نوف بنت عبدالله الحسين
في المتحف الوطني كان اللقاء مع صاحبة السمو الملكي الأميرة السفيرة ريما بنت بندر، والذي حاورها المتألق محمد إسلام في بودكاست The Mo show في حلقته السبيعين، وهو بودكاست سعودي يقدم باللغة الإنجليزية، فحين النظر إلى من هي الأميرة ريما، فهي سفيرة ابنة سفيرسابق، وخالها الأمير سعود الفيصل وأجدادها الملك فيصل بن عبدالعزيز والأمير سلطان بن عبدالعزيز، وجدتها الملكة عفّت بنت ثنيّان، وأمها الأميرة هيفاء الفيصل، ومن شأن ذلك كلّه أن يبلور لنا شخصية مميّزة ننظر لها بفخر واعتزاز، ومع ذلك كلّه لها شخصيّة فريدة من نوعها، حيث أظهر الحوار الجوانب الإنسانية والخبرة الحياتية المميّزة والابتعاد عن المثالية الزائفة والتحدث بكل عفوية وصدق والكثير من المعاني العميقة التي برزت كالمشاركة الإنسانية في ووك كات، وألف خير وجمعية زهرة وغيرها، ناهيك عن مهامها كسفيرة سعودية لدى الولايات المتحدة الأميركية.
من أبرز الدروس في هذا الحوار، حين ذكر المحاور محمد إسلام عن التواضع الذي تتحلّى به على أنه موروث، فردّت أنه لا يوجد أبشع من التكبر والغرور في الحياة، وهنا نقف عند هذه النقطة، وهي إبراز البشاعة في المعنى المضاد، وهذا درس عميق جداً، حقاً لا يوجد أبشع من التكبر والعجرفة.
درس آخر برز في هذا الحوار ألا وهو الاستعداد للرحيل, حيث ذكرت الأميرة أن هذه الأماكن مؤقتة، وسيأتي يوم نغادر فيه مراكزنا وأماكننا، ولابد أن نكون ممتنين لهذه الفرصة والتجربة التي خضناها، وأن نجهّز المكان للذي سيأتي بعدنا، وهنا وقفة مدهشة ودرس حياتي عميق، وهو أن أدوارنا لها وقت معيّن نقدّم فيه ومن خلاله الدور المطلوب، ومن ثم سينتهي الدور ونغادر.
وفي هذا الحوار وجهت الأميرة نصائح كثيرة للجيل القادم والذي سيعيش رؤية 2030، حيث عليه مسؤولية إكمال المسيرة والسعي نحو الأفضل، وأن يجهزوا للجيل القادم الفرص التي تليق بهم.
كما تحدّثت الأميرة ريما عن السيدات اللاتي مهدن الطريق لسيدات هذا الجيل وما قدمنه من خدمات وتضحيات، واليوم نشاهد القطاف الجميل والنقلات النوعية، وأن حدوث ذلك في زمن الملك سلمان بن عبدالعزيز ودعمه هو وولي عهده صاحب الرؤية الأمير محمد بن سلمان، والتسهيلات التي حدثت في الأنظمة وانخراط المرأة السعودية في الخطط التنموية وإبراز دورها بتوليها مهاماً جوهرية ومهمة في الدولة، كل هذا التمكين للكفاءات دليل على دعم القيادة الرشيدة لخدمة وطننا العظيم المملكة العربية السعودية.
من الملفت للانتباه في الحوار الشفافية التي تتحلّى بها الأميرة ريما بنت بندر، وظهر ذلك في عدة مواضع حين تحدثت عن نفسها كإجابتها على سؤال المذيع عن آخر كتاب قرأته، أو حين تحدثت عن مهاراتها في الطبخ بإشارة سريعة عن أنها لا تجيده كما يجب، وأنها في زحمة الأعمال لم تعد قارئة نهمة كما كانت، فقد مضى وقت طويل على آخر كتاب قرأته، لكنها تمنّي نفسها بأن سيكون هناك وقت ستقرأ فيه في فترة تقاعدها فهي تمتلك مكتبة مميزة وتنتظر الوقت الملائم لتتنعم به في وقت مستقطع من الحياة، كما تحدثت عن الأشياء التي لا تحبها من خلال طفولتها كالشتاء البارد وحرمانها من اللعب حين نزول المطر.
لغة الحوار كانت سلسة وقريبة للقلب، يشعر المتلقي وكأنه متواجد معهما، ومن جماله أعدت مشاهدته مرات ومرّات، وسأعيد مشاهدته مع بناتي وأخواتي، وهي حلقة ثريّة جداً، ففي كل مرّة أشاهده ألمس جانباً آخر خفياً في اللقاء، لذلك فأنا أتمعن في المعاني والدروس العميقة في هذا اللقاء، وما ذكرته كان جانباً صغيراً جداً من حيّز الدروس المستفادة.
فشكراً سمو الأميرة ريما...
وشكراً محمد إسلام...