عبده الأسمري
امتطى «صهوة» الصبر واعتلى «حظوة» الجبر فكان «الفارس» الطموح الذي لاحق بعد نظره ونال مجد انتظاره في «ميادين «المهام» ووسط «مضامين» «الإلهام»، فانصرف إلى «مطالب» الجد واغترف من مشارب «المجد».
حوَّل «اليتم» الباكر إلى «مادة» خام صنع منها أصول «المصابرة» وعاش فيها فصول «المثابرة» فخطى خطوات «الواثق» بين دروب «المغامرة» موجهاً قبلة أحلامه قبالة «التجارة» التي نال منها «سعة» الاطلاع وخرج منها بسمعة الإبداع مسخراً المهارة المبكرة في حصد الجدارة اللاحقة
بين محاولات رزق أولى تصادم فيها مع «عقبات» العمر و»عواقب» الترحال ومجالات كسب مثلى اعتمد فيها على «وثبات» المنافع و»ثبات» الدوافع، ترقى إلى مصاف «البارزين» وارتقى إلى مواقع «المبدعين».
إنه رجل الأعمال وكيل الساعات العالمية الشهيرة محمد العلي العبداللطيف -رحمه الله- صاحب ومؤسس شركات (الغزالي) أحد أبرز التجار المثابرين والمؤثرين في السعودية والخليج.
بوجه عامر بالصفاء كسته علامات «المشيب» واعتمرته ومضات «الطيب» وملامح نجدية تسمو فيها «إضاءات» الجدية وتعلو وسطها «إمضاءات» الندية مع تقاسيم وقورة تتكامل على «لحية» بيضاء تعكس «بياض» داخله ومحيا تتوارد منه «معاني «الفطنة» وتتقاطر منه معالم «الحكمة» وأناقة تعتمر الزي الوطني وشخصية وجيهة مألوفة تنبع منها صفات «التواضع» وتشع منها سمات «التقى» وكاريزما تكتظ بتفاصيل «الدراية» التجارية وعناوين «الخبرة» الاستثمارية، قضى العبداللطيف من عمره عقودًا وهو يؤسس «إمبراطورية» وطنية تجارية قوامها «الإخلاص» ومقامها «الأمانة» وقيمتها «التميز»، ومضى معظم عمره وهو يهدي للوطن بشائر «الاستثمار» ويعلِّم الأجيال بصائر «الاقتدار» ويرسم للاقتصاد «خرائط» من العصامية تحولت إلى «مناهج» من الاحترافية في بناء «صروح» الانفراد من «لبنات» الذكاء التجاري وتشييد «بناء» السداد من «أدوات» الوفاء الوطني ليكون اسماً متفقاً عليه في «موازين» الكفاح ورمزاً محتفى به في «محافل» النجاح.
في «الزلفي» السخية بزف «القامات» إلى «أعراس» الوطنية ولد عام 1355 في منزل صغير ليفتح عينيه محجوباً عن وجود «أب عظيم» بفعل وفاته وهو ابن العامين فارتمى في «حضن» والدة متفانية ملأت قلبه بموجبات «الحنان» وعزائم «العرفان» فنشأ «مخطوفاً» إلى «اتجاهات» التفاني و»منجذباً» إلى «أبعاد» المعاني معتزاًً بسمعة والده التي ملأت السمع والبصر في ثنايا عشيرته.
عاش تحت «رعاية» عمه الأصيل الذي تزوج والدته ليكون «الأب» الثاني والذي عوض رحيل «الأول» مكملاً الدور «الأسري» ومتماً الواجب «العائلي» فاكتملت «الرجولة» بدراً في أفق الطفل الذي كبر قبل «مواعيد» سنه ليساند أسرته باكراً بسد «ثغرات» الألم وملء «فراغات» الفقر ممتهناً العمل في جمع الحطب وبيعه مقابل «4 ريالات» وهو في عامه السادس.
قرأ القرآن الكريم على يد الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الغيث، والأصول الثلاثة على يد الشيخين حمدان الباتل ومحمد المنيع.
اشتدت مطالب العيش في بلدته مما اضطره للسفر إلى الرياض وهو ابن العاشرة حيث ودَّع والدته بالدموع واستودعته بالدعاء وسافر على متن سيارة لوري محملة بالأخشاب، وبصحبته ثلاثة من الأطفال الآخرين وسكن في وسط غرفة مظلمة يقطنها 6 أشخاص مغتربين من خارج العاصمة.
عمل في البداية صبياً لدى إحدى الأسر بأجرة قدرها ثلاثة ريالات بالشهر وترك العمل في يومه الأول لعدم توافقه مع «شخصيته» ثم عمل في مهنة «قائد» لشخص كفيف واختلف معه ليعود إلى مسقط رأسه الزلفي بسبعة ريالات ثم انتقل للعمل في نقل التمور على الجمال من الأحساء إلى الرياض والعكس مقابل 32 ريالاً في الشهر.. وانتقل إلى الكويت في محطة عمل جديدة وهو ابن السابعة عشرة وعمل في جمع «الخرسانة» وبيعها للمقاولين مقابل 15 روبية في اليوم، وجمع مبلغ 1500 ريال ثم عاد إلى الزلفي وتزوج. وسافر بعدها إلى الرياض مع اثنين من أعمامه ليقرأ لهما أوراقهما وأتم أول صفقة في حياته بشراء شنطة بقيمة 45 ريالاً في حراج وباعها بـ99 ريالاً، ثم بدأ في بيع وشراء الخردوات على أحد أرصفة «البطحاء» ثم استأجر محلاً عمل فيه دلالاً بسعي نسبته 2 %، وشد انتباهه شراء الساعات للأناقة أو الحاجة فافتتح محلاً في شارع الثميري، ثم امتهن التحريج على الساعات الشهيرة وحصل على أول وكالة لساعات «رادو».
واتجه محمد العبداللطيف لبيع الساعات، حيث كان يأخذها من التجار ويبيعها مقابل سعي قدره عشرة ريالات عن كل ألف ريال، ثم استورد الساعات من الكويت وبيروت ليبيعها للحجاج، واتسع عمله وافتتح محلاً في الصفاة بالرياض ونقله للبطحاء وافتتح محلاً آخر في شارع الثميري، وبدأ توفير موظفين في «المتاجر» التي باتت تبيع جميع أنواع «الساعات» ذات الماركات العالمية.
وتطور عمله وافتتح فروعًا عدة وعقد الاتفاقيات مع الشركات الكبرى في مجال الساعات ليكون «وكيلاً» لها بالسعودية، وقام بفتح «فروع» عدة وتوسعت تجارته لتشمل منتجات أخرى في مجال الإكسسوارات والنظارات والعطور والأزياء.
حوَّل العبداللطيف اسم شركته إلى (الغزالي) وهو اسم تجاري تعود تسميته إلى أن لقب «الغزال» الذي كان يطلق على عمه فرأى أن يقتبس منه مسمى شركاته.
انتقل العبداللطيف إلى رحمة الله يوم 10 ربيع الثاني عام 1435هـ بعد عقود طويلة من العمل الدؤوب والتفوق الشخصي الذي جعل ذكره مقترناً بالإنجاز والاعتزاز وأبقى لأبنائه البررة الإرث القويم من التربية الصالحة والوجاهة الفالحة والذين زرع في ذواتهم «النبل» و«الفضل» وعشق التنافس ونزاهة البيع وأمانة الاستثمار وإخلاص النية وكفاءة المنتج وجودة الأداء وحسن الخلق وطيب التعامل وصفاء النية مما جعل شركتهم العملاقة دائمة التفرد ومستديمة التميز حفاظاً على «الاسم العريق» و»المعنى الحقيق» و«المنتج المستحق».
سيرة مضيئة بفرق «الأرقام» ومسيرة استثنائية بفارق «المقام» وذكر حسن واستذكار مبهج في عطايا «دعوات» محتاجين و»ابتهالات» معسرين كان ينشر لهم «ضياء» البذل في عتمات «الاحتياج» ويبقي لهم «إمضاء» العون أمام عتبات «العسر» في أعمال خيرية ومناقب شخصية ظلت صدى لأسمه ومدى لفعله.
محمد العلي العبداللطيف.. التاجر الحصيف والمستثمر العصامي ورجل الإحسان الذي حول «الصفر» الإجباري في دروب «البدايات» إلى «رقم» صعب و»عدد» صحيح في معدلات «الخير» ومعادلات «التقدير».