كثير منا يكون له محيطه الخاص, اعني مجموعة معينة تضم أقرباء أصدقاء زملاء لهم مستويات مختلفة من الثقافة القولية و السلوكية, يمكن ان تكون راقية او متدنية, وهي تعكس شخصية ذلك الانسان الذي نخالطه على نحو كبير, وتبين مستوى تفكيره في حياته بشكل عام , تظهر جليه لمن كان ذا عقل تستوطن فيه الحكمة, ولعل ذخائر الكلام هي المقياس الأول التي تعطي صورة واضحة وصريحة عن شخصية المتكلم حتى لو من اول لقاء, قد يكون التصرف السلوكي معيارا متقدما يسبق القول, ولكن هذا يأتي أحيانا متأخرا ومستترا في بعض الأوقات.
هناك في مجتمعنا من يعتقد وبحسب ثقافته القولية التي تملأ المكان ثرثرة لا تنقطع, تخوض في أمور الناس عامة بشكل فظ وسلاطة لسان يعتبره هذا انس المجلس وانها تعطي نوعاً من التميز في الشخصية التي يمكن ان تصنع له مهابة ومظهرا اجتماعيا يذكر في كل مجلس ولقاء, طبعا هذه الثرثرة يمكن أحيانا ان تنزل الى الحضيض في الالفاظ تخدش الحياء تخرج من المتكلم او المتحدث بصوت جهوري فاضح, ونحن لا نعطي صفة التعميم ولكن هذه الصورة موجودة مع الأسف لدينا , الطامة الكبرى هي في وجود أطفال او حتى أبناء في مرحلة المراهقة الذين سوف يتشربون بهذا الحديث من المتكلم ويعتبرونه قدوة بقوة الالقاء.
أخبَرَ المُغيرةُ بن شعبة مُعاويةَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَنهى عن «قِيلَ وقالَ»، ويُقصَدُ به حِكايةُ أقاويلِ النَّاسِ عامَّةً، وحكايةُ الاختلافِ في أُمورِ الدِّينِ، ويَدخُلُ فيها الغِيبةُ والنَّميمةُ وكلُّ كلامٍ لا داعيَ له، والحِكمةُ في النَّهيِ عن ذلك أنَّ الكَثرةَ من ذلك لا يُؤمَنُ معها وُقوعُ الخَطأِ، ويؤيِّدُ ذلك الحديثُ الصَّحيحِ: «كَفَى بالمَرءِ إثمًا أنْ يُحدِّثَ بكلِّ ما سَمِعَ»، أخرَجَه مُسلِمٌ. ونَهَى أيضًا عن كثرةِ السُّؤالِ، أيِ: المَسائلِ الَّتي لا حاجَةَ لها، أو كَثرةِ السُّؤالِ في العِلمِ عمَّا في الدُّنيا أوِ الآخِرةِ، بالسُّؤالِ عنِ المُشكِلاتِ التي تُعُبِّدنا بظاهِرِها، أو كَثرةِ سُؤالِ النَّاسِ عن أحوالِهم حتَّى يُوقِعَهم في الحَرَجِ، أو كَثرةِ سُؤالِ النَّاسِ أموالَهم من غيرِ حاجةٍ».
** **
abdllh_800@hotmail.com