يتبادر إلى أذهاننا من السؤال أن السائل قد وصل إلى نهاية مشوار حياته وظل في مفترق الطرق يُشاهد العابرين ويوزع بطاقات مواسية لهم.
فلنبحر قليلاً في أعماق تلك البطاقات:
بطاقة أنا استطعت تقدير ذاتي فماذا عنك أنت؟
بطاقة أنا حصدت الكثير من الإنجازات فماذا حصدت أنت؟
بطاقة في فترة قصيرة جداً أصبحت ثريًا أمازلت على حالك أنت؟
بطاقة أنا في السباق أكون الأول لماذا لم تصل أنت؟
بطاقة وجدت راحتي واستقراري فماذا تنتظر أنت؟
يقول علماء الجيولوجيا إن البراكين مسؤولة عن تأسيس الأرض، وهي التي سمحت للحياة أن تُزهر، فهي غنية بالمعادن المفيدة للصناعة والزراعة، وأن التربة الغنية بالرماد البركاني من أخصب أنواع التربة، وأن هناك من الأنهار ما هو شفاء بسببها.
في محاولة مني من خلال الحقيقة العلمية السابقة الذكر تقريب المعنى إلى الذهن وللإجابة على سؤال لماذا لم تصل؟
يحتل بعض ممن لهم الشهرة ذات الفقاعة السريعة الانفجار شبكات التواصل الاجتماعي، وللأسف لهم التأثير على القلة ولكن ليس تأثيرًا إيجابيًا كما تفعل البراكين، بل تأثير حارق سلبي لكل زرع أخضر يستقر في القلب أيضاً كما تفعل البراكين في حرقها للغابات والحيوانات ولكل شيء جميل لحظة ثورانها.
قال الله عز وجل في محكم آياته:
{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ }.
قال: امشوا ولم يقل: اسعوا.
جعل الأرض ممهدة للإنسان يمشي عليها لكسب رزقه كما يرى هو ويحب بطريقة تختلف عن غيره.
للأسف في هذا العصر هناك قِلة ممن تُظهرهم لنا وسائل التواصل الاجتماعي ممن سنطلق عليهم (الفلاسفة العديمي الفهم والرؤية)، هكذا يناسبهم.
يقرؤون كلمات عدة في كتب النجاح لأسخاصٍ تركوا بصمة في حياتهم وحياة غيرهم، ليأتي بها هذا الفيلسوف لينثر سم فكره على قلوبٍ ضعيفة تأثرت بهِ، والذي يهدف من خلال ذلك كسب رزقه من خلالهم.
ثريد لماذا لم تصل؟
أصبحت في يومٍ وليلة ثريًا بعد أن اعتمدت على ذاتي وتطويرها، هل تريد أن تصبح (ثريًا مثليًا) تابعني لنهاية الثريد...
هكذا تكون مقدمة الاستغلال، لأن في نهاية الثريد نجد أن جواب سؤاله دورة إلكترونية وكتاب قيمتها بسعرٍ غالٍ يوهم المشتري بأنه سيصبح بسببهما من الأثرياء.
والحقيقة التي يجهلها البعض بأن سبب ثراء ذلك الفيلسوف هو أنهم من دفعوا له قيمته وزيادة أرقام حسابه.
فخلف الكواليس الثريد هو كالبالون التي تبدأ بقليلٍ من الهواء لتصبح مكتملة وسرعان ما ترتفع إلى طموحٍ مُزيف وربما من زيادة العبء قد تنفجر بوجه صاحبها.
ليس عيباً أن تكسب رزقك ولكن لا تكن كالمشرط الذي يكسر عظامًا متهالكة بلا رحمة تشعرها بأن علمك محتكر وذو حقوق محفوظة وهي مجرد نسخ ولصق لسطور مكررة.
وقفة:
الحياة أجمل بكثير من رؤية ذلك الفيلسوف بسيطة جداً بقناعة أهلها بها.
رسالة:
ليس كل فيلسوف يحتذى به فهناك من يضع الشوك في درب غيره ليدعي بأنه يملك مداواة جرحه.
فكن أنت أيها المتلقي على دراية جيدة بأن هناك من سيرشدك بالمجان دون أن تدفع
فاختر ما ينفعك علمه في فراغات حياتك.
دون ثريد يفقرك أو صفحة تقتل تفاؤلك.
** **
- فلوة العائض