رمضان جريدي العنزي
ابحثوا عن اليتامى والأرامل، نقبوا عن الأسر المحتاجة المتعففة، الذين {لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} وهم في حاجة وفقر وعوز، صنف من الناس سترهم الله بستره، فتسربلوا بستره، والتحفوا بالتعفف، هذا الصنف من الناس بحاجة ماسة لمن يبحث عنهم، ويتكبد لأجلهم العناء، {يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا}، تحسسوهم وتفقدوهم ولا تهنوا في ذلك، وأجبروا خواطرهم بصدقة تكون لكم جارية، وجهوا بوصلتكم نحو خدمة هؤلاء الضعفاء، لا يصيبكم التكلس والكسل والوهن في شأنهم، دقوا أبوابهم في ظلمات الليل، التمسوا الطرقات المؤدية إليهم، ازرعوا البسمة على وجوههم ووجوه صغارهم، أزيحوا عن أجسامهم وأرواحهم الأوجاع والآلام، ساندوهم بما تستطيعون، تعاضدوا معهم، وسدوا ثغرة الجوع والفقر والحاجة عنهم، وقبل ان ترموا نصف طعامكم في حاويات القمامة، وتضيعوا بعض أموالكم من أجل «الهياط» والرياء والنفاق والسمعة، تذكروا هؤلاء الذين ربما تتضور بطونهم من الجوع ألماً، وقبل أن تلبسوا أفخر الثياب والأحذية فتشوا عمن لا ثوب له ولا حذاء، وعن طفل لا كراسة مدرسية عنده ولا وجبة ولا ألوان، تذكروا هؤلاء قبل أن تهدروا أطنان المشروبات والأطعمة في حفلات باذخة عابرة، ومناسبات وتجمعات كلها هياط في هياط، ومسرحيات زيف وبهت ودجل، واستعراضات كاذبة، ولغو مبين، وتمثيل فاضح، ابحثوا عن الثواب في بطون الجوعى، وعلى جبين الفقراء، وبين دموع اليتامى، طوفوا في الطرقات والأزقة، واطرقوا أبوابهم الصامتة، لا تشبعوا بطونكم بالموائد العامرة، وبطونهم جائعة، لا تكسوا أجسادكم بالجميل من الثياب، بينما أجسادهم عارية، ولا تنتعلوا الأحذية الفاخرة، بينما أقدامهم حافية، انبروا لهذه الفئة من الناس ففيهم أجر عظيم، ورحمة من عند الله ومغفرة ومثوبة كبيرة، اسعدوا قلوبهم الحزينة، واجبروا أرواحهم المنكسرة، وابهجوا خواطرهم المتألمة، وفرجوا كربهم، ووسعوا ضيقهم، وأذهبوا عنهم الهم والغم، إن فعلتم هذه الأفعال النبيلة حتماً ستكون لكم عوناً في الدنيا وراحة نفسية وطمأنينة، وسعادة أبدية في الآخرة، سيسكن الهدوء والسلام أرواحكم، ستتبعثر همومكم وغمومكم، ويزول قلقكم، وتنشرح صدوركم، وستنبهجون كثيراً، ولن تبتئسوا مطلقاً، مطلقاً لن تبتئسوا، وستنجحون في كل شيء، ولن تتعثروا أبداً، وسيكون لكم شأن.