كيف البقاءُ وباب الموت مُنفتحٌ
وليس يغلق حتى ينفد البشرُ
ودعت الساحة الأدبية والشعرية أحد رموزها الشاعر الأديب أحمد بن صالح الصالح «مسافر»، الذي انتقل إلى رحمة الله يوم السبت 4-4-1444هـ، وتمت الصلاة عليه بعد عصر يوم الأحد 5-4-1444هـ، في جامع الجوهرة البابطين بالرياض ثم وُورِيَ جثمانه الطاهر بمقبرة شمال الرياض، داعين له بالمغفرة والرحمة.
ولقد كانت ولادته في محافظة عنيزة عام 1361هـ، ونشأ وترعرع بين أحضان والديه وأخوته، وبعد بلوغه السن النظامي ألحقه والده بالمرحلة الابتدائية وأكمل الدراسة في المرحلة المتوسطة إلى أن وصل إلى الصف الأول ثانوي، بعدها انتقل إلى الرياض مكملاً دراسته الثانوية في معهد العاصمة النموذجي، ثم بعد ذلك التحق بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ونال درجة البكالوريوس في مجال التاريخ وذلك في عام 1384هـ، وحصل على دورات تدريبية عدة في مجال الإدارة والتنظيم من معهد الإدارة العامة بالرياض، وقد عمل في وظائف حكومية عدة إلى أن وصل به المقام في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، حيث عمل مديراً عاماً للشؤون الإدارية بوكالة الضمان الاجتماعي حتى تقاعد عام 1417هـ، حميدةٌ أيامه ولياليه.
ولقد عاش أبا محمد في بيئة محبة للعلم والأدب والشعر، حيث كان والده الشيخ صالح بن ناصر الصالح - رحمه الله - محباً للشعر العربي ومتذوقاً له وله مجموعة من القصائد. كما كان له بالغ الأثر في تكوين شخصية الأستاذ أحمد واتجاهه للشعر حيث أهداه والده وهو في نهاية المرحلة الابتدائية مجموعة من الكتب الأدبية والدواوين الشعرية لما لمس منه من محبة الشعر والأدب وحضور مجالسهم الأدبية والشعرية:
الشِّعْرُ مِصْبَاحُ أَقْوَامٍ إِذَا الْتَمَسُوا
نُورَ الْحَيَاةِ، وَزَنْدُ الْأُمَّةِ الْوَارِي
وكانت محاولاته الشعرية قد بدأت وهو في المرحلة المتوسطة واستمر في ذلك إلى أن انطلق في فضاء الشعر، وقد سافر إلى مصر في عام 1392هـ، وعرض قصائده على عدد من الشعراء هناك فشجعوه على إصدار ديوانه الأول (عندما يسقط العرّاف)، وبعد ذلك توالى إصدار الدواوين الشعرية إلى أن وصل عددها اثني عشر ديواناً مطبوعاً وثلاثة دواوين بانتظار الطبع، وقد شارك في كثير من الصحف والمجلات بقصائد ومقالات متنوعة، وله إسهامات في عدد من المهرجانات والندوات والأمسيات الشعرية داخل المملكة وخارجها.
ولنا مع «أبو محمد» ذكريات جميلة ولقاءات وتبادل لإهداءات الكتب منذ عقود طويلة، وقد عرف عنه حبه للخير وملازمته للمسجد وقراءة القرآن وابتسامة تعلو محياه، ودماثة خلقه وتقبل لآراء النقاد في شعره بكل صدر رحب، وقد جُبل على هدوء الطبع - غفر الله له وأسكنه فسيح جناته - والهم أبناءه وعقيلته وأسرة الصالح كافة وكذلك خاله الأستاذ عبدالرحمن العليان وابن خالته الأستاذ حمد القاضي وجميع محبيه الصبر والسلوان.
فَأَحسَنُ الحالاتِ حالُ امرِئٍ
تَطيبُ بَعدَ المَوتِ أَخبارُهُ
يَفنى وَيَبقى ذِكرُهُ بَعده
إِذا خَلَت مِن شَخصِهِ دارُهُ
** **
- عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف