عبدالرحمن الحبيب
الموظفون متحمسون لرؤية المملكة العربية السعودية 2030، والمزيد منهم يبحثون بنشاط عن وظيفة جديدة أكثر من ذي قبل، وأظهرت الجهات الحكومة ثقة كبيرة في مسؤوليها أكثر من القطاع الخاص.. وفقًا لاستطلاع رأي في دراسة أجرتها مؤسسة غالوب البحثية لعام 2022، عكست تفاؤلًا متزايدًا وتقييمًا أكثر إيجابية للحياة حسبما استخلصت الدراسة التي طرحت أيضاً تساؤلاً: هل تقوم الشركات السعودية بما يكفي لتسخير هذا الحماس في جهودها للمساهمة في الرؤية؟
أوضحت الدراسة أن رؤية المملكة العربية السعودية 2030 قُدمت لأول مرة في عام 2016 كخريطة طريق لتحقيق التطلعات الاقتصادية للمملكة وترقية حياة مواطنيها، حيث تصف الركائز الرئيسية الثلاث للرؤية تطلعات البرنامج: مجتمع نابض بالحياة واقتصاد مزدهر ووطن طموح. كيف تساهم أماكن العمل السعودية في هذه الركائز؟ أين تنجح، وأين يمكنها أن تزدهر؟ هذا ما يبحث فيه الاستطلاع.
في أولى الركائز الثلاث «مجتمع نابض بالحياة»، الذي يتضمن أيضاً تعزيز أسلوب حياة صحي، أظهر الاستطلاع، بالفعل، أن الصحة البدنية للموظفين السعوديين تبدو استثنائية، بناءً على التقارير الذاتية: حيث يوافق ثلاثة من كل خمسة موظفين (63 %) بشدة على أن صحتهم الجسدية قريبة من الكمال. يبدو أن الموظفين في وضع جيد فيما يتعلق بالصحة والعافية ولكن كيف يسجلون في الرفاهية؟ الصورة هنا ليست وردية للغاية فالرفاهية هي أكثر من مجرد صحة جسدية: أفاد أكثر من نصف الموظفين (57 %) أنهم شعروا بالإرهاق في الشهر الماضي بسبب ضغوط العمل. يؤثر الإرهاق بشكل مباشر على الأداء والإنتاجية. كما أن أقل من اثنين من كل خمسة موظفين (38 %) يوافقون بشدة على أن وظيفتهم تسمح لهم بقضاء وقت ممتع كافٍ مع أسرهم وأصدقائهم.
ما الذي يمكن أن يفعله أصحاب العمل للحد من الإرهاق وتحسين رفاهية الموظفين وعائلاتهم؟ يقترح التقرير أن قادة العمل بحاجة إلى تدريب المديرين على تحديد ومعالجة الأسباب الأكثر شيوعًا للإرهاق. يمكن للمديرين مساعدة الموظفين من خلال توضيح التوقعات، والمساعدة في تحديد الأولويات وإدارة أعباء العمل. كما يحتاج المديرون إلى علاقات ثقة حتى يتمكنوا من التحدث عن الرفاهية مع أعضاء فريقهم.
بالنسبة للركيزة الثانية «اقتصاد مزدهر» يذكر التقرير أن الاقتصاد السعودي ينمو بوتيرة سريعة، ومن المتوقع أن يكون من بين الاقتصادات الأسرع نموًا في العالم عام 2022؛ ليكون من أهدافه الاحتفاظ بالموظفين وجذب المواهب. وهذا يعني أن الشركات بحاجة إلى العمل بجدية أكبر لإنشاء أماكن عمل جذابة تحتفظ بالمواهب القيمة.
شهدت المملكة زيادة كبيرة في عدد الموظفين الذين يبحثون حاليًا بنشاط عن وظيفة جديدة (من 11 % في عام 2019 إلى 24 % اليوم). لكن ما الذي يجعل الموظفين السعوديين أكثر رغبة للانتقال إلى شركة أخرى؟ قد يكون أحد التفسيرات المحتملة مرتبطًا بانخفاض عدد الموظفين الذين يوافقون بشدة على حصولهم على رواتب مناسبة (43 % في 2019 مقابل 38 % في 2022).عنصر آخر يجب مراعاته هو منح الموظفين المشاركة ليقودوا الأداء ويدفعوا المؤسسة إلى الأمام. الموظفون غير المرتبطين بتلك المهام هم نفسياً غير مرتبطين بعملهم، يبذلون وقتاً ولكن ليس الطاقة أو العاطفة. أخيرًا، الموظفون غير المنخرطين بنشاط غير سعداء في العمل ومن المحتمل أن يقوضوا ما ينجزه زملائهم في العمل كل يوم.
تُظهر بيانات غالوب أن مشاركة الموظفين تلعب دورًا مهمًا في الاحتفاظ بهم. في حين أن ما يقرب من نصف (47 %) العاملين غير منخرطين بنشاط و22 % من العاملين غير المنخرطين يبحثون حاليًا بنشاط عن وظيفة جديدة، يتقلص هذا العدد إلى 19 % للعاملين المنخرطين. ويوصي التقرير بضرورة أن يعطي أصحاب العمل الأولوية لمشاركة الموظفين في مكان العمل إذا كانوا يرغبون في جذب أفضل المواهب في المنطقة والاحتفاظ بها، وهو عنصر أساسي في الازدهار التنظيمي والوطني.
الركيزة الثالثة لرؤية المملكة 2030، «وطن طموح»، تتمحور حول المساءلة والشفافية والفعالية في إستراتيجيتها. من العوامل الرئيسية التي تمكن الأفراد والفرق من الازدهار وتحقيق أداء متسارع هو الثقة في قادة العمل. يقول التقرير أن الخبر السار هو أن عددًا أكبر من الموظفين (54 %) يوافقون بشدة على أنهم يثقون في قيادة مؤسستهم، مقارنة بعام 2019 (48 %). والأهم من ذلك، كانت هناك زيادة في عدد الموظفين الذين يتفقون بشدة على أن قيادة شركتهم تجعلهم أكثر حماسًا بشأن المستقبل (47 %).
ومع ذلك، فإن الكيانات الحكومية تتفوق على القطاع الخاص عندما يتعلق الأمر بالثقة في قادة العمل (70 % حكومية مقابل 51 % خاصة). لذا، يوصي التقرير، بأن الشركات في المملكة العربية السعودية تحتاج إلى تكثيف الجهود لترقية وضعها لتصل إلى المستوى الحكومي.. الإمكانات موجودة، حان الوقت الآن لقادة الشركات للاستفادة من روح التحول والحماس لمستقبل المملكة.
أخيراً يوصي التقرير أنه من أجل زيادة إنتاجية موظفيها إلى أعلى المستويات الممكنة، يعتبر دور الحكومة في إشراك القوى العاملة في الخدمة المدنية في المملكة أكثر أهمية؛ وسيكون من الأهمية بمكان التركيز على زيادة تحويل الموظفين من المجموعة غير المشاركة إلى فئة مشاركة في السنوات القادمة..