الثقافية - علي بن سعد القحطاني:
طرحت «الجزيرة الثقافية» موضوعًا مهمًا حول مصير «مخطوطات المؤلفين بعد وفاة أصحابها» في جزأين بمشاركة عدد من المثقفين وأصحاب دور النشر وأهل الاختصاص وتساءلت عن مصير مسودات الكتب بعد رحيل أصحابها في ظل اللا مبالاة من بعض الورثة تجاه مخطوطات الراحلين وعدم تقدير هذا النتاج العلمي والثقافي والفكري وقد تكون عرضة للإهمال والضياع ودور الجهات الثقافية والمكتبات الوطنية في حماية هذا التراث المنسي، وكان لتلك الحلقات صدى في الأوساط الثقافية من خلال التفاعل والتعليقات واليوم نختتم ذلك الملف المهم باللقاء مع الأكاديمي والمؤرخ المعروف الدكتور راشد العساكر واستهل حديثه عن أهمية تلك المخطوطات ومسودات المؤلفين وأسباب عدم المبادرة لنشرها وقال: لاشك وبصفة عامه «المخطوطات» إذا كُتبت وأطلقنا لفظ» المخطوط «فإن المتبادر للذهن يعود كل ما كُتب من اليد قبل تقريبا مئة سنة و»المخطوطات «المتبقية والمعروفة في العالم الآن و بعضها تعود إلى القرن الثالث الهجري والرابع وهكذا وصولا إلى اليوم فهذه عمليه متراكمة عبر قرون طويلة لكن ربما أنها وصلت خلال الفترة الحالية وأيضاً الوفرة الثقافية أيضاً في بلادنا فالبعض هناك لا شك انه مثل ما كانت الاحتياطات قديماً عند المؤلفين القدماء فهي موجودة عند المؤلفين المحدثين فتأتي أيضاً هذه الاحتياطات والاعتبارات مختلفة وفي سياقات مختلفة وجزء منها يعود عدم نشرها إلى قلة الوعي عند الأسرة أو عند من يُفقد إذا كان طالب علم ويكون لديه عدد من الأبناء وبالعادة جرت في هذه المنطقة وغيرها أن الأبناء يتولون هذه الوثائق وتُنتقل لهم بحكم التركة فبعضهم لا يهتم بنشر أو بالحفاظ على تراثهم المخطوط وغيرها من الاعتبارات وعدم الوعي بما خلّفه يعني الماضون و بعض لا يرى لها الأهمية من الفائدة في نشرها وقلة المال تأتي تباعاً وإذا كان الوعي كبيراً فسيكون العمل على نشر هذا الكتاب وقلة المال ليس في الحقيقة هو العائق الأكبر وربما يبادروا إلى جهات ثقافية أو إلى مهتمّين فيقومون بالنشر
وعن أهمية تلك المخطوطات المسودات يقول د راشد العساكر: أهميتها كبيرة جداً لأن تلك المخطوطات أو المسودات ربما كُتبت في يوم وكُتبت أيضا في سنة فحملت بتاريخ تلك الفترة ويعطيك من الأخبار ما لم تصلنا إلى اليوم، فهي كتابة وقتية في تلك الفترة الزمنية ، التي قد تكون خافية على تاريخنا أو خافية أيضا على مجتمعنا وبإخراج تلك «المخطوطات» لا شك أنها تقدم أهمية كبيرة لمعرفة أيضاً جزءاً من التاريخ الذي وصل سواء التاريخ الحضاري، التاريخ الثقافي، التاريخ العلمي وتكمن أهمية المخطوط نفسه في أيضا كشفه لتاريخ معيّن وتقديم الشيء المجهول، والشيء الخافي عن تراث أي أمة ومنها تاريخنا المحلي.
وغالبية الورثة إلا ما شاء الله لا يدركون أهمية تلك المخطوطات وقد يتسببون بالمبالغة في ضياعها والورثة بصفة عامة إذا توفي مثلا والدهم وهو طالب علم، فالعادة جرت أن التركة تعني الحصول على المال، وبعض الأبناء خصوصاً في الفترات الحديثة وبعد دخول التعليم والوسائل الحديثة في بلادنا استشعروا الحقيقة بما خلفوه آبائهم من تراث، وقد يعدم النشر إلى أنها قد تكون محظورة و فيها أشياء اجتماعية..، ربما فيها أشياء خلافية يتخوفون من نشرها، وربما يسعون أيضاً للنشر أو يقدمونها لبعض الجهات الرسمية والمراكز العلمية
ويشيد د راشد العساكر بدور المكتبات الوطنية في المحافظة على هذا التراث المنسي مثل «مكتبة الملك عبدالعزيز العامة»، و»مكتبة الملك فهد الوطنية»، و»دارة الملك عبد العزيز»، .. ويرى أن دورها توعوي وتصنع الوعي، ولا بد من صنع الوعي أيضا لدى هؤلاء الورثة بطريقة معينة والمبادرة للاتصال بهم ويبينون لهم أهمية هذه المعلومات التي خلفها آبائهم وتسليمها للمراكز، التي لديها الكوادر المؤهلة من الباحثين أو الموظفين للتعامل مع تلك «المسودات أو مخطوطات الراحلين».