عثمان بن حمد أباالخيل
الراكبون رؤوسهم والراكبات رؤوسهن لا يدركون مدى وعورة سلوكهم فهو طريقٌ وعرٌ يصل بهم عادة إلى الندم والضياع، نحن ندرك أنّ الناس تقول أحياناً (ركب رأسه) وهي دلالة على الإصرار على الأمر والعناد للإنصاط نقول في أحاديثنا العادية:( فلان ركب راسه)، أو (راكب راسه) أو (الناس راكبين رؤوسهم)؛ دلالةً على الإصرار أو العناد، وعدم الاستجابة للنصحِ أو الإرشاد، وهذا التركيب أصيل في لغة العرب القدماء، وليس طارئاً أو جديداً في لغتنا العربية المعاصرة.
وقمة ركوب الرأس حين يقال: (عليّ وعلى أعدائي يا رب)، هذا المثل لم يأتِ من فراغ ففي في قديم الزمان عن الشخصية العربية الشهيرة في التراث، شمشون الجبار والذي كان لا يقدر على قوته أحد، وحينما أراد أعداؤه الانتقام منه، عن طرق الغدر والخيانة، حدث ما جعله يقول قولته الشهيرة (عليّ وعلى أعدائي يا رب)، والتي صارت مثلاً شهيراً تناقلته الأجيال، حتى وقتنا الحالي. مطلقاً لا نريد أن يصل بالبعض إلى مأساة تؤثر على من حوله من أهله وأقاربه.
نحن على أبواب فصل الشتاء وفي هذا الفصل هناك الكثير ممن يركبون رؤوسهم إنهم المهايطون الذين يملؤون وسائل التواصل الاجتماعي بمغامراتهم غير المدروسة والمأساوية رغم تلك التحذيرات والإرشادات بالابتعاد عن بطون الأودية ومجاري السيول، والبقاء في الأماكن الآمنة خلال التنزه، وعدم الخروج أثناء هطول الأمطار الغزيرة إلا للضرورة. صور ركوب الرأس في المجتمع كثيرة ومنوعة وملونة وجميعها تحدث حين يركب الإنسان رأسه ولا يقدر العاقبة. ركوب الرأس يحدث حين يصل الإنسان إلى نقطة التخلي عن الحكمة والروية والحوار ويدخل الشيطان في عقله ويملي عليه ما يريد من فرقة وتباعد تعوذوا من الشيطان حين تدخلون مرحلة ركوب الرأس.
(الندم هو صوت الفطرة لحظة الخطأ) مصطفى محمود.
لا تكابر، ولا تركب رأسك، ولا تظن أن العودة عن الخطأ تقلل من قيمتك الاجتماعية بل ترفعها فهذا دليل النضج الفكري. يقول الكاتب والروائي الأمريكي إرنست همنغواي «إن الموتى والحمقى هم الذين لا يغيرون آراءهم أبدًا». لا تركب رأسك، لا تركبي رأسك، ولا تتمسكا بآرائكما لدرجة تصل بكما إلى درجة التعصب، واستمعا إلى الآراء التي تنقذكما من الوحل الذي تعيشون فيه، هذا مع العلم أنهما يعرفان أنهما يتجهان إلى الطريق المسدود، ويركبان رأسيهما ويستمران.
الإنسان السوي والإنسان الذي يركب رأسه ما أكثرهم في محيطك الشخصي وفي المجتمع حين تسأل نفسك هل أعرفهم؟ سوف تجد الإجابة دون عناء إنهم كثر والبعض الآخر يخفي نفسه عن أنظار من حوله. أيها الراكبون والراكبات لا تركبوا رؤوسكم بل اركبوا قطار التأني والحكمة فهو الذي سيصل بكم إلى بر الأمان وليس إلى جحيم الندم وما أكثر الذين ندموا ولكن بعد فوات الأوان وكما يقال بعد أن وقع الفأس بالرأس.