عبده الأسمري
من منظور إسلامي ومنطلق عقلي تأتي الأخلاق لتنظم سلوكيات الإنسان وترتب مسالك النفس وتسهم في وقاية البشر من الانزلاق في «منحدرات» التخلف والانحدار إلى «منعطفات» الرجعية حفاظاً على «الهوية» الإنسانية التي تنأى بالآدميين من الوقوع في المهالك احتكاماً إلى «سلطة» العقل و»سلطنة» المنطق.
يسهم الوعي البشري في إدارة السلوك في مراحل عمر الإنسان وفق منهجية تعتمد على موجهات التربية واتجاهات التعليم وفرضيات النظام وإطارات القيم التي تتحد جميعًا في ارتفاع مستوى «التفكير» ورقي محتوى «التدبير» حتى يعيش الإنسان بأمان نفسي ومأمن اجتماعي يقيه من «مصارع» السوء وينقذه من «مواجع» الخطأ.
في كل حقب «التاريخ» جاءت العديد من «العبر» وحلت الكثير من «التجارب» لتبرهن عن أهمية الارتهان إلى «الاعتبار» بما حققته العلوم وما أنتجته المعارف من علو «مقام» المجتمعات وارتفاع «قيمة» الشعوب، وظلت الأخطاء المستمرة «وجهاً» بائساً شوه جمال «التفوق» نتيجة الغفلة عن «التفكر» والتغافل عن «التدبر» بشأن تلك الحملات السرية والخلايا الخفية التي كانت تنثر «سموم» التغيير المخالف للأسس والمنطلقات والأصول مما أدى إلى تفشي «الجهل» وشيوع «السفه».
الهوية الأصيلة والحقيقية في ارتداء «الرداء» الذي يناسب «مقاس» الطبع ويوازي مقاييس الأصول ويوائم معايير المبادئ وأن يكون السير في دروب التغيير مقترناً مع الوجه الأصيل الثابت الذي لا يرضى بمن يشوهه بجراحات «تضليل» تغير ملامحه وتبدل مطامحه وتجعله غريباً تائهاً يبحث عن مرسى البدايات.
ترتفع «لا» النهي عن كل ما يسيء لجوهر الخلق النبيل الذي تحول من سمة إلى «إرث» تتوارثه الأجيال بكل فخر وتتناقله المراحل بكل اعتزاز لأنه «الدرع» الحصين أمام كل حاقد و»المعني» الثمين أمام كل مغرض حتى نسمو بسلوكنا من «أسلوب» حياة إلى «اتجاه» نجاة وصولاً إلى الانتهال من «مكارم» الأخلاق والنهل من «مغانم»الوفاق.
السلوك معيار أول يحدد هيئة «الشخصية» ومحك أمثل يوضح نوعية «الهوية» وتندرج على ضوء ذلك العديد من التداعيات والأساسيات والمنطلقات التي تعتمد على «التربية» الأسرية وتتعامد على «التهيئة» المجتمعية، وفي ذلك يفرق بين عزائم الذات وهزائم النفس وفق آفاق الأمنيات وأبعاد التوجهات وتتجلى وسط ذلك «الفروق» الفردية بين البشر ويرتفع صدى «الاستعداد» ويعلى مدى «السداد» فتأتي «النتائج» متباينة وفق التنوع ومدى استقبال الإنسان للمثيرات والمؤثرات وكيفية التعامل معها والتكيف بشأنها ضمن فكره وسلوكه وتعامله.
لا بلغتنا العربية الفصحى في إطارات من «النهي والنفي» لكل اتجاه أو وجهة ترمي بنا في سوءات «التخلف» وتمضي بما نحو متاهات «التأخر» وما أصعبه من فكر يرى في «تبدل» دخيل على العادات والطبيعة الاجتماعية مؤشر نحو «التطور» وهو في حقيقته تأكيد على «التدهور» الذي سيكون ثمنه «باهظاً» ومسحوب من «أرصدة» الرضا.
الحرية مطلب شرعي ومتطلب حياتي متى ما اقترنت بأسس «الشرع» وتقارنت مع أصول «المجتمع» وامتثلت لأركان «النظام» حينها سيكون المنتج محاطاً بكل أدوات «الوعي» وشروط «السعي» نحو تحرر النفس من «قيود» التشدد و»جمود «التأقلم شريطة أن يكون «السلوك» في مساحات «احترام» النفس والآخرين والالتزام بالثوابت التي ستظل «إطارات» تحد دروب الإنسان وتحميه من الانحراف إلى «مسارات» أخرى تحول المفهوم من «السواء» إلى «السوء».
يقتضي «التطور» أن تمضي في الحياة متشرباً من «ينابيع» التجارب وأن تنظر بعقلانية وحكمة وروية إلى كل الآفاق التي تحمل إليك «رياح» التغيير والتي تتراوح ما بين «موجات» فتن تتطلب «الاستعداد» لها ومواجهتها بتوجيهات الدين وموجهات التوجيه وما بين «هجمات» احتيال تستوجب»الحذر» منها ومقابلتها بثبات «الرأي» وأثبات «الفهم».
لدينا السلاح الأعظم والذي يبقى «صامداً» في وجه التخلف «عاتياً» أمام موجة «التغير» الا وهو «القيم» التي تعد «العنوان» الأبرز الذي يعكس «النعم» الكبرى التي تربي في داخلنا الصلاح وتعلو شأننا بالفلاح لصناعة الحاضر المبهج وصياغة المستقبل المشرق في مسارات ومحافل من الأمن النفسي والأمان الاجتماعي والوعي الفكري.