علي الخزيم
- إحصاءات حالات الطلاق والخُلع تطغَى هذه الأيام على مساحة من أحاديث المجالس ووسائل التواصل؛ وباتت مزعجة إلى حدٍّ بعيد وتقلق الأسر على مستقبل أبنائها وأحفادها، فالأرقام الرسمية لافتة، والحلول تبدو بعيدة وأحياناً مستعصية، والعلاقة الزوجية تحتاج لجهد حتى تثمر وتصبح ناجحة، على أن الخلافات الزوجية أمر طبيعي جدًّا؛ والأهم هو معرفة كيفية التعامل معها بالعقل والمنطق.
- من الضروري أن تصطبِغ الحياة الزوجية بستار ضافٍ من الخصوصية لديمومة العلاقة بوجهها الراقي السليم؛ فالمحافظة على الأسرة تبدأ من الحفاظ على أسرارها؛ وترك التحدث مع الآخرين عمَّا يجري داخل بيت الزوجية الحسن وغيره بقدر الإمكان، فهناك من يقتنص الحكايات العابرة لمآرب أخرى.
- مصطلح الشَّيطنة الزوجية: يحدث إمَّا بقصد أو غيره؛ فليس كل ناصح صادقاً؛ وإن صدق فقد لا يُصيب، الاجتهادات تكون قاتلة أحياناً، وظروف الأسر لا تتماثل فيكون القياس خاطئاً مُدمّراً؛ وهذا هو التَّخبِيب المَقِيت.
- من المؤكد أن لكل مجتمع ظروفه وأسبابه الداعية لكثرة حالات الطلاق؛ والحديث هنا عن مجتمعنا؛ حتى وإن أشارت الإحصاءات إلى تزايد الحالات بمجتمعات مختلفة، فما يُشاع هنا أن الشاب السعودي يبحث عن زوجة لا تخالف له رأياً ولا تعصي له أمراً، وتَستُر كل عيوبه إن وجدت، وإلَّا فالموعد المحكمة.
- ويشاع من الجانب الآخر أن الفتاة السعودية لا تريد سوى شاب يُلبي لها كل رغباتها، ويُلغِي مسألة التَّحجج بعدم المقدرة المالية، وأن يفهم قبل عقد الزواج أنها ليست أقل من غيرها - وهذه طامة كبرى - فمن هي (غيرها) تلك؟
- يحدث أن إحداهن -وهذا مؤكد- تطلب بعد بَهجَة فرحة الزواج أن يكون لها يومٌ مفتوحٌ لا يتدخل الزوج خلاله ببرنامجها، وسيكون مخصصاً للمقاهي والفسحات كيفما تريد هي، وربما عن طريق بطاقته المصرفية, قالت: لست بجارية إنما زوجة لي (كياني)، فهي قد فسَّرت المعنى بضده.
- بالمقابل تجد نمطاً لزوج شاب وقد (انفتحت شهيته) خلال سهرته نهاية الأسبوع بعد منتصف الليل ليطلب من الزوجة العزيزة أن تصنع له (كبسة دسمة خارقة للعادة), فتُذكّره هي بأنهم قد تناولوا العشاء معاً فما الداعي الآن؟ الجواب: (كبسة دون جدال)، ثم يَحتدِم النقاش، ويرتفع مؤشر الغضب تتبعه قائمة الاتهامات بالتقصير؛ ونبش الملفات المُغبرة (الله لا يعيدها من سهرة).
- مستظرف ينشر إعلاناً ترويجياً بتخفيض أتعاب المحاماة لمن ترغب الطلاق أو الخُلع؛ وذلك بمناسبة الاحتفاء بذكرى وطنية، وحينها استذكر متابعون لوحة إعلانية بدولة عربية تدعو لمثل هذا الهُراء؛ غير أن ناشطين تصدوا للمُعلن فأزيلت اللوحة وتم رسمياً إبعادها عن وسائل التواصل، هنا أقول: بِئس الزواج؛ وتَعِس زوجان تفرقهما لوحة إعلانية، أو دُعابة مُستظرِف لا يُقدِّر العواقب، ولن تكون زوجة تحمل هم أسرتها من أن تأخذها حكايات جليسات الضُحى والأمسيات حول دلة القهوة والمعجنات، فالعقل أولى بالتَّحكم بأمور بيتها دون العواطف وأحاديث من لا يريد لها خيراً، وأجزم أن الكثيرات أذكى من أن يهدمن سعادتهن وبيت الزوجية بالاستماع لتُرَّهات فارغات الوفاض.