د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
أرادت السعودية أن تأخذ زمام المبادرة في هذه المرحلة حماية لأمن المنطقة البيئي والاقتصادي، من خلال نموذج اقتصادي تنموي مستدام ينقل الشرق الأوسط من ويلات الحروب الدموية التي تلاحقه بعد الحرب العالمية الثانية بعدما دامت حروب دامية في أوروبا منذ القرن السادس عشر وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية، وأول حرب تقوم في أوروبا في أوكرانيا.
المبادرات السعودية المتعددة التي تبنتها السعودية، من أجل أن يتحول الشرق الأوسط الأخضر، وأن يعود إلى سابق عهده منبعًا للأفكار الإنسانية الريادية بعدما تمكنت السعودية من تحييد الإرهاب والتطرف الفكري، الذي كان أحد أهم الأسباب في إعاقة نمو المنطقة.
أعلن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد أن تتحول السعودية إلى المقر ونقطة انطلاق مستهدفات ومشاريع المبادرات بدعم مالي مباشر يبلغ 2.5 مليار دولار، فضلاً عن أهداف بمعايير بيئية وزمنية محددة لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بأكثر من 278 مليون طن مكافئ بحلول 203، (ونحو 670 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون على مستوى الإقليم)، تمثل 10 في المائة من الإسهامات الدولية، وزراعة عشرة مليارات شجرة، (ونحو 50 مليار شجرة، وزيادة الساحة المغطاة بالشجار 12 ضعفًا، واستصلاح 200 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة على مستوى الإقليم) وزيادة عدد المحميات البرية والبحرية إلى 30 في المائة من إجمالي المساحة الوطنية، كما أعلنها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في النسخة الثانية من قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر في شرم الشيخ برئاسة مشتركة بينه وبين الرئيس عبد الفتاح السيسي في 7-11-2022 التي أتت بالتزامن مع مؤتمر الأطراف في اتفاقية التغير المناخي كوب 27.
وعقدت النسخة الأولى في أكتوبر 2021 في الرياض، التي مثلت أول حوار إقليمي من نوعه بشأن المناخ، مع اتفاق القادة من أكثر من 20 دولة على ضرورة التعاون وتوحيد الجهود لمواجهة التغير المناخي، كما يتطلع المشاركون في الملتقى الأممي يومي 11و12 نوفمبر إلى منتدى مبادرة السعودية الخضراء بشعار من الطموح إلى العمل.
تحقيقًا لمستهدفات خفض الانبعاثات، أطلقت السعودية مبادرة السعودية الخضراء لخفض الانبعاثات بأكثر من 278 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2030، من خلال تطبيق نهج الاقتصاد الدائري للكربون، وإطلاق عدد من المبادرات الأخرى لتحقيق هذه المستهدفات، منها منصة التعاون الدولي لتطبيق هذا النهج، وصندوق استثمار إقليمي متخصص لتمويل حلول تقنيات الاقتصاد الدائري للكربون، ومبادرة حلول الوقود النظيف من أجل توفير الغذاء.
كما كشف ولي العهد عن استهداف صندوق الاستثمارات العامة للوصول على الحياد الصفري لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2050 من خلال نهج الاقتصاد الدائري للكربون ليكون من أوائل صناديق الثروة السيادية عالميًا، والأول في منطقة الشرق الأوسط، في استهداف الوصول للحياد الصفري بحلول 2050، بما يعزز دور الصندوق لاعبًا رئيسيًا في دعم الجهود العالمية في مواجهة تحديات المناخ.
تؤكد السعودية انطلاقًا من مكانتها الدولية، وموقعها الإستراتيجي في الشرق الأوسط، إلى تبني مبادرات بيئية وازنة، والتزامها بالعمل مع دول المنطقة من أجل تحقيق أهداف مبادرة الشرق الأوسط الأخضر لتكون نموذجًا عالميًا لمكافحة التغير المناخي، من شأن تنفيذها على الوجه الأمثل في أن يشكل فارقًا، ومن خلال إصرارها على تنظيم النسخة الثانية بالتزامن مع الحدث العالمي، لإيصال رسالة للعالم أن السعودية تبنت خريطة طريق طموحة وواضحة للعمل المناخي الإقليمي، تمكن من إيجاد فرص اقتصادية في المنطقة.
كما تمثل المبادرة إطارًا مناسبًا لتعزيز التعاون التقني والربط بين مراكز الأبحاث في الدول الأعضاء لتحقيق التكامل بين البرامج البحثية والتطبيقية المتعلقة بتكنولوجيا مواجهة تغير المناخ.
هناك العديد من الدول التي انضمت إلى المبادرة منذ إطلاقها هو دليل على الجدية التي توليها دول المنطقة العربية لجهود مواجهة تغير المناخ، سواء على صعيد اتخاذ إجراءات خفض الانبعاثات والتحول نحو الطاقة المتجددة، أو على صعيد اتخاذ إجراءات فعالة للتكيف مع الآثار السلبية لتغير المناخ، وهما جانبان يمثلان جوهر هذه المبادرة، التي تركز على بلوغ الإنسانية خطوط التماس مع الطبيعة فيما يتعلق بالشأن البيئي، لتجنب كارثة تمعن بالبشرية وعيًا بحجم المخاطر وإيمانًا بجسامة المسؤولية وثقل المهمة.
صدرت تقارير سنوية لمستقبل الطاقة لكل من أوبك ووكالة الطاقة الدولية قبل مؤتمر شرم الشيخ بأسبوعين، حتى منتصف القرن الواحد والعشرين مرحلة تصفير الانبعاثات، استشراف النفط العالمي، وأوضحت أوبك أن يبلغ الطلب على النفط نحو 110 مليون برميل يوميًا بحلول 2045، مما يحتاج إلى مضاعفة الاستثمارات إلى 12 تريليون دولار في مجالات الإنتاج والتكرير، خصوصًا مع مضاعفة النمو الاقتصادي العالمي، وزيادة عدد سكان العالم بـ1.6 مليار نسمة، وستخرج دول كثيرة جدًا من دائرة الإنتاج، ولن يتبقى سوى دول محدودة في الشرق الأوسط وعلى رأسها السعودية.
فيما وكالة الطاقة ترى أن الوقود الأحفوري يشكل الجسر في مرحلة تحول الطاقة، وتعتبر ذروة الوقود الأحفوري في عقد الثلاثينيات وفق الرئيس التنفيذي للوكالة بيرول، وهو خلاف في التباينات حول التوقعات بين أوبك والوكالة، بل هناك تناقضات، فعندما تتوقع الوكالة تخفيض الطاقة الروسية إلى النصف، فمن الطبيعي أن يزداد الطلب على نفط بقية دول أوبك الرئيسية لأن من دول أوبك من ستصبح قليلة الإنتاج أو يتوقف إنتاجها مما سيؤدي إلى انخفاض إنتاج أوبك.