يعد المسرح أول نوعٍ مِن أنواعِ الفُنون والذي عُرف قديماً عند أغلب شعوبِ العالم، فله دورٌ بارز في التأثيرِ بالعديدِ مِن الفُنونِ الحديثة، وخصوصاً المُرتبطةِ في مجالِ التمثيل التلفزيوني والسينمائيّ، ويعرفُ المسرحُ أيضاً بأنهُ الفنُّ الذي يسعى لترجمةِ النص الورقي إلى مجموعةٍ مِن المشاهد الواقعية والحقيقية التي تعتمدُ على دَورِ المُمثلين في تنفيذها بشكلٍ مُباشر أمام الحضور (الجمهور) على خشبة المسرح, والذي يسهم في تمثيل الواقع ويعكس كل ما يحصل به، حيث يمثل جميع القضايا التي تحصل في المجتمع بصورة واضحة أمام الناس ويطرح بعض الحلول لها, لهذا تظهر أهميته في كونه أحد أسباب الكشف عن أهم المشاكل الاجتماعية أو الاقتصادية التي يعاني منها المجتمع، ويزيد نسبة الوعي لدى أفراده لما يدور فيه من أمور مختلفة تمس أسلوب حياتهم, كما أن هذا الفن يعد نوعًا من أنواع التسلية والترفيه عن النفس، فيقضي الناس بعض أوقاتهم لمشاهدة هذه المسرحيات للترفيه عن أنفسهم، ويبعث فيهم نوعاً من الراحة مقابل ما يواجهونه من ضغوطات كثيرة بالحياة, وقد يساعد المسرح أصحاب الأفكار المتحررة وبعض المثقفين على نشر أفكارهم بين الناس لتوعيتهم تجاه فكرة محددة - خاصة من الناحية السياسية - فالكثير من المخرجين كانوا يعكسون رفضهم للسياسة ونظام الحكم عن طريق الفن المسرحي.
ويتنوع المسرح حسب مواضيعه, ومن أشهر أنواعه: الموسيقي, الكوميدي, التراجيدي, التجريبي, التاريخي, السيرة الذاتية, وغيرها من أنواع.
وإيمانًا من القائمين على المؤسسات الثقافية بأهمية المسرح ودوره في المجتمع فقد أخذت على عاتقها العناية بالنشاط المسرحي الذي ظل حاضرًا باستحياء في المناسبات والأعياد، من خلال عرض عددٍ من المسرحيات التي تتنوع في مضمونها وأشكالها, واجتهدت الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون منذ أكثر من 40 عامًا على تقديم العديد من الدورات والبرامج التدريبية الخاصة بصناعة المسرح وتأهيل الكتّاب والممثلين المسرحيين, لكن ظل المسرح السعودي متأخرًا ولم يتقدم بالشكل الكافي لمنافسة بقية المسارح العربية رغم توفر الميزانيات فقد كان تحجيم وجوده متعمدًا لأسباب اجتماعية ودينية, وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين محمد بن سلمان حفظهما الله تغير دور المسرح السعودي مع انطلاق رؤية المملكة 2030 وتفعيل البرامج المنبثقة من الرؤية وأهمها جودة الحياة التي تعمل على بناء وتطوير البيئة اللازمة لاستحداث خيارات أكثر حيوية تعزز من أنماط الحياة الإيجابية، وتزيد تفاعل المواطن والمقيم مع المجتمع وفتحت آفاقًا جديدة لقطاعات جودة الحياة مثل الرياضة والثقافة والتراث والفنون والترفيه والترويح ونحوها.., والمسرح أحدها, حيث تم استحداث 11 هيئة ثقافية منها هيئة المسرح والفنون الأدائية التي تسعى لتطوير هذا القطاع المهم، وتمكين المواهب السعودية لبناء مسيرات مهنية ناجحة وإنشاء محتوى يُلهم الجماهير, مع تفعيل دور العرض المسرحي، ونشر ثقافة العروض الأدائية لتصبح جزءًا من الثقافة الوطنية.
وتعد الفنون التشكيلية من الفنون المرئية وهي أحد الفنون السبعة وترتبط مع بقيتها في تحقيق أهدافها, ولهذا من المهم تشجيع أي مشاريع فنية تسعى لتحقيق هذا الاتحاد بينهم, وقد قام غاليري ليدو آرت بالخبر على المشاركة بمبادرة فنية لتحقيق فكرة الربط بين الفن التشكيلي والمسرح كأول طرح فني بالمملكة بإقامة معرض «مشاهد فنية» استقطب فيه أسماءً مختلفة من فناني المملكة وخارجها وعرض فيه 45 عملًا فنيًّا بأساليب فنية متنوعة تعبر عن رؤيتهم الخاصة للفن المسرحي, وقد افتتح المعرض الأستاذ عبد العزيز السماعيل رئيس مجلس إدارة الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون ومستشار وزارة الثقافة, الشخصية المعروفة بحبها للفنون والحريصة على دعم جميع مجالاتها في نهاية شهر أكتوبر الماضي, وقد صرح السماعيل بقوله: «عنوان المعرض «مشاهد فنية» يعنى بعناصر المسرح وتقاطعه مع الفنون الأخرى من رقص وموسيقى وفن تشكيلي مما جعل الفنان يحتاج إلى الاستلهام وهذه الحالة الاستلهامية وجدتها عند الفنانين المشاركين الذين خرجوا بلوحات تشكيلية رائعة فيها جرأة وتجاوز عن المألوف وتضمنت تعبيرات فنية مبتكرة, والمعرض مفعم وثري ويحتاج زيارات عديدة», كما صرحت الفنانة التشكيلية نوال العجمي صاحبة ليدو آرت غاليري الخبر بقولها: «الفكرة أهم عنصر في أي معرض تشكيلي وقد تفردنا بهذا العنوان انطلاقًا من اهتمام الدولة بالفن المسرحي كأحد روافد الثقافة, وحرصت على استقبال المشاركات من داخل المملكة وخارجها من المواطنين والمقيمين لتحقيق أهداف هذا المعرض الذي يؤكد أهمية الفنون التشكيلية كجزء من الثقافة وارتباطه بكل مجالاتها والتي تعمل على رفع مستوى الذائقة الفنية للمجتمع».
وقد صاحب المعرض أمسية ثقافية كانت محاورها: «علاقة المشهد المسرحي بالفن التشكيلي» إلقاء د. سعود الفرج مدير أكاديمية الفن بالكويت, والمحور الثاني «التحديات التي تواجه الفنان السعودي والحلول المقترحة» إلقاء د. هناء الشبلي مديرة إدارتي التخطيط والفروع بالجمعية السعودية للفنون التشكيلية «جسفت».
وقد حضر المعرض العديد من الشخصيات الثقافية والاجتماعية ورجال الأعمال من أهمهم حضور القنصل الأمريكي بالمنطقة الشرقية السيد: ديفيد ادجينتون الذي أثنى على مستوى المعرض وذكر أن هناك تطورًا كبيرًا للحراك التشكيلي السعودي وأكد على مدى أهمية إبراز هذه الأسماء السعودية أمام العالم.
** **
- د. هناء بنت راشد الشبلي
@hana_alshebli