الصداقة هي العلاقة الإنسانية التي تجود بها الحياة، هي ثروة المواقف والذكريات، رصيد شعوريٌّ في جيب الأيام، حيث يقاسمك الصديق السرور، ويشاطرك الترح، وتغمرك تلك الرابطة بالدفء «الصداقة الحقيقة لا تتجمد في الشتاء».
خزام! القاص الكاتب، الذي يعبق بالإحساس العميق الفلسفي، جمال اللغة! صفاء الطرح! سيل من الأفكار لا ينضب...! ينشر أضواءه محمولة على الطائر الأزرق.
شُددت لتغريداته، تأمُّلًا، وفحصًا، بدأ الاتصال في 2014م، التقينا من غير ميعاد إلَّا الصدف والأقدار الرائعة، دلَّني إلى عالم القراءة، السحر المبهر! ثم لاحقًا إلى قلبها الثقافي التطوعي، عرض بعض قصصه الواقعية ودروسها النافعة، شارك في إنشاء المبادرات، ويتمثل دوره في الاستشارات والمساندة في افتتاح ضياء الثقافة، حظينا في شرف مشاركته ضمن أمراء الأمسية التي أحياها أدبياً، وكرَّمنا في إهداء مجموعة نسخ وافرة من إصداراته وُزِّعت على المهتمين في الوطن العربي.
صقلته الأيام أكثر وأكثر، ولمع نجمه وغلا ذهَبُه من خلال المراكز الثقافية المتنوعة عضوًا في إدارتها، تنظيمها، تطويرها، بوصلته الشغف وسيرورته العطاء، لطيف وراقٍ في تعاملاته، بعيدٌ عن أيِّ تحيُّز، بشوش باسم المحيَّا...!
وسَّعت القراءة دائرة المعارف لديه وصولًا إلى تأسيس (نادي ضاد الثقافي) مستقطباً فريق عمل تجمعهم الروح العالية، والاحتراف التقني، والمدد المعرفي، أضافوا الإثراء والحراك على المشهد الفضائي الثقافي، فسجلوا لقاءاتهم التي بلغت حوالي 137 لقاء مع المؤلفين، النقاد، القراء، المتخصصين في شتى العلوم.
وكسائر المجتمعات قد تجد بعض معكرات الجو العارضة، فكان -غفر الله له- يعمل على مد جسور الود ولا ينتصر لرأيه مع ما يظهر لي أنه على صواب، مبدؤه كسب القلوب لا المواقف.
كان التواصل قبل رحيله أسبوعيًّا، وردّه على السؤال عن صحته (الحمد لله)، لا يشتكي ولا يئنُّ! بل على العكس كان متفائلًا بالمستقبل، ومتفاعلًا مع الأحوال العامة والخاصة، حتى ظننت أنه على وشك العودة سالماً معافى من الرحلة العلاجية في الولايات المتحدة الأمريكية، على أثر مرض عضال الذي أصابه، فاللهم اجعله رفعة في الدرجات.
سُجِّلت كلمات على الحائط الإلكتروني لصحيفة الجزيرة المباركة، عن كتابه: (نوضاء)، وفي أخرى عن كيانه الضادي، وذلك بتغطية جزء من نشاطاته، رغبةً في إسعاده والتعريف بجهوده في أراضي الوسائل الجديدة.
كان موته خبرًا فاجعًا، نزفت الدموع، وسالت الأقلام من رثاء المحبين، أفواج من الأحزان المتأججة، مشاعر ملتهبة من هول الصدمة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم القوي.
الآن أضع تلك العبارات البسيطة في رثائه توثيقاً عن الأخوة النبيلة التي لا توفي قدره، وأطمع في دعواتكم السخية الصادقة.
وجع الأصدقاء الفصيح
«عليك السلام
ورحمة ربي
وقِطفٌ من الورد
جلّلَ روحك
وكفّنها في بياض الغمام
وداعًا خزام
رحلتَ نديّا
تفيض يقينا
ولازال بوحك
يهطلُ فينا فنزدادُ ريّا
وداعًا خزام»
مرعي محمد
«مات خزام، الذي ربط على قلب الثقافة بحبل إخلاصه المتين.
أي حزن هذا الذي ورثته لنا يا صديقنا؟
ستظل تبكيك ذاكرتنا، وليالي الضاد!
ستحكي هذه المنصة سيرتك بكل اللغات.
يا لهذا الحزن الذي لا يهرم!
أي صوت سنستبدله بحنجرتك الدافئة التي لطالما قاومَتْ الوجع، وسافرَتْ عبر المسافات لتصلنا؟»
جابر مدخلي.
«رحل مبكرا لكنه أبى إلا أن يترك بصمة مضيئة في هذه الحياة.. »
حسين النعيمي.
** **
- محمد بن إبراهيم الزعير