كم من مادة هي خليط بين (الثقافة) و(أدبيات) اجتماعية، تجعلك في حيرة هل تنشرها بصفحة الثقافة، أم تذهب بها إلى ساحة الرأي، و..، مثل التالي/
ترا (عادي) وعادي جدّاً بالمجالس العامة أن تجد «أحدهم» وللتو قد عرف حديثاً، فيذكره بلا مناسبة، أو ألمّ بفكرة فيستدعيها في غير مكانها، أو يفهم حديثاً فيجعله تقريباً الدين كلّه، وعادي أن تتحدث فيلثمك أمي فقط لأنك قلت بمفردة هو عرفها على معنى ظنه هو الوحيد لها، وعادي أن تقول بقصّة تحاول إيجازها لأن قصدك فكرة ما تحوي فينبري إليك من يذكر لك بعض أطرافها بدعمه يصوب لك وباطناً تراني أعرفها، وعادي أن تجد أحدهم أوتي فتحاً على عبادة فيجعلها ذروة سنام الدين، وعادي أن تصوّب لأحدهم آية (والقرآن لا يمكن التجاوز عن ..) ليأتيك من يبكتك.
وعادي أن تقول بمعلومة - علمية- لتجد من يقول لك خبرك عتيق، فقد صوّب ما فيها فلان، وأنت تدري التصويب الذي ذكره فلان ذاك .. قد تراجع عنه، وعادي أن تجد أميّاً بين الحضور إذا ما بدأت حديثك بالتذكير بتقوى الله قال لك شايفنا مضيعين ديننا.
تلكم نماذج تُعهد في المجالس، ولكن هنا ليغلبك الحلم استحضر الآية (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ)، والحل إزاء هذه الحالة:
(فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحجر:99]
فإنك لا.. ولن تجد (مواساة) لك كمثل هذه الآيات، لكن الذي (قد) لا يكون عادياَ أن تقع على نموذجين بوقت واحد، لا تدرِ- إن رمت تصوّب-.. على أيهما تصدّ، أقصد تردّ
أو على حدّ ما عذّر به المتنبي لأميره الحمداني:
وسوى الروم خلف ظهرك روم
فانظر على..أي جانبيك (تميل)..
بالمناسبة أقول لفظة ( عادي) لأن ذاكم بالفعل بمكمن العادي أن تلفى مثل هذه، لكن الذي ليس بعادي.. أو هو الثقيل عليك/ حين يخوض أحدهم بمجالك، ثم لا يكترث إن بكّتك في علمٍ أنت ملمّ به، أقصد تخصصك، وكأنّه دون أن يشعر (يُسفّه) العلم الذي حصّلته..