البيوت كانت صناديق مغلقة، ما هو الوطن للناس وما هو للناس، واليوم أصبحت المنازل الحياة اليومية وكل شيء فيها هو للناس! جولة مسائية على الشبكات الاجتماعية تجعل الناس يدركون أن هذه أماكن للفضائح الاجتماعية، تحتوي كلمة «اتصال» في اللغة على أكثر من حرفين، وأكثر من حرفين - دلاليًا - يفضيان إلى المشاركة، على سبيل المثال «المراسلة والقتال «لذلك لا يناسب أي منهم بالضرورة أي شخص، إنه يحارب مع نفسه، يجب أن تأتي كلمة الاتصال هذه من الطرف الآخر المهتم والمهتم بما ينقله إليه الطرف الأول.
اليوم يذهل على مستوى التفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ينشر كثيرون غسيلهم على الإنترنت دون خجل، أسرار العلاقات العائلية والأسرة والزواج يجب أن تبقى في ساحة النوم وتحدث في المنازل.
على حبال وسائل التواصل الاجتماعي، مع استخداماتها المتنوعة، يبعثر الكثيرون ملابسهم بلا خجل، ويحطمون الجدران التي تحيط بغرفهم الخاصة، ويسمحون للآخرين برؤيتها بأعينهم وآذانهم والتدخل فيها بالدعم والرفض والشفقة والرحمة، وربما الكراهية والكراهية أيضاً.
خطب معالي الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس إمام وخطيب المسجد الحرام استهدف بها مشاهير التواصل الاجتماعي الذين اخترقوا أسرار البيوت ويطاردون وراء الشهرة مهما كلّف الثمن فقد هدموا المجتمعات والمعتقدات والمبادئ المجتمعية.
نادى معالي الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس خلال الخطبة التي ألقاها في المسجد الحرام: لا تبحثوا عن الشهرة من أجل سراب خادع.
وأضاف أنه «من المؤلم حقاً أن نرى بعضهم يسعى إليها سعياً حثيثاً، حتى إنه لا يرى في الدنيا شيئاً غيرها، وربما تخلّى عن قيمه ومبادئه وأخلاقه وعقيدته من أجل سراب خادع»، كما وطالب معالي الشيخ السديس- حفظه الله- بوضع ضوابط وقوانين حازمة وإجراءات رادعة لمشاهير التواصل الاجتماعي، داعياً العلماء ونخب الفكر والثقافة والإعلام للتحذير من الشهرة والمشاهير، ومراقبة محتواهم، «حفظاً للأخلاق والشيم».
لقد عَظُمت الدنيا بسبب ما يُسمون مشاهير التواصل الاجتماعي الذين ينشرون عن الناس خصائص حياتهم ويتعرضون للخصوصيات، حيث كثرت المشكلات الأسرية وثارت الضغائن والأحقاد والحسد والغيرة، لا شك أن الشريعة الغراء تحرص على تحقيق مجتمع متماسك بعيدًا عن إثارة الفتن والشبهات، وأمرنا رب العالمين أن نعتصم بحبله المتين، لقوله سبحانه وتعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا}.
المشكلة أن الهوس بهذه السلوكيات يمتد وينتشر ليس فقط بين الشخصيات العامة والمشاهير، بل يمتد أيضًا إلى عامة الناس في مختلف الفئات والأعمار، مما يجعل من الصعب على الأطفال والمراهقين أن يحذوا حذوه، الأخطار دون وعي أو قدرة على الدفاع عن أنفسهم.
في كثير من الحالات لا يدرك الأسر والمربون حدود التهديدات التي يتعرَّض لها الطفل الذي يتعامل بالتالي مع خصوصيته وشبكاته الاجتماعية، ولا يتم تعريفه بوضع حد لكل شيء والتمييز بين الخاص والمجتمع، وهنا تتكاثر التهديدات، وإذا رجعوا إلى حكم الأجداد وحرمة الخلق والبيوت، فإن هذه المهمة تسهل عليهم.
أصبحت القضايا التي تنطوي على الكثير من الخصوصية، بما في ذلك الطلاق وأسبابه ودوافعه، والخلافات الزوجية والأسرية وغير ذلك، شيئًا شائعًا يتيحه العديد من المشاهير للجمهور لمناقشتها في مجالس الإدارة وخضوعها للمعارض، طالما كانت المدة، «الخصوصية» نفسها لن تفشل في محاولة تغيير مفهومها.
ومن جانب آخر، بدأت الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع، في بداية أكتوبر 2022، تطبيق نظام رخصة «موثوق» التي تتعلّق بإعلانات المشاهير والمستخدمين الآخرين على وسائل التواصل، وأوضحت أن أي شخص يريد «تقديم المحتوى الإعلاني على مواقع التواصل الاجتماعي»، فهو يحتاج إلى ترخيص وما قامت به الهيئة من تنظيم فهو عمل دؤوب ومنظم لتنظيم طريقة الإعلانات ومراقبتها.
أختم مقالتي بما قاله معالي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس إمام وخطيب المسجد الحرام في خطبته: استثمروا الشهرة بالدعوة إلى الدين الحق وخدمة الأوطان وتنميتها وأمنها، وكونوا مفاتيح للخير مغاليق للشر، وسخروا شهرتكم في الحفاظ على ثوابت الدين والقيم، والذب عن أعراض المسلمين وبيان الحق ونصرته.