عبده الأسمري
اقتفى «أثر» التجارة وحصد «تأثير» الجدارة فشيد صرحاً من «المآثر» منوعاً «الأرث» البشري ما بين «نفع» شخصي و»شفع» ذاتي جعله مقيماً في «قوائم» البارزين وثاوياً في «مقامات» المؤثرين.
ما بين موهبة أنسانية وهبة ربانية ورغبة شخصية أكمل «بناء» العصامية بروح تقية ونفس نقية نال بها «فوائد» الذكر المديد و»عوائد» الفكر الفريد.
حول «مصاعب» البدايات و»متاعب» التحديات» إلى «تشكيلة» من الصبر و»توليفة» من العبر عبر بها «أسوار» المهام وسبر بها «أغوار» الإلهام فكان سفيرا ً فوق «العادة» للعمل التجاري وخبيرًا تجاوز «الاعتياد» للفعل الخيري.
إنه الشيخ عبد اللطيف العيسى -رحمه الله- أحد أبرز رجال الأعمال وصناع الخير في الوطن.
بوجه وطني تتكامل فيه «صفات» السكينة وتتماثل فيه سمات «الإنسانية» وملامح حساوية بفعل النشأة شرقاوية بوقع التنشئة وعينان تنبعان بالمودة وتسطعان بالألفة مع تقاسيم باسمة تتجلى وسطها نظرات «الفضل» وتتباهي منها معاني «النبل» وشخصية ودودة تعتمر «البياض» ومحيا عامر بالمودة وكاريزما يقطر منها جمال «التواضع» ويتسطر فيها امتثال «التهذيب» وصوت خليط بين لهجة بيضاء ولغة عصماء تستند على «مخزون» تجاري مسجوع بواقع الأرقام ومشفوع بوقع الالتزام وعبارات مكتظة بحسن «القول» واعتبارات مسكونة بلطف «الحديث» وحضور منفرد بحكم «التميز» ومتفرد باحتكام» الامتياز» قضى العيسى من عمره عقود وهو يؤسس «منظومة» تجارية عنوانها « النزاهة» وتفاصيلها «الأخلاص» كاتباً سيرته بحبر «الأمانة» سابكاً مسيرته بجبر «المكانة» ماضياً في محافل «العطاء» بدواعي اليقين ومساعي «التمكين».
ولد العيسى في حي الرفعة الشهير والعتيق بمدينة الهفوف درة الساحل الشرقي في زمن صعب كان يرضخ تحت وطأة «التحولات» للإنسان والمكان وبتاريخ ظل قيد «التكهن» في توقعات «المسنين» من عشيرته الذين كانوا يوثقون «الأحداث» بالحفظ المتوارث حيث تم تقييده بمولد مبارك في عام 1912 وتلقى والده «الوجيه» علي العيسى ووالدته «الحانية» نوره آل زرعة الخبر بفرح غامر نشر «حظوة» السرور وبدد «سطوة» الشرور التي كانت تحيط بالمكان جراء التواجد العثماني على أرض الأحساء والذي قضى عليه الملك عبدالعزيز عام 1913 .
تفتحت عيناه صغيراً على «مشاهد» الاستثمار في «تجارة» والده الذي يستوردها من الهند فترسخت في عقله «التفاصيل» الأولى للأمنيات وكبرت في وجدانه «العناوين» المثلى للآمال التي كان يطلقها بعفوية الصغار أمام أسرته ليلاً محتفظاً بحصالة صغيرة احتضنت أول رصيد في طفولته جناه من عطايا والديه وظلت «السر» الأول الذي نال منه «الجهر» الأمثل في سنوات لاحقة جعلته في قائمة «الكبار».
تجرع اليتم بعد وفاة والده فارتمى في «أحضان» أم متفانية وظفت الأرث الأبوي في خدمة المعرفة فظلت تحرص على تعليمه، وتلقى قدراً من التعليم في «الكتاتيب» القديمة في بلدته في علوم القراءة والكتابة والدين والحساب، وتنامت في ذهنه طرائق «التأثر» بوالده باكراً حيث قرر توجيه بوصلته إلى استيراد الأقمشة والتوابل والمواد الغذائية من الهند نظراً لحاجة الأهالي إليها، وعندما زاد الطلب قرر العيسى تحويل قبلة استيراده إلى الشام ومصر،
وبعد سنوات وبحكم تنامي العمل ونماء الفكر انتقل العيسى من الأحساء إلى الخبر وأقام فيها وأنشأ متجراً لبيع الأثاث، وارتفع معدل الذكاء لديه اعتماداً على ذهن متقد بالبصيرة حيث استثمر ماله في شراء قطع أراضٍ متميزة جنى منها استثمارات واسعة لاحقاً.
رأى العيسى بعقليته التجارية وذهنيته الاستثمارية التطور المضطرد لشركة أرامكو السعودية فنمت في عقله «فكرة» توفير السيارات فعقد اتفاقًا مع شركة «الزاهد» بجدة الوكيل الرسمي لشركة «جنرال موتورز» للسيارات في المنطقة الغربية ليتولى توزيع الشركة بالشرقية وأنشأ معارض لها.
تكاتف العيسى مع ابنيه إبراهيم الذي فضل الوقوف مع والده في تجارته على دراسته وعبدالرحمن الحاصل على بكالوريوس الاقتصاد وإدارة الأعمال سنة 1964 من أمريكا الذي عمل موظفاً في وزارة المالية بطلب من أبيه لتأهليه على العمل حتى حصلت العائلة على وكالة شركة «جنرال موتورز» بالمنطقة الشرقية.
أدار عبدالرحمن أعمال والده من خلال معرض للسيارات في حي الملز بالرياض 1968 بعد حصوله على توكيل سيارات «شيفروليه» بالمنطقة الوسطى ثم الحصول على التوكيل العام لشركة «لوكاس» لتجارة قطع الغيار والمحركات والآلات، ثم توكيل سيارات «بيوك» (1977) فسيارات «أولدزموبيل» (1982) ثم «إيسوزو» (1983) ثم «جي إم سي» (1990).
تعاون أبناء العيسى الآخرون عبد المحسن وزياد ونجيب وسعد والذين كان لكل منهم في ذلك مهامه المتخصصة مع إخوتهم الآخرين وفق توجيهات والدهم وإشرافه وتربيته في إدارة أنشطته التجارية، وتوسعت التجارة إلى مناطق المملكة الثلاث الرئيسة الوسطى والشرقية والغربية، وتفرد العيسى بأنه كان من أوائل بائعي السيارات بالتقسيط وذلك في الستينيات الميلادية.
نوَّع العيسى من تجارته حيث شملت تجارة الأراضي، وتأسيس المصارف وتصنيع الأنابيب الفخارية الضخمة للمياه، وبناء البيوت والعمارات، وتصنيع مواد البناء، وبيع البرادات والغسالات وأجهزة التكييف «جنرال»، وخدمة تأجير السيارات.
ويعد أحد رواد إطلاق الأسواق المركزية بعد افتتاحه أول سوق عربي من نوعه تحت مسمى (الأسواق) من خلال التعاون مع شركة «سفن اليفن» الأمريكية المتخصصة.
حرص العيسى على تعليم أبنائه وبناته في أفضل المدارس والجامعات في لبنان والولايات المتحدة ونيلهم أعلى درجات التميز في تخصصات مختلفة.
انتقل العيسى إلى جوار ربه في فبراير عام 2005، بالرياض وتناقلت الأوساط التجارية والاقتصادية والاجتماعية رحيله ونعته وسائل الإعلام وعزا فيه كبار المسؤولين والقياديين، واقترن الخبر بذكر مناقب الفقيد وأعماله الخيرية وأفعاله التنموية.
زرع في أبنائه حب الوطن وعشق الريادة ومحبة العلوم وفن الابتكار وقيمة الحسنى وهمة الرقي، فأكملوا المسيرة حاملين «الضياء» لينيروا دروب الانفراد بإضاءات «الاقتداء» وامضاءات «الاحتذاء» .
تم إطلاق مؤسسته الخيرية عام 1429 والتي تقوم بأعمال جليلة في رعاية الأيتام وإعانة المحتاجين، إضافة إلى برامجها التنموية والوطنية الرائدة.
عبد اللطيف العيسى التاجر الماهر والمحسن الزاهر الذي كتب اسمه بحروف «التفوق» تاجراً وخبيراً ومحسناً ورائداً من رواد الاقتصاد ورمزاً من رموز «الأحسان».