عبد الرحمن بن محمد السدحان
1) أزعمُ أنّني مفتونٌ بقولِ أمير الشعراء أحمد شوقي حين صاغ حكمتَه الصَّالحةَ لكلّ زمان ومكان فقال:
وما نيلُ المَطالبِ بالتَمنِّي
ولكن تؤْخذُ الدُّنيا غِلاَبًا
* * *
* وأكادُ أجزمُ أن في هذا القول حكمةً لا تَبْلى ولا تبُور. وجيلُ اليوم الذي وُلدَ كثيرُون من أفراده وفي أفواههم (ملاعق) من الرفاهية، لابد أن يدركُوا ضرورةَ بناء قاعدة قوية من التأهيل لأنفسهم كيْلا يَبقوا «أسْرى» الرعاية ممثلة في (أبويّةِ) أهلهم، متَابعةً واهتمامًا.
* * *
* كما لابدّ أنْ يدركُوا يَقينًا أنّ عمليةَ التأهيل هذه طويلةُ الأجل، بطيئةُ الحركة، وأنها محفوفةٌ بمفازات الصِّعاب، لكنهم بعون من الله وتوفيقه لابد أن يصلوُا خّطًا للنهاية تحدّدُه قدراتهُم وحصَادُ جُهدهم لينعَموُا بعد ذلك بثمرة الشَّقَاء وصُولاً إلى الفوز بالغنَى عن الحاجة، والثقة بالنفس بعيدًا عن فتنة الاستعلاء على سواهم من وليٍّ أو حميمٍ.
* * *
* وليتذكّروا أنَّ زمنَهم هذا صعبُ الإرادة والمراد، صعبُ النّجاح والحلم، لكنّ لا شيءَ مسْتحيلاً يحولُ دون خوض التجربة حتى يبلغَ المرءُ سقفَ النجاح.
* * *
2) بوحُ خاص لمن يهمُّه أمرُه:
* يحاول كاتبُ هذه السطور أن يُقِم جِسْرًا شفّافًا مطعّمًا بعطر المحبة يصِلُهُ بِقُرَّائه الكرام، سواءً المحبّ منهم لحرفة، أو المعرِض عنه، أو الكاره له. ولكلّ المنتمين إلى المسَارات الثلاثة أقولُ إنني (أُثَمّن) للمُحِبِّ تقديره، و(أتفهّمُ) للمعرض إعراضَه، و(أتسَامح) مع (كره) الكاره له.
* * *
* لا، بلْ أزعمُ أن الأطرافَ الثلاثةَ المشار إليهم ليسُوا إلاّ (مجتهدين) في طرحهم. وعلى الكاتب الذي استنْفر قلمُه (خياراتِ) الإقبال عليه تأييدًا، أو النأي عنه تحفّظًا، أو الرفض له اختلافًا عليه أن يُحكّمَ العقلَ وحُسنَ الظنّ، في مَنْ أنكر موقفَه أو استنكره، فكلّ منهم سلك دربَ الاجتهاد، ولم يزعمْ (الحجَة) له وحده دون سواه.
* * *
* وبمعنىً أفضل دلالةً، أتمنّى على صاحب الرأي المعارض ألاّ يدَّعيَ الحجةَ له وحده، ناصرًا لنفسه وشفيعًا، وأن تكونَ رؤيتُه نقيةً من هوى النفس، حليفةً للحق والفضيلة.