عبد الله سليمان الطليان
صورة التشويه للإسلام والمسلمين والعرب تكاد تكون معمقة في الوجدان الغربي, زادت وتيرتها بعد أحداث الحادي عشر من ستمبر بشكل كبير, وأصبحت مغذية للإعلام الغربي عند ذكر أي حدث يتعلق بواقع المسلمين والعرب, وهناك اعترافات, يقول الكاتب البريطاني ديفيد مندوال مؤلف كتاب « أوروبا والعرب « الذي أصدره المعهد الملكي للشؤون الدولية بلندن إن :» الإعلام الغربي يتسم بالجهل بالإسلام وبالتحيز ضده، وبأن قاموسه معبأ بكلمات متحيزة تصف العرب بالإرهاب. وهو تحيز يؤثر على الطريقة التي يفكر بها القارئ في الغرب وينتج عن ذلك عدم فهم ذلك العالم «.
وكاتب آخر هو لارسكين تشيلدرز وهو باحث بريطاني مؤلف كتاب عنوانه « الغرب والإسلام، هتك الذاكرة والخصام « استنتج في كتابه أن الإسلام تعرض في الوجدان الغربي لأكبر عملية تشويه حيث يقول « طيلة فترة تزيد على 1200 سنة ظل الإسلام يشوه من خلال معلومات وانطباعات إما منقوصة أو مكذوبة حتى تحولت تلك الصورة المشوهة إلى مسلمات مستقرة في الأعماق الغربية وحاكمة لعلاقة الغرب بالإسلام حتى هذه اللحظة « ويضرب أمثلة واقعية لإجحاف الغرب في تقييم العرب والمسلمين فيقول :» في التاريخ الرسمي الغربي والتعليم العام والإعلام الغربيين، هناك تجاهل تام وصمت مطبق لتك الحقيقة، ففي منتصف القرن التاسع عشر أفردت دائرة المعارف البريطانية للراهبة « هورسفيثا» ضعف المساحة التي خصصتها للخليفة الأندلسي عبدالرحمن الثالث, كما أن تاريخ العصور الوسطى لكامبردج الذي يضم 5000 صفحة لم يخصص للحضارة العربية في إسبانيا سوى 50 صفحة، وخصص المؤلف الأمريكي جيمس هارفي روبنسون وهو صاحب الكتاب الدراسي النمطي لعدة عقود، الذي يتناول العصور الوسطى والحديثة 10 صفحات فحسب للإسلام مما يزيد على 800 صفحة، وأنتج كينيث كلارك وهيئة الإذاعة البريطانية عام 1969م سلسلة تليفزيونية كاملة عن الحضارة دون أن يلاحظا أن هناك شيئاً من ذلك فيما وراء الغرب.
ويبين الكاتب أن هذا التجاهل وذلك الغبن تم عن قصد وسوء نية ويمثل جزءاً من سياسة مرسومة وليس نتيجة مصادفة محضة فيقول :» إن القادة الغربيين الدينيين والسياسيين على حد سواء، أرادوا أن يغيبوا عن الوعي العام أي شيء إيجابي حول الإسلام، ومن ثم فقد تمت تربية أجيال بعد أجيال على تناسي دوره وجرى تطويعهم عن طريق وسائل الإعلام للاقتناع بأنه لم يأت من عالم الإسلام والعرب شيء له قيمة، فيما عدا البنادق والخناجر والجمال والحريم والتطرف والأسواق الشرقية وعدم الجدارة بالثقة, والانحراف والطغيان «.
في بحث حول صورة العرب والمسلمين في التلفزيون وأفلام الكارتون قدم الدكتور حميد النفيس، أستاذ الدراسات الإعلامية المساعد بجامعة رايس في ولاية كاليفورنيا العديد من النماذج السلبية، من بين ذلك فيلم الكارتون الضخم علاء الدين، الذي بلغت تكلفته 36 مليون دولار واشترك في إعداده 600 فنان ظلوا يعملون ثلاث سنوات ونصفاً. أغنية المطلع تقول :
أتيت من أرض ، من مكان بعيد
تجوبه قوافل الجمال
ويقطعون فيه أذنيك ، إذا لم يرق لهم وجهك
هو مكان همجي حقا ، لكنه الوطن
ما ذكرته سابقاً يعتبر جزءاً بسيطاً من عملية التشويه المتعمدة فهناك الكثير, تعج بها وسائل الإعلام الغربية المختلفة, تأخذ أشكالاً متعددة كلها تصب في إعطاء صورة سلبية عن الإسلام والمسلمين والعرب بشكل عام.