تلعب الأسْرَة دوراً مهماً وكبيراً في اكتساب الطِّفل في كثير من التجارب والخبرات المتعدِّدة وخاصَّة في مرحلة الطفولة المبكرة الَّتي يكون الطِّفل بحاجة ماسَّة إلى الرِّعاية والاهتمام من قبل الوالدين من ناحية نغمة الصّوت، والحضن الحاني، والتّسلية الجماعيَّة، والضِّحك التلقائي، واللَّعب حول المائدة، والقصص القصيرة وقت النوم، والاستعداد والاستماع إلى ميول كل طفل والإسهام في تنميتها.
فإن الأطفال بشكل عام حساسون جداً، ويحتاجون إلى البرهان المحسوس بأنهم يحصلون على الحب من قبل الآباء والأمَّهات الَّذين يستمتعون بأطفالهم.
وتتعدد مبادئ العاطفة والاهتمام عند الوالدين نحو أطفالهم بتطور النمو، فالطِّفل الصَّغير دائماً يحب المداعبة والمرح مع والديه والأسرة الحكيمة والواعية لكل صغيرة وكبيرة تحاول بقدر الإمكان غرس مبادئ المحبَّة والمودَّة والعطف والحنان لجميع أطفالها بعيدة كل البعد عن شتَّى التوترات والمشاجرات والاختلافات حتى يتمكن الطِّفل تدريجياً من معرفة أن الأب والأم يحبان كل أطفالهم بدرجة واحدة، وأنهما يحاولان بقدر المستطاع أن يكونا عادلين مع كافَّة الأبناء حتى يتعلم الطِّفل أثناء نموه كيف يصبح ودوداً مع الآخرين عن طريق العلاقات الدافئة التي يشعر بها من قبل والديه، وينطبق هذا أوَّلاً على إخوانه وأخواته - حتى تنمو الثقة بنفسه وهذه الثقة ضرورية جداً حتى يتمكن بعد الله من القدرة على المبادأة والحكم، واتخاذ القرارات بنفسه.
ويأخذ نموه في التحسن إذا كان والداه ثابتين في اتجاهاتهما نحوه, ويحتاج الأطفال إلى الثبات في نمط السّلوك الَّذي يُتوقع منهم اتباعه وأمام الآخرين أشياء كثيرة عليهم أن يتعلموها لكي يستعملوها بالتدرج في أثناء نموهم. ومن خلال هذه المقدمة القصيرة آنفة الذكر سوف أتناول الموضوع بشتَّى جوانبه وبطريقة مختصرة حتى أتمكن بعد الله من إفادة القارئ الكريم.
فإن النموَّ اللغويَّ يتضمن التغيرات الجسمية والفسيولوجية، من حيث الطول والوزن والحجم، وكذلك التغيرات التي تحدث في أعضاء الجسم المختلفة، وكذلك التغيرات العقليَّة المعرفيَّة، والسّلوكية الانفعاليَّة والاجتماعيَّة، التي يمر بها الفرد في مراحل نموه المختلفة.
والمعنى السّابق، يتضمن مظاهر النمو المختلفة للفرد، وهي (النمو الجسمي، والفسيولوجي، والحركي والحسي، والعقلي، واللغوي، والانفعالي، والاجتماعيِّ، والجنسي).
ويقصد بالطفولة المبكرة، ما قبل دخوله المدرسة وتمتد هذه المرحلة من نهاية الرّضاعة حتى دخوله المدرسة وسوف أتحدث عن مظاهر النمو اللغوي في مرحلة الطفولة المبكرة، والعوامل المؤثرة فيه، والتطبيقات التربوية التي يجب أن يعملها كل من الوالدين والمربِّين بصفه عامَّة، حتى يسير نمو الطِّفل سوياً في جميع مظاهره في هذه المرحلة.
فالنمو اللغوي كلمة ( لغة ) تطلق على التعبير الصوتي أو الشفوي بالكلام، والتعبير البصري أو التحريري بالكتابة
فإن النمو اللغوي في مرحلة الطفولة المبكرة، له قيمة كبيرة في التعبير عن النفس، والتوافق الشخصي، والاجتماعيِّ، والعقلي.
ومن مطالب النمو اللغوي في هذه المرحلة بالذات، تحصيل عدد كبير من المفردات، وفهمها بوضوح، وربطها مع بعضها البعض في جمل ذات معنى، وفهم لغة الأطفال والكبار.
فإن التعبير اللغوي في هذه المرحلة، يتجه نحو الوضوح ودقَّة التعبير والفهم، ويتحسن النطق ويختفي الكلام القاصر، مثل الجمل الناقصة، والإبدال، واللثغة، وغيرها.
ويزداد فهم كلام الآخرين، ويستطيع الطِّفل في هذه المرحلة بالإفصاح عن حاجاته وخبراته، ومن أهم مظاهر النمو اللغوي عند الأطفال ما يلي:-
1- كثرة المفردات اللغوية مثل الجمع والمفرد.
2- تبادل أطراف الحديث مع الكبار والصِّغار على حد سواء.
3- يطلق جملاً مفيدة.
4- يعرف معاني الأرقام
فإن التعبير اللغوي يمر بمرحلتين:-
1- مرحلة الجمل القصيرة.
2- مرحلة الجمل الكاملة.
فالبنات يتحدثن أسرع من البنين، وهنَّ أكثر تساؤلاً، وأكثر إبانة، وأحسن نطقاً، وأكثر مفردات من البنين.
يؤثر الجنس - على النمو اللغوي في هذه المرحلة كما يؤثر على الذكاء، فإن اللغة تعتبر مظهراً من مظاهر نمو القدرة العقليَّة، فالطِّفل الَّذي يتكلم مبكراً فإنه يتميز عن الطفل الذي لا يستطيع ذلك، ويرتبط التأخر اللغوي الشديد بالضعف العقلي.
فقد أثبتت الدِّراسات أن أطفال المؤسَّسات والملاجئ أفقر الأطفال لغوياً من الأطفال الذين يتربون في أحضان أسرهم.
وقد أكدت نتائج الدِّراسات أن الأطفال الَّذين يعانون من الإهمال الشديد يكونون أبطأ في تعلم الكلام، وقد يتأخر كلامهم ويضطرب.
فإن الأطفال بشكل عام يتعلمون الاستجابة بأصوات الآخرين من حولهم الذين يتحدثون إليهم ويربونهم، فإن عمليَّة تعلم اللُّغة تقوم على المفاهيم الأساسية لنظرية التعلم بصفة عامَّة مثل الارتباط والإثابة والتعزيز والتعميم والممارسة والدافعية.. إلخ
فإن التعامل والعلاقات الوثيقة، والاتِّصال الاجتماعيِّ السليم بين الطِّفل ومربيه، حيث تسهم إلى حد كبير في تقدمه اللغوي المبكر.
فالأطفال الأذكى يستفيدون لغوياً من الحكايات الهادفة والقصص المفيدة، أكثر من الأطفال الأقل ذكاءً.
فيجب على الوالدين مراعاة ما يلي:-
1- التدريب على الكلام يساعد في النمو اللغوي.
2- تعويد الطِّفل على عدم استخدام الألفاظ البذيئة.
3- رعاية النمو اللُّغوي، نمواً صحيحاً سوياً.
4- الاهتمام بسعة قائمة المفردات وطول الجملة وسلامتها والإبانة وحسن النطق.
فأن هذه النقاط آنفة الذكر أكثر فاعليَّة في هذه المرحلة المبكرة.
والله الموفق والمعين