حوار - عبدالعزيز المسحان:
يوسف بن حسن العارف: شاعر وناقد ومؤرخ وتربوي، وعضو مجلس إدارة نادي جدة الأدبي الثقافي سابقًا، وعضو جمعية الأدب العربي، وله حضوره اللافت في الساحة الثقافية. ولد في محافظة الطائف، صدرت له العديد من الدواوين الشعرية والمؤلفات، حصل على البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في التاريخ الحديث. كان والده شاعرًا ومدرسة بالنسبة له واستفاد من شعره، وتوجيهاته والكتب الشعرية التي تتزين بها مكتبته. تعالوا نقرأ إجاباته عن أسئلتنا.
- ما أبرز المواقف العالقة في الذاكرة من المراحل الدراسية لديك؟
من أبرز المواقف: في المرحلة الابتدائية تنقلي في ثلاث مدارس قروية، فكلما افتتحت مدرسة التحقت بها حتى حصلت على الشهادة الابتدائية. فمن الصف الأول في كُتاب القرية، حيث المسجد والوالد هو الشيخ والمعلم، في قرية تدعى (الذيبة) بني سعد في الطائف، ومن الصف الثالث بمدرسة فليحة قبيلة (الزُّوَّد)، والصف الرابع بمدرسة شفا ربيع بقرية (العذبة)، ومن الخامس إلى السادس بمدرسة (اللبَّة) ببني سعد. ولانتقال الأسرة إلى الطائف أكملت الصف السادس في مدرسة عبدالله بن عباس، رضي الله عنه.
أمَّا المرحلتان: المتوسطة والثانوية فكانت في مدارس دار التوحيد التي تمثل جامعة لغوية وأدبية وشرعية، وأساتذتها من جيل الرواد الذين تتلمذنا على أيديهم فلهم الفضل -بعد الله- في التكوين المعرفي.
ثم جاءت المرحلة الجامعية والعالية، وفيها الكثير من المواقف التربوية والتعليمية التي يصعب حصرها، ولعل سيرتي الذاتية ترصد هذه المواقف إن شاء الله.
- حصلت على البكالوريوس والماجستير والدكتوراة في التاريخ، ما مدى أهمية وتأثير هذا التخصص في حياتك؟
عن التاريخ يكفيني قول أمير الشعراء أحمد شوقي لبيان أهميته وأثر ذلك في شخصيتي وتكويني المعرفي:
غالِ بِالتاريخِ وَاِجعَل صُحفَهُ
مِن كِتابِ اللَهِ في الإِجلالِ قابا
قَلِّبِ الإِنجيلَ وَاِنظُر في الهُدى
تَلقَ لِلتاريخِ وَزناً وَحِسابا
مَثَلُ القَومِ نَسوا تاريخَهُم
كَلَقيطٍ عَيَّ في الناسِ اِنتِسابا
أَو كَمَغلوبٍ عَلى ذاكِرَةٍ
يَشتَكي مِن صِلَةِ الماضي اِنقِضابا
وما من شك أن التاريخ يوقفنا على الماضي وأحداثه، والحاضر وإشكالياته والمستقبل وتوقعاته.
- أصبحت رسالتك في الماجستير بعنوان (العثمانيون وحكومة الأدارسة في عسير (1325-1337هـ أحد المراجع الدراسية في الجامعات، كيف ترى تأثيرها في الجامعات؟
_ نعم الرسالة كانت أولية في بابها، ومخدومة في متنها حيث الوثائق المتنوعة محلية وعثمانية وبريطانية، فكان لها صدى جامعي في أقسامنا التاريخية، وثقافي عند المهتمين بتاريخ المنطقة جازان وعسير وما حولهما.
- صدرت لك العديد من المؤلفات، ما الأقرب لقلبك؟
_ كلهن مثل بناتي أو أولادي، ولكن الشعر والدواوين في أولها، وكتاب الرحلات الحجية مهم وحبيب إلى نفسي وكتاب في حضرة السيد الموت/ قراءات باكية وكتاب يوميات الغرفة 326/ عابرون على سرير المرض من أجمل الكتب التي أشعر بنخبويتها وحداثة موضوعاتها.
- كيف تصف لنا تجربتك الشعرية؟
تجربتي الشعرية طويلة وممتدة على مدار 29 عاماً. صدر الأول عام 1415هـ الرمل ذاكرة والريح أسئلة، والأخير عام 1444ه_ الشاعر والأمم المتحدة؛ ولعل من يصفها هم النقاد والقراء. وقد جمعت مرئياتهم في كتاب: رجع الصدى عام 1437هـ، وكتبت عن التجربة د.كاميليا عبدالفتاح بعنوان: بواعث الاغتراب وجموح التكوين عام 1432هـ.
_ من أبرز الشعراء الذي تأثرت بهم؟
_ كل من قرأت له شعراً تأثرت به إيجابياً من الشعر الجاهلي وصدر الإسلام وحتى عصرنا الحاضر، ومن القصيدة العمودية وحتى قصيدة النثر والحداثة، ومن مختلف الأقطار العربية وحتى الشعر العالمي المترجم.
- كيف ترى تجربتك في عضوية مجلس إدارة نادي جدة الأدبي؟
_ عرفت نادي جدة كأحد الرواد والمستفيدين منذ العام 1397هـ.
_ عندما التحقت بالعمل التدريسي في مدارس جدة، ولم أنقطع عن فعالياته طوال تلك السنين، وأسعدني الحظ أن رشحت عضواً في مجلس الإدارة منذ العام 1427هـ ولمدة أربع سنوات، والآن عضو في الجمعية العمومية، وكانت تجربة ثرية مليئة بالعمل والإنجاز الثقافي والأدبي، والممارسات الثقافية والإسهام في تشكيل اللجان الثقافية بالمحافظات القريبة من جدة في خليص والليث والقنفذة.
- ما هو رأيك في الحركة النقدية في المملكة؟
_ الحركة النقدية في المملكة سائرة إلى التميز، والمنافسة في ظل وجود النقاد الأكاديميين الذين تتلمذوا على المناهج النقدية الحديثة، وفي ظل مسايرة المنجز الإبداعي سواء الشعر أو القصة والسرد والرواية.
وفي ظل الدعم اللامحدود من الأندية، وحراكها ا لنقدي المتنامي كل هذا أوجد لدينا مدرسة نقدية تتفاعل مع الساحة الثقافية والمنتج الإبداعي، وظهر لدينا نقاد سعوديون يواكبون وينافسون زملاءهم في المشهد النقدي العربي والخليجي، ووصلت صيتهم إلى العالمية.
- حقّقت جمعية الأدب العربي سمعة جيّدة في الوسط الثقافي، كيف تصف لنا تجاربك في الجمعية ورحلاتها داخل المملكة؟ وعن سبب توثيقها في مقالات وكتبا؟
_ ظهرت الجمعية ضمن سلسلة الجمعيات العلمية التي تشرف عليها وتدعمها الجامعات السعودية، بوصفها منصات ثقافية وأدبية من شأنها أن تسهم في التنمية والحراك الأدبي، ومنها «الجمعية العلمية السعودية للأدب العربي» التي تتبع جامعة أم القرى، ومنذ نشأتها عام 1424هـ/2003م، كان لها دور فعال في خدمة الأدب والأدباء السعوديين. وجاءت فكرة الرحلات إلى المناطق والمحافظات السعودية للتعرف، والتعريف والمثاقفة الجمعية مع رجالات الفكر والأدب في المحافظات والمناطق المؤازرة، وتوثق هذه الرحلات عبر (وسائل التواصل الاجتماعي) الواتس – التويتر وغيرها وعبر (المطبوعات والكتيبات التوثيقية). وقد كتبت مقالات عن رحلة الزلفي وعن رحلة القصيم، وأصدرت كتابين صغيرين عن رحلتي: ينبع وثادق، وبصدد الكتابة عن زيارة وفد الجمعية للطائف.
- حظي ملتقى وج الثقافي الأدبي باستقبال الأمير سعود بن نهار آل سعود محافظ الطائف في مكتبه، وأمر سموه باعتماد الملتقى، وأن يكون نصف سنوي، كيف كان شعورك بهذه اللحظة؟ وما أهداف الملتقى في المستقبل؟
_ نعم حظي ملتقى وج الثقافي الذي كان ضمن زيارات الجمعية العلمية السعودية للأدب العربي للمناطق والمحافظات، فسعينا – نحن أدباء الطائف– أن نتميز بطرح جديد وفكرة جديدة، وهي أن نحظى بديمومة، واستمرارية هذا الملتقى خدمة لأدباء الطائف، ونشراً لثقافة الطائف وتعريفاً بالموروث الثقافي، والشعبي في المنطقة والمحافظات.
وقد بارك سمو الأمير محافظ الطائف هذه الخطوة، والآن نستعد للنسخة الثانية من ملتقى وج الثقافي بمناسبة يوم التأسيس إن شاء الله.
- صدر لك كتاب بعنوان المختار من القصيد والأشعار للشاعر حسن بن محمد العارف -رحمه الله-، ماذا ترك والدك حسن في حياتك؟ وكيف أثّر شعره فيك؟
_ الوالد -رحمه الله- كان شاعرًا مطبوعًا من جيل الرواد، وأنصار المدرسة الشعرية العمودية، وقد خلف لنا إرثًا شعريًا كبيرًا اخترت منه ما يمكن أن يمثل شخصية الوالد الشعرية، وقدمت ذلك الكتاب الذي أشرت إليه في السؤال. وقد كان الوالد مدرسة بالنسبة لي استفدت من شعره، وتوجيهاته والكتب الشعرية التي تتزين بها مكتبته، رحمه الله وأسكنه فسيح الجنات.
- صدر لك ديوان بعنوان «عندما يورق الزنجبيل»، لماذا سعيت إلى أن يكون الشعر في هذا الديوان على هيئة أسئلة، ورسائل وجدانية؟
_ـ عندما يورق الزنجبيل، تجربة شعرية مختلفة عن الدواوين السابقة، فهو يمثل الديوان الثامن، وبعده صدرت سبعة دواوين، وهذا تقريبًا هو واسطة العقد يحمل أبعادًا شعرية مغايرة لما قبله وتأسيسًا لما بعده.
وقد قرئ من قبل نقاد كُثر ووجد فيه أحد النقاد خطابًا شعريًا وجدانيًا، معبأ بالوعي وينهل من معين وصف متقن لتفاصيل الحياة ومآلاتها الأليمة. انظر عبدالحفيظ الشمري – الجزيرة الثقافية، السبت 9/2/1437هـ .
وقال عنه ناقد آخر: «نقرأ سويًا من خلال شعره الثَّري نكهة ومذاق الزنجبيل الحار بدفئه الدافئ في حرارته .. الديوان أشبه بالأخيلة المجنحة التي تشدنا نحو مشاعره عبر مساحة مثيرة، وكثيرة من الصور الجمالية والوجدانية...» انظر الناقد سعد البواردي – الجزيرة الثقافية، السبت 25/1/1437هـ. وأعتقد أنه يحمل أسئلة المرحلة، وتشظي الإنسان السعودي بين مطالب حياته الحاضرة، وصور مستقبله المرتهن للظروف والأحداث العالمية.
- صدر لك كتاب بعنوان «في فضاءات النص السردي السعودي المعاصر «قراءات ومتابعات»، وتحدث الكتاب عن القصة والرواية، ما أهم القصص والروايات التي تكلمت عنها بنظرك؟
هذا كتاب نقدي صدر في العام 2013م، عن نادي نجران الأدبي، وقد قرأت فيه نقديًا وعبر المنهج الجمالي النقدي مجموعة سردياته قصة، رواية مثل:
- (كانت مطمئنة) رواية حسين القحطاني، صدرت عام 2011م.
- (سنوات الحب والخطيئة) رواية مقبول العلوي، صدرت عام 2011م. وغيرها من القصص الطويلة والروايات.
هذه من أهم الروايات المقروءة في الكتاب.