د. إبراهيم بن جلال فضلون
وفقاً لوثائق بريطانية، وقبل أكثر من سبعين عاماً، حذر (SIS) أهم جهاز استخباراتي بريطاني، بعد تقييم أنشطة التنظيم الإخواني في مصر من شعبيته الجارفة خاصة داخل الجيش، حيث استخدمت الدين غطاءً ولباساً لتصرفاتهم بمصطلحات وشبهات يظنها الناس ديناً، ليتعاطف الناس معهم، لكن سُرعان ما يكتشفون ضلالاتهم بغلو وتطرف وإرهاب وعبث وفساد وإفساد، وفتن، أساليب تجعلهُ مؤهلاً للفوز بأي انتخابات يمكن أن يدخلها، وهي طامة حال وصوله إلى حكم مصر، وقد حدثت واحتلوا القصر الرئاسي، وكانت النتيجة (ما سبق)، لأنهم ومن مبتدأ الأمر لا يحكمهم مبدأ ولا يمنعهم مُعتقد، قاعدتهم (الغاية تبرر الوسيلة)، وقد يجتمعون مع اختلاف الأفكار وتوحيد الغاية السياسية التي يُبرزها الإعلام الإخواني لهم بقنوات هشة. كشفت عادتهم القديمة بتكوين جماعات تابعة لهم، تنتهج العنف والتطرف، وتبقى الجماعة الأم تُنكره، ولا تُبرئه، كأفعالها المتصلة بتنظيم القاعدة وجبهة النصرة وداعش وغيرهم، لتحقق المكاسب، وفق الأهواء «البنائية» وأفكارهم التي ينفذها التنظيم السري أو العسكري من إرهاب وتفجير واغتيال، ليخرج الأب الشيطاني لهم «حسن البنا» مُنكراً الحادثة، ثم ظهرت جماعات التكفير والهجرة والجهاد من رحم القطبية.
إذاً: كان الدين هو محرك شرائح كبيرة منهم، حتى كانت شعاراتهم الدموية بها، كشعار حملة صلاح أبو إسماعيل في انتخابات البرلمان المصري عام 1979 -كنت وقتها في المرحلة الابتدائية، وبالقول:
«في سبيل الله قمنا
نبتغي رفع اللواء
ما لحزب قد عملنا
نحن للدين فداء
فليعد للدين مجده
أو ترق منا الدماء».
وظل هذا الشعار مكونًا رئيسًا في عقول التنظيمات حتى تلك اللحظات التي نعيشها وعاشها المصريون في ثورة الربيع المزعوم، واعتلاؤهم السلطة بتهديد ووعيد، وصل لقتل وفوضى واحتجاجات علنية كـ «رابعة» الدموية.
لقد ضجر العالم وتكدر من أفعالهم، وحذر عُلماؤنا، كابن باز في السعودية من خطر الجماعة، فقال- رحمه الله-: «حركة الإخوان المسلمين ينتقدها خواص أهل العلم لأنه ليس عندهم نشاط في الدعوة إلى توحيد الله».. وكان من أوائل من حذر منهم الإمام المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- حينما عرض عليه التنظيم الدولي إقامة فرع لهم في المملكة، مدركاً ببصيرته وحنكته قائلاً:» كُلنا إخوان، وكلنا مسلمون».
بلى، مشكلاتنا كلها جاءت من الإخوان المسلمين لقد تحملنا الكثير منهم، ولسنا وحدنا الذين تحملنا منهم الكثير، صدق في ذلك الأمير نايف بن عبدالعزيز، حتى بيّنها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في مقابلته مع صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية: «إن الإسلام اختُطف من قبل جماعات متشددة كالإخوان المسلمين والتنظيمات الإرهابية «داعش والقاعدة»، وهي كيانات شوهت الدين».
والآن بعد حصارهم سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، تم طردهم من عدة دول دخلوها، وبعد خلاف جبهات التنظيم وتشكيل «إخوان الخارج» «مجلسَ شورى جديداً»، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين، من مناصبهم، و»جبهة لندن» هيئةً عليا بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». فاقم الخلاف أشده حتى خونوا بعضهم بعضاً وصاروا أعداءً غير مؤلفة قلوبهم، فصنفتهم دول تنظيماً «إرهابياً»، وصدر بحق قياداتهم ومرشدهم العام محمد بديع أحكام بـ»الإعدام، والسجن المؤبد، والمشدد»، في اتهامات بالتورط في «أعمال عنف»، اندلعت بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي عن الحكم عام 2013، وعقب احتجاجات شعبية.
ما وجدوا باباً إلا وطرقوه ولا منصة إعلامية إلا وأُغلقت بوجوههم حتى أوقفت دول كانت تأويهم برامجهم المُنتقدة لمصر ودول الخليج أو التوقف نهائياً عن البث فيها كتركيا، ليعودوا لبيت الضباب البريطاني ومأواهم الأسود، لإطلاق فضائية جديدة من تبث سمومها لعالمنا، باسم «الشعوب»، وبإدارة الإخواني الهارب معتز مطر المطرود من تركيا، وتمويل شقيق مُستشار مرسي.