زعماءٌ من الشرق والغرب تهافتوا على زيارة دول الخليج العربي خلال الآونة الأخيرة، بدأت منذ قيادة السعودية لقمة العشرين، بل وقيادتها للعالم في أحلك شدائدها والجائحة، ثُم زيارة بايدن لها في قمة جدة ليكون ذلك أكبر وأحدث دليل على تأثير السياسات الخليجية في العالم الذي أصبح يخطب ودهم، رغم عداوتها لدول الخليج، لتُدرك تلك الدول وأنظمتها لكن متأخراً أنها في الجانب الخطأ وليس من مصلحتها مُجافاة الخليج العربي الذي يشهد اليوم تحولات عظيمة تسير في نسق طبيعي وسريع حيث فاجأوا العالم برؤيتهم الجديدة 2030 وكثيرون تعبوا من ما فاق توقعاتهم، كونها قوة اقتصادية كبيرة تخدم توجهاتهم السياسية والاقتصادية بل والأمنية، لتشق هذه التحولات اليوم طريقها بقوة وثبات وثقة وتصبح رقماً صعباً في السياسات الدولية.
ليس الخليج وليس العرب كما كانوا ضعفاء فهُم من أطلقوا سهام الحُرية وأنقذوا البشرية من العبودية، وهُم من أفشلوا مخططاتهم فيما يُسمى الربيع العربي المزعوم.
فما يشهده الخليج اليوم من تحولات نابعة من إرادته الذاتية دون الرضوخ لقرارات أحد مع تراجع التعنت الغربي ضد مواقفه حتى من (الغزو الروسي الأوكراني الأوروبي) من أجل إحداث تحولات رئيسة في مواقفها تلك، واتخاذ سياسات الضغط التي تنوعت بين عسكرية واقتصادية وسياسية وإعلامية، حتى لم يجدوا بُدَّاً إلا فتح الساحة العربية لإيران من أجل أن تعيث في بلاد الخليج وجيرانها إرهاباً ودماراً، لكن انقلب السحر على الساحر حتى بعد فشلهم أمام قرار أوبك +، واعترافهم بأن سياسات الضغط لم تعد تُجدي نفعاً مع دول الخليج العربي، كونها جميعها لحقها العار وبرهنت في أكثر من موقف أنها فاشل فقد رجع بايدن بخفي حُنين، وتبعه كبار الاتحاد الأوروبي لأجل الغاز الذي سيرون لعدم وجوده شتاءً قاسياً.
بالطبع إنهم العرب حيثُ تملك دول الخليج العربي تاريخاً طيباً وعلاقات اقتصادية مُستقرة بكُل دول العالم دون مُعاداة فهُم سلميون، تتجنب الصراعات وسياسات الاستقطاب من أي جهة كانت، ولهم علاقات متوازنة مع الجانب الروسي أو الصيني أو سائر الدول الشرقية والغربية، قائمة على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة كما تفعل إيران في دول جوارها العراق وسوريا ولبنان واليمن عبر حروب بالوكالة وإرهاب مليشيات قتلة.