مها محمد الشريف
تعقد قمة العشرين في ظل ظروف دولية صعبة وملفات سياسية طاغية، واقتصاد عالمي يترنح، وخطوط حمراء ترسمها اللقاءات بين الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس الصيني شيجينبينغوضرورة الالتزام بها، ولاسيما أن إندونيسيا البلد المضيف للقمة تواجه ضغوطاًمن الدول الغربية وأوكرانيا لسحب دعوتها للرئيس الروسي بوتين، وكذلك طرح طرد روسيا من المجموعة بسبب الحرب في أوكرانيا، قائلة إنها لا تملك السلطة للقيام بذلك دون توافق بين الأعضاء.
وهكذا يبدو ضغط الدول الغربية لفرض أجندتهم عالمياً تنحصر في الإبقاء على هيمنتهم الدولية حتى أصبحت سمة واضحة لم يستثن جغرافية العالم وخصوصا شرق آسيا وتحديدا الصين، حيث إن الضغط قائم عليها من قبل وبعد الحرب الروسية الأوكرانية، فهم يراهنون على تفردهم بكل المواقف، وهكذا دواليك دون كلل، إذ إنه الغرق في تفكير شديد العبوس، وصور كالحة مقززة، ونوبات مزعجة لا تحمل تعليلاً منطقياً، فالغربيون يريدون لغة مشتركة إزاء روسيا في قمة العشرين، ويطالبون بمسألة أكثر عسراً لأن الأمر يتعلق بتغيير وجهات النظر وتقوم بانعطافه عبر إندونيسيا لاتخاذ مواقف ضد روسيا تجاه حربها على أوكرانيا في ضوء التطورات الأخيرة.
حين يسير العالم في المنعطفات طويلاً قد يفقد عقله مكوناً لحظات متباعدة لا تلتقي فيها الأهداف والغايات، ويطفو كل شيء في الفراغ ولن يعتمد على شيء ما، وفي جميع الأحوال يظل تسلسل الأحداث وارتباطها وإمكانية وقوعها يعتمد على المعطيات ويجتهد الغرب في تأويلها ومنحها معنى والربط بينها، وهذا أمر قد لا نجد له أي تفسير عقلاني.
لذا، ما يقع من أحداث ليس وليد صدفة ولن يشكل صعوبة في تقبل الأمر من رفضه، لأنه يعتمد بالأساس على تحديد الاحتمالات من العقل الغربي، وفي هذا التاريخ الموافق لشهر نوفمبر 2022، تستضيف إندونيسيا قمة مجموعة العشرين «G20»! في منطقة نوسا دوا، جزيرة بالي، وسيشارك في القمة 19 دولة ومنطقة اقتصادية واحدة، وهو الاتحاد الأوروبي جنوب إفريقيا، والولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة العربية السعودية، والأرجنتين، وأستراليا، والبرازيل، والهند، وإندونيسيا، والمملكة المتحدة، وإيطاليا، واليابان، وألمانيا، وكندا، والمكسيك، وجمهورية كوريا، وروسيا، وفرنسا، والصين، وتركيا.
في هذا المحفل الكبير، تدعو إندونيسيا العالم للعمل معًا من أجل التعافي من وباء كورونا وبناء العالم بطريقة مستدامة، فهل تستطيع قمة مجموعة العشرين لهذا العام أن تحقق بعضا من الأهداف المطروحة للنقاش؟، بما فيها الملفات المتصدرة القائمة كالحرب الروسية الأوكرانية، والأزمة الغذائية العالمية، والتضامن المالي الدولي بين الشمال والجنوب، والاستقرار الاقتصادي العالمي، والصحة ومواجهة الأوبئة، والاقتصاد الرقمي.
وتبرز أهمية القمة في اللقاءات الثنائية وخاصة لقاء الرئيسين الأميركي والصيني، ومناقشة موقف الصين من الحرب في أوكرانيا، والدور الذي يمكن أن تلعبه في الدفع نحو وضع نهاية لها، وملف كوريا الشمالية، وما يطرحه من تحديات إقليمية ودولية، فهل تنجح هذه القمة في الوصول إلى عدد من الاتفاقيات سيراً على نهج الاجتماعات الوزارية التي أجريت على مدى العام؟.
أم أن هذه الصعوبات التي تنبثق من الحرب الدائرة في أوكرانيا منذ تسعة أشهر ستلقي بظلال كثيفة على أعمال قمة العشرين حيث تسببت في العديد من الأزمات العالمية وخاصة على صعيد اقتصادي كبير وإمدادات الطاقة والقمح والذرة والشعير وغيرها من السلع الغذائية والمواد الأولية، وهذا قد يقود إلى اختلاف جوهري بين الدول وإضعاف لنتائج القمة.