عبود بن علي ال زاحم
تعتبر الاستقالة الصامتة من الظواهر التي تشهدها بيئات الأعمال في القطاعين العام والخاص على حد سواء، وتتجسد خطورتها في أنها تترك آثارًا سلبية واضحة على إنتاجية الموظف وعلاقته بجهة العمل، فضلًا عن أنها قد تسري في مختلف الأقسام والإدارات كالعدوى الفيروسية.
وقبل الحديث عن كيفية مواجهة تلك الظاهرة، لا بد أولًا من تعريفها ثم تشريح أسبابها للوقوف على أنجع الحلول للتعامل معها، فبداية «الاستقالة الصامتة- Quiet Quitting» ليست استقالة بالمعنى الحرفي الذي قد يتبادر للذهن بمجرد سماع كلمة استقالة، فالموظف هنا لا يترك عمله إطلاقًا، بل إنه يستمر فيه، ولكن بمعدل أداء متدنٍّ للغاية يعكس افتقاده التام للشغف والدافعية للعطاء.
ويظهر ذلك بجلاء في مجموعة من السمات التي متى توافرت نستطيع القول إننا أمام حالة استقالة صامتة، وهي: عدم تجاوز المهام المطلوبة، والوصول للعمل متأخرًا أو المغادرة مبكرًا، وغياب المساهمة مع فريق العمل بأفكار ومقترحات، وعدم التجاوب خارج العمل نهائيًّا.
أما عن أسباب وصول الموظف للاستقالة الصامتة، فتعود لجملة من العوامل؛ مثل ضعف الأجور، وانسداد الأفق الوظيفي المستقبلي كالحصول على الترقيات، وغياب التقدير الأدبي مثل التكريمات، بجانب الشعور برتابة العمل والتعرض للضغط الدائم.
وفي ضوء ذلك تبدو الحلول اللازمة لمكافحة الاستقالة الصامتة وتحفيز الموظف لأداء مهامه وإشعال جذوة الحماس في داخله لتحقيق إنجازات تضاف لرصيده المهني، وتعزز من مكانة المؤسسة التي يعمل بها، أكثر وضوحًا لدرجة يمكن أن نجملها في عبارة واحدة وهي: «بناء الثقة وغرس الولاء»، فالموظف لن يبخل مطلقًا بجهده إذا شعر بثقة في الإدارة، كما أن الأخيرة تستطيع بناء تلك الثقة وتعزيزها عبر إظهار تقديرها المادي والمعنوي للموظف، ووضع آلية دائمة لحوار مفتوح وصادق مع الموظفين يتشارك فيه كل طرف توقعاته من الطرف الآخر.