بعد أن نشرت المقالة الأولى في ذات الموضوع، في صحيفة الجزيرة في العدد رقم 18117 في يوم الجمعة السادس عشر من شهر سبتمبر من العام الميلادي الثاني والعشرين بعد الألفين، جاءتني بعض الردود في وسائل التواصل، فأحببت أن أسترسل في الكتابة عن هذا الموضوع.
إن الأمر ليس فقط في أن نستبدل بالنظام السستم (system)، وبالراحة بْرِيك (break)، وغيرها من الكلمات التي أُقحمت إقحاماً في لغتنا العربية التي لا تنقصها كلمات تعبر عن تلكم المعاني. إن الأمر أعظم, إنها لغة القرآن ولغة المصطفى العدنان صلى الله عليه وآله وسلم. إنها هويتنا اللغوية، فالإنسان له هوية دينية يُعْرَفُ بها، وأخرى وطنية، وثالثة جسدية، وغير ذلك من الخصائص التي تميز بين إنسان وآخر.
إن هويتك اللغوية هي أن تتحدث عربية خالصة، فإن احتجت أن تتكلم الإنجليزية، تكلمتها خالصة، أَمَّا أن يكون جُلُّ حديثنا، تخليطاً مَقيتاً، ومَزْجاً بغيضاً، فتلك أضغاث لغوية، لا ريح لها وطعمها مر. نعم، قد تكون متحدثاً للغتين أو أكثر، وقد تفلت منك الكلمة الإنجليزية أو الكلمتان أو الثلاثة سهواً لا عمداً، في حديثك كله، فذاك قد تُعذر به، رغم أني قد استمعت لحديث الأستاذ الدكتور رأفت الوزنة في برنامج فلك الترجمة، وهُوَ مَنْ هُوَ في إتقان التحدث باللغة الإنجليزية بلكنتها البريطانية، استمعت له متحدثاً قرابة الساعة ونصفها، ولم أسمع منه إلا عربية خالصة، سوى نُتَفٍ من الإنجليزية في سياق إيضاح بعض المصطلحات الإنجليزية.
لقد عاينت هنا في بلاد الإنجليز وشاهدت طلبة يدرسون لغات أخرى غير لغتهم الإنجليزية، فلا تكاد تسمع منهم كلمات أجنبية عن إنجليزيتهم، سوى النزر اليسير الذي يُعَد على الأصابع. وأستاذي في الدكتوراه، أستاذٌ دكتور في اللغة العربية، وأحْضُرُ عنده كل مرة، فلا أكاد أسمع كلمة عربية، إلا القليل النادر.
لا يتطلب الأمر منا سوى إدراك هذا الأمر وتداركه، وتعويد الذهن واللسان وتطويعهما، أن لا ينطقا أو يتحدثا إلا عربية خالصة أو إنجليزية خالصة.
** **
د. عبدالله سليمان - جامعة الملك سعود
@AbSoNouraldeenQ