د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
كتبت في صحيفة الاقتصادية في 6 أغسطس 2008 مقالاً بعنوان نحو أفق مرحلة جديدة من التصنيع معلقاً على تصريح وزير التجارة والصناعة آنذاك من أن وزارته تسعى من خلال الخطة الاستراتيجية الصناعية إلى مضاعفة نسبة الصناعة من الدخل القومي لترتفع من 10 في المائة إلى 20 في المائة بحلول عام 2020، ومن قبل تنبأت في دراسة علمية قمت بنشرها بإحدى المجلات العلمية بارتفاع حصة الصناعة في الناتج القومي من 10 في المائة عام 2000 إلى 20 في المائة عام 2010 اعتماداً على متغيرات حدثت في بداية الألفية الجديدة خصوصاً بعد صدور نظام الاستثمار الجديد الذي يسمح بالتملك الكامل للاستثمار الأجنبي وتخفيض نسبة الضرائب وترحيل الخسائر غير المحددة مما يجعل الاستثمارات العالمية تسهم بدور رئيس في توسيع القاعدة الصناعية.
الاستراتيجية الوطنية الصناعية التي أطلقها الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء عبر مضاعفة الناتج المحلي الصناعي بنحو 3 مرات عما هي عليه بنحو 10675 مصنعاً بنمو 25 في المائة عن 2019، ونحو 1.367 تريليون ريال بنمو 36 في المائة لنفس الفترة، ومضاعفة الناتج الصناعي البالغ نحو 340 مليار ريال، إلى 895 مليار ريال، ومنح تراخيص صناعية 1374 رخصة منذ 2019 أصبح مجموعها ألفَيْ ترخيص، خصوصاً وأن هناك جذب 32 مليار دولار في الصناعات التعدينية.
كما أن السعودية تنتج نحو 70 في المائة من البتروكيماويات التي تنتجها دول مجلس التعاون بنحو 175 مليون طن متري سنوياً، مع استهداف إنشاء 36 ألف مصنع مع حلول عام 2035، كما تتجه الوزارة إلى توطين 85 في المائة من الصناعات الغذائية بحلول عام 2030 التي تكلف واردات غذائية نحو 70 مليار ريال، من أجل تحقيق مبادرة لإتاحة 42 سلعة غذائية أساسية بأسعار مخفضة.
وتتجه الوزارة نحو تحويل 4 آلاف مصنع من العمالة الوافدة غير الماهرة إلى الأتمتة والإنتاج المتقدم، واعتماد منهج SIRI وهي إحدى المؤشرات الدولية المعتمدة لقياس التضخم الرقمي للمصانع، وتحديد الفجوات والأولويات التقنية، كما تهدف الاستراتيجية الصناعية مضاعفة قيمة الصادرات الصناعية لتصل 557 مليار ريال، ومضاعفة الصادرات التقنية ستة أضعاف، والتي تستهدف أيضاً استحداث عشرات الآلاف من الوظائف النوعية عالية القيمة، والوصول إلى السلع المهمة من أجل رفاهية المواطن، واستمرارية النشاط الاقتصادي السعودي، وتحقيق الريادة العالمية في مجموعة من السلع المختارة، من خلال الاستثمار في التقنيات الجديدة الواعد، من أجل تمكين القطاع الخاص، وزيادة مرونة وتنافسية القطاع الصناعي.
الاستراتيجية الصناعية ترسم خريطة طريق واضحة المعالم، لدفع السعودية نحو مركز عالمي في القطاع الصناعي، ولا تهدف فقط إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي بل تهدف إلى تحقيق التصدير عبر تحالفات عالمية ومحلية، مع إطلاق شراكات محلية وعالمية في مجال تكنولوجيا الصناعات المتقدمة وصناعة مراكز البيانات الضخمة، التي ستسهم بشكل قوي في نقل التكنولوجيا الصناعية وتوطين الذكاء الاصطناعي، ونقل الخبرات وتأهيل الكفاءات الوطنية في مختلف المجالات، بغية بلوغ اقتصاد صناعي تنافسي ومستدام، من خلال تعزيز الابتكار والبحوث وريادة الأعمال وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
خصوصاً وأن عدداً من المؤسسات الدولية الموثوقة خلصت إلى أن حوافز الاستثمار الصناعي السعودية تعد الأولى عالمياً، معتمدة على أحدث التقنيات الصناعية من الذكاء الاصطناعي والربورت الذي هو المستقبل الصناعي، خصوصاً وأن القطاع الصناعي أصبح جاذباً في 12 قطاعاً فرعياً لتنويع الاقتصاد الصناعي.
هدف الاستراتيجية الصناعية الوصول إلى اقتصاد صناعي جاذب للاستثمار، يصدر المنتجات عالية التقنية، ويسهم في تأمين سلاسل الإمدادات العالمية بالشراكة مع القطاع الخاص، حيث تم بناء الاستراتيجية وفق أفضل الممارسات العالمية، وتحديد 25 توجهاً عالمياً، وتم العمل على تطوير مبادرات خاصة الـ12 نشاطاً صناعياً، وهناك فرص استثمارية بقيمة تريليون ريال، وارتكزت الاستراتيجية على ثلاثة أهداف رئيسية: هي بناء اقتصاد صناعي وطني مرن وجاذب للاستثمارات، وتكوين مركز إقليمي صناعي متكامل لتلبية الطلب العالمي، وتحقيق ريادة في صناعة وتصدير منتجات عالية التقنية تسهم في تأمين سلاسل الإمداد العالمية.
وتضم الاستراتيجية الصناعية أكثر من 136 مبادرة من بينها المبادرات الخاصة بعدد من السلع الصناعية، كالتي تعنى بتجمعات صناعات تركيبات الكيماويات المتخصصة ذات القيمة المضافة العالية، وتحوي البلاستيك والمطاط، لدعم مسيرة التنمية الصناعية الشاملة التي تشهدها السعودية في ظل الحراك الذي تقوده القيادة الرشيدة والحكيمة.