دائماً ما أعبرُ عن مضمون ما أشعرُ به كتابياً ! في حين لا أهتمُ كثيراً بشكل ما أكتب من الألوان أو الأطياف الشعرية والتي باتتْ تأخذُ شكلها الطبيعي في ظلّ المستوى المتقدم التي تشهده ممكتنا الحبيبة في شتى المجالات....إلا أن السؤال بات حائراً في كنه ما نكتبه , أو من خلال ما نسمعه .... على أي وزن نكتب وفي أي شكل شعري ؟! وخلاصة تجربتي المتواضعة جدا في هذا المجال خلصتُ بفائدة مهمة وهي ( أن المشكل في المسمى ) لكنه شكل تعبيري فرض نفسه على الساحة الشعرية وبات مقلقاً لكثير من شعراء العمودي هذه ناحية أما الأخرى فهي انحسار نقدنا الثقافي ..... في (قصيدة النثر ) وأهملنا بعمدٍ أم بدون قصد الأشكال الأدبية الأخرى نحو المقالة الأدبية، المقامة، المسرحية، الخاطرة والتي اختلط فيها الغث بالسمين بل ذهب الكثير في تموجها مع الشعر وهذا فيه من الالتباس الكثير ! يقع فيه كثير من كتّابنا وربما بعض مستشعرينا ! والأدهى من ذلك بعض من يسمون بالنقاد في الاحتفاء بمولودٍ جديد لم تتضح معالمه بعد يندس في ثنايا أقلامهم ( خبث ) المجاملة والتزلف ...؟! ولأعطيكم مثالاً حصل معي قصة في هذا الأمر منها ....كان الشاعر الضيف والفارس الصديق فلان الفلاني وهو معروف بميله كثيراً لقصيدة النثر وقام أحد المداخلين وكان غاضباً ووصف الذي سمعه بأنه ....لم يترك شتيمة إلا ووسمها لصديقي ولكن بأدب؟!
ووقف آخر وقال يا أخوان القصائد التي سمعناها هي من شعر التفعيلة !
فأحمرَ وجه صاحبنا وخرج من القاعة يجر أذيال الهزيمة بعدما انكشف للجميع تصفية حسابات مع هذا الشاعر ؟!
وهناك آخر من النقاد بعد ما أرسلت له نصا لأحدهم قال بالضبط : هذه قصيدة حرة لا وزن فيها ولا قافية لكنها موسيقيه وبدأ يفصّل :هذه قصيدة جميلة !
قلت في نفسي ( طيب كيف ما هي قصيدة ، وأنت تقول هذه قصيدة جميلة ؟! ) تناقض عجيب بصراحة !! عموماً يبقى للجميع حق الكتابية التعبيرية وترك النقاد (الحقيقيون ) في تفسير كنه ما نكتب وليس الأغبياء !! سطر وفاصلة يقول ميخائيل نعيمة في كتابه (الغربال):
"إن لكل ناقد غرباله، لكل موازينه ومقاييسه، وهذه الموازين والمقاييس ليست مسجلة لا في السماء ولا في الأرض، ولا قوة تدعمها وتظهرها قيمة صادقة سوى قوة الناقد نفسه، وقوة الناقد هي ما يبطن به سطوره من الإخلاص في النية والمحبة لمهنته، والغيرة على موضوعه، ودقة الذوق، ورقة الشعور، وتيقظ الفكر، وما أوتيه بعد ذلك من مقدرة البيان لإيصال ما يقوله إلى عقل القارئ وقلبه......في رأيي هنا المهم نظلّ نكتب ونكتب ونكتب..
** **
- علي الزهراني (السعلي)