من أراد أن يكون له أثر، فالأمر بسيطٌ جدًا، ربما ابتسامة تبتسمها لشخص تبث في نفسه الأمل بعد اليأس، أو أن تقول كلمةً طيبةً تجعله من قحط نفسٍ إلى واحةٍ خضراء، أو أن تحمل متاعًا لرجل كبير في السن أنقضت ظهره خطوب الدهر.. أو أن تدل شخصًا لعنوان مكان يطلبه، أو أن ترشد إنسانًا إلى طريقٍ سهل، أو أن تدخل السرور على قلب طفل، أو أن تضع لقمةً سائغةً في فمِ جائع، أو أن تمسح بيديك الحانية على رأس يتيم، أو أن تسعى بحاجة مخلوق، أو أن تساهم في مساعدة محتاج.
كثير هم البشر الذين مروا على هذه الحياة دون أثر، ثم ارتحلوا وانتقلوا في الغابرين، لكن كان من بينهم بشر أبو الرحيل إلا بترك الأثر، فما زالت بصماتهم بارزة ومعالمهم براقة واضحة تُعجب الناظرين، قد ارتحلوا نعم! لكن باقية ذكراهم الحسنة بين الأحياء، لذا يجب أن يكون لكل إنسان وجود وأثر، ووجوده لا يُغني عن أثره، ولكن أثره يدل على قيمة وجوده، فافعل الخير ولو بكلمة طيبة، فهو الشيء الذي لا يختفي حين تغيب أنت، حاول أن تزرع الخير في قلوب الناس، فهناك قلوب تتألم ولا تتكلم وليس هناك زواج كامل ولا صداقة كاملة ولا دوام مثالي ولا تجارة مريحة ولا حياة وردية فحرر عقلك من التوقعات غير الواقعية، فالجميع يعاني لكن فرق بين من يتغاضى ويتراضى وبين من يحقق ويدقق، فالشمس تشرق من روحك ومن داخل قلبك فأنت وحدك من تدرك مخبأ مسراتك وتركض باتجاهه فلا تفكر بهموم الأمس فقد أصبح من الماضى فأول خطوة على طريق السعادة تبدأ بهجر مصدر ألمك وعدم الالتفات خلفك فإن كنت لا تستطيع أن تغيِّر قدرك فلا تقدم قلبك الصغير طبقاً شهياً للأحزان، فالحياة بين إقبال وإدبار بين نور وظلام بالأمس كنت واليوم صرت وغداً ستصبح فلا شيء يبقى على حاله هكذا تقلبات الحياة تجري بين ضيق ونكد وبين سعادة وفرح وفرج فدوام الحال من المحال، فالكدر لن يدوم فإن أقبلت عليك الدنيا فاحذر أن يصيبك الغرور وإن أدبرت فاحذر من اليأس فالشيء الوحيد الذي يجعلنا أقوى كلما انكسرنا أو أحاطت بنا الإشكالات هو اليقين التام الذي لا يتزعزع بأن الأمر كله بيد الله وأن الحياة ستمضي مهما حدث وإن ضاقت بك الأركان يوماً فركن اللهِ باق لا يضيق، فالتغيير إلى الأفضل إبعاداً للملل وتجديد النشاط وعدم البقاء على الروتين واكتشاف المواهب والقدرات وزيادة نفع الآخرين.
رحم الله مصطفى صادق الرافعي حينما قال كلمته المشهورة: «إن لم تزد شيئًا على الحياة، كنت أنت زائدًا عليها».