمد المجروح،
ينفخ في القلب لينبض
يزرع للأحلام أجنحة جديدة
حتى تغدو ظهورها
طاهرة، بيضاء، نقية، كالطير
يفعل كل ذلك
حين يُشرق،
حين يخترق الظلال الرطبة
ويجفف الدموع من تحتها
حين يُشرق
ليخبرنا أن ها هُنا
متسع لحلم جديد
يقول: ثقوا بي
لأن في وسعي تفجير النجوم
وتبديد القمر
لأن في وسع شمسي الساخنة
أن تقتل الألم الفاتر، وتشفي الروح
لأن للنور قوة
لأن للنور أصابع تنفذ إلى قعر الظلام وتنسفه
لأن للنور قدرة على الولادة،
على الحياة، على الانطلاق
لأن في النور
أنت تكون
وكلنا نكون.
** **
- عُلا الحوفان
Twitter: ola29x