سلمان بن محمد العُمري
ساءني مشهدٌ في أحد الأسواق المركزية لرجل كان يحاول أن يجد موقفاً لسيارته حتى اضطر لإيقافها بعيداً عن المواقف العامة، وفي نفس الوقت ازداد الأمر ضيقاً عندما رأيت رجلاً آخر مماثلاً له في السن أو يزيد قد أخذ مكانه بين الزبائن لينتظر دوره في صفوف المحاسبة (الكاشير) وتعجبت من حال هؤلاء وقلت أين تعليمات وحقوق كبار السن، ومتى تنفذ؟
ونقلت هذا الهم والمشكلة التي رأيتها لأحد الزملاء ونحن نتجاذب أطراف الحديث فقال: لقد تعرضت لما هو أسوأ من ذلك، وكما تعلم سمعنا قبل فترة عن نظام سوف يصدر لمراعاة كبار السن، ولا نعلم بعد ذلك أين توقف؟
لقد تعرضت قبل أيام إلى موقف مع أحد الشباب هداهم الله، حينما كنت أنتظر سيارة تخرج من أحد المواقف وإذا بالشاب يأتي من الخلف ويتعمد الدخول مكان الخارج، وعندما أفهمته بأنني كنت أنتظر خروج السيارة للوقوف مكانها لم يعرني أي اهتمام، ولم يقدر كبر سني ولم أستطع الدفاع عن حقي في هذا الموقف.
ويقول صاحبنا؛ إن هذا الموقف وغيره من المواقف السلبية، يستوجب علينا تسليط الضوء على ما يلي:
1- التأكيد على مشروع كبار السن وكيف يكون لهم حماية في بعض الأماكن التي يمكن أن يتعرضوا فيها لأذى خصوصاً في الشوارع.
2- لا نزال نقف في الصفوف (السرا) في بعض الأماكن حتى الرسمية منها دون الالتفات لعامل السن من الموظفين.
3- لابد أن تبدأ الجهات الحكومية وحتى العدلية بمراعاة كبير السن، ومع الأسف حتى بعض الدوائر العدلية لا يقدر كبير السن بل يقوم البعض بنهره، وهذا يحدث أيضاً حتى في المستشفيات فالمواعيد بعيدة جداً مع انتظار ممل أمام العيادات.
4- إذا كانت هناك لجان قائمة بهذا العمل لماذا لا يرسلون استفتاءً أو استفساراً لكبار السن لمعرفة احتياجاتهم خصوصاً وأنهم لا يتجاوزون 5% كما صرح بذلك أحد المسؤولين السابقين في مجلس الشورى.
انتهى كلام صاحبي، وقد نقلت معاناته وتذمره وأتفق معه في كثير مما تطرق له بأننا لم نشاهد أثراً وتنفيذاً فعلياً لمشروع حقوق كبار السن ولا يتم مراعاة حقوقهم لا في الأسواق والبنوك والمواقف، ولا في المحلات وحتى الخدمات الصحية.
وقد سعدنا جميعاً بعد موافقة المقام السامي ولكن التنفيذ ليس له أثر بعد.
وبنفس الوقت أتمنى أن تخصص أوقاف قوية لرعاية كبار السن صحياً واجتماعياً واقتصادياً، وهذا من أوجب الواجبات التي يجب أن تضطلع بها الأسر ابتداءً، والمؤسسات الوقفية عموماً.
نحن ولله الحمد في مجتمع يقدر هذه الفئة الغالية وتربى على آداب التعامل مع كبار السن، ونرى الإكرام والتوقير، وتقديمهم في المجالس، ومناداتِهم بأحب الأسماء إليهم، والتبسم في وجوههم، وعدم التدقيق عند هفواتهم، والإكثار من ذكر محاسنهم وإنجازاتهم، والإشادة بماضيهم الجميل، وعدم ذكر ما يكدر خواطرهم وهذا ليس على مستوى البيت بل حتى على مستوى الجيران والاجتماعات العائلية، ولكن التعاملات الرسمية وتخصيص بعض الحقوق وتنفيذها رسمياً لم تظهر على أرض الواقع، وقدوتنا رسولنا النبي صلى الله عليه وسلم؛ يقول: (البركة مع أكابركم).