سهوب بغدادي
عجّت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية بوسوم مناهضة للعنصرية والتفرقة على خلفية حادثة تعرَّض لها أحد المشاهير على التطبيقات الرقمية، وكانت التعليقات خلال البث المباشر للشاب تتمحور حول الشكل واللون والنسب أو القبيلة، في المقابل يمتلك ذلك الشاب مقوماً واحداً على الأقل -على حد علمي- للشهرة، فهناك دخلاء على التطبيقات وعالم الشهرة، فيقومون بتقديم كل شيء عدا المحتوى! فهل نحن بصدد أزمة محتوى؟ بمعنى أن الشخص الذي تعرّض للتنمّر اشتهر بتميز صوته ولكن لم يتم تقبل مظهره، في المقابل يتم تقبل الفارغين والفاغرين بسبب مظهرهم الملمع، هنا تكمن الأزمة عندما لا نفرِّق بين الأساس والقشور، وعندما تصبح الأخيرة سيدة المشهد، إن تأثير مواقع التواصل وأغلبية من يتواجد فيها يعمل على تسطيح المفاهيم والمبادئ والاعتبارات التي وجدت تلك الوسائل لأجلها في بادئ الأمر، إنها ظاهرة اجتماعية عالمية ليست حكرًا أو حصرًا على مكان أو بيئة بعينها، فالعنصرية والنبذ والتفرقة جميعها مصطلحات وممارسات منبعها «الخوف» فالإنسان كائن اجتماعي بطبعه ويمتلك حس الانتماء لمجموعة وفئة ما، الأمر الذي يجعله راضياً عن نفسه لينعم بحياة متوازنة بحسب هرم ماسلو للاحتياجات الإنسانية، إن عدم تقبل الشخص في فئة هو بمثابة رد فعل أولي وبدائي، لحماية النفس وما يتعلَّق بها، كالجسد أو الروح أو المفاهيم المرتبطة به كالسمعة والسيرة الحسنة وتمتد القائمة، فعلى الشخص أن يسأل نفسه عن منبع الإحساس الأساس، هل هو الخوف؟ أم العار؟ أم ماذا؟ ولماذا يقرّر بعض الأشخاص على مواقع التواصل الاجتماعي أن يقدموا على فعل «التعليق السلبي أو المؤذي أو الانتقاد أو الشتم» في حين يلزم البعض الآخر الصمت؟ قد يكون الجرح أكبر لدى شخص ما، وعدم الشعور بالأمان للنفس في حاضرها وماضيها ومستقبلها يقذفها من جرف الخوف، إن عدم التفاعل مع التعليقات السلبية أمر صعب للغاية ولكن الأسهل بالتأكيد الرقابة الذاتية أثناء التفاعل مع المحتوى والأشخاص، فالكلمة التي تخرج لا تعود، وتأثيرها قد يستقي جرحًا أكبر من جرحك لدى الشخص المعني، إلى جانب دور الجهات المعنية بالرقابة على المحتوى الرقمي في المملكة العربية السعودية، الاختلاف لا يعني الخلاف والتنوّع في المجتمعات من مواطن القوة، كلما اتسمت الجموع بالتقبل والتعايش كانت أكثر إنتاجية وتقبلاً للتغيير الإيجابي والتطور، كونوا مختلفين.