عمر إبراهيم الرشيد
هناك مقولة منسوبة إلى وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر وهي أنه لاينبغي لمصر أن تقوى ولا أن تنهار. وحقيقة حين تتأملون هذه الجملة فكأنها تمثل العقلية السياسية الغربية بشكل عام وليس الأمريكية فقط، فنظرة إلى الوضع في اليمن مثلاً ومماحكات بريطانيا وحدها ندرك جلياً صدق هذا الاستنتاج. صحيح أن الصراع بين الخير والشر باقٍ مابقيت الحياة الدنيا، إنما جعل العالم مشتعلاً بالتناوب كما يخطط له أرباب صناعة الأسلحة والأدوية والسلع الاستراتيجية، ومن خلفهم من الأسر الثرية التي تمتلك معظم ثروات العالم بسبب تلك الصناعات، هو الغاية بحد ذاتها لكي لايقوى إلا دولهم وكياناتهم الاقتصادية. والسبب الآخر هو حضاري وذو بعد عقائدي مهما بعدوا عن عقيدتهم، وهو إبقاء العالم الإسلامي في معظمه إن لم يكن كله مشغولاً بنزاعاته وحروبه وبالتالي تخلفه السياسي والاقتصادي، ومادعم إيران الملالي وميليشياتها لتكون وكيلاً لحربهم إلا شرح لهذه الحقيقة.
والعجيب أن هذه المسرحية بين الغرب وأمريكا من جهة وبين إيران من جهة أخرى واضحة الفصول والحبكة، بل إن هناك استغفالاً للعالم أجمع حيال هذا الأمر بل وضحكاً مكشوفاً على الأفهام والعقول، وبالتالي أصبح الكيان الصهيوني في نظر البعض حمامة سلام مقارنة بشرور الصفويين ونيرانهم في أكثر من بلد عربي، وبالتالي فهناك حلف قوي مابين هذه القوى الاستعمارية بمافيها الكيان الصهيوني - الاستعمار لايلزم أن يكون عسكرياً - ومابين هذا الحليف الفارسي الصفوي. ولقد شهدنا قبل أيام تصريح الإدارة الأمريكية تعبر فيه عن (قلقها) من تهديدات إيرانية بالهجوم على دول الخليج، وحين نتأمل توقيت هذا التهديد ونربطه بموقف المملكة و الامارات ومعها دول اوبك حول عدم زيادة إنتاج النفط، ندرك أسباب هذه النشوة الإيرانية لمد عربدتها إلى دول الخليج. ولاننسى بالطبع مارسمته المملكة من خطط اقتصادية بعيدة المدى في المجال الصناعي إلى جانب استقرار أسعار النفط وبالتالي تعاظم التدفقات المالية للمملكة، إضافة إلى القوة السياسية والمكانة الدينية، كل هذه وغيرها لاترضي الغرب بل تقض مضاجعه، وقد ضربت مثالاً في بداية حديثي لمصر لأنها مستهدفة كذلك إذا علمنا أنها تحقق نجاحات واستقراراً سياسياً واقتصادياً رغم حجم التحديات.
حمى الله بلاد الحرمين قيادة وشعباً ودول الخليج وأعاد إلى كافة الدول العربية المنهكة استقرارها وأمنها، إلى اللقاء.