د.شامان حامد
دائماً المبادرة بالأعمال تكون رائعة، خاصة إذا كانت في الصالح العام تجد صداها الكبير، من جملة المبادرات والبرامج والمشاريع والقمم العالمية التي أطلقتها الرؤية، وكُلها تصب في تنمية البيئة الاستثمارية بالمملكة وجعلها جاذبة للمستثمرين داخلياً وخارجياً، كمبادرة السعودية الخضراء التي اجتمعت عليها الآراء بأهميتها، لتتعمق السعودية بريادتها، بإطلاق مبادرة سلاسل الإمداد العالمية (المعنية أكثر بعملية نقل السلع)، بتوقيتها الهام للاقتصاد العالمي، لكونها مبنية على واقع جغرافي مهم، وقدرتها على تعظيم الموارد الاستثمارية للبلاد ودعم الخطط التنموية المستهدفة في رؤية السعودية 2030. لتنويع مصادر الدخل بعيداً عن الذهب الأسود خاصة في الميزانيات السنوية للمملكة، والذي أزعج العالم وأغضب عددا من ذوي المصالح من قرار أوبك الأخير وتسييس المواقف.
والآن جاء الدور على أهم مبادرة تُعدُ من أهم المعوقات التي واجهت الاقتصادات العالمية منذ جائحة 2019، ثُم الأزمة الروسية الأوكرانية وما تبعها من زلازل في سلاسل الإمدادات الغذائية وغيرها حول العالم، وهي شبه معطلة، تفاقمت أزمتها بوجود ضعف كبير في الأنظمة اللوجستية عالمياً (المعنية أكثر بالإدارة والمناولة والتخزين).
ويُعتبر المجال اللوجستي جزءاً من منظومة سلسلة الإمداد المعنية بالتخطيط والتنفيذ والمتابعة لنقل السلع والخدمات وكذلك المعلومات من مصادرها إلى المستهلك النهائي، لذا فالمبادرة تعزز موقع المملكة كمركز لوجيستي عالمي، لذلك بادرت المملكة ببرامج رؤية 2030 إلى تحويل المملكة إلى قوة صناعية رائدة ومنصة لوجستية عالمية بالتركيز على قطاعات (التعدين والطاقة ودعم المحتوى المحلي والتوسع في مجال الثورة الصناعية الرابعة). بإطلاق برنامج تطوير الصناعات الوطنية والخدمات اللوجستية في 2019، والأكاديمية السعودية اللوجستية، إضافةً إلى الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية لجعل المملكة بقائمة الدول العشر الأولى على مستوى العالم، لقدرتها على المنافسة بمقوماتها البشرية الخلاقة، التي اعتلت أعلى المؤشرات وتقارير المنظمات الدولية، ولكونها ملتقى الشركات الإقليمية لجذب رؤوس الأموال الأجنبية وزيادة الناتج الاقتصادي للدولة، وتنمية البلاد التي تُسهمُ في جودة الحياة ورفاهية المواطن، بتنويع مصادر الدخل من أجل تنمية الناتج المحلي والصادرات غير النفطية التي زادت بنسبة 5.4% في الربع الثاني من هذا العام، ووصل النشاط التعديني والتحجير 410 مليارات ريال والصناعات التحويلية عدا تكرير الزيت 79 مليار ريال، مُشكلاً نحو 7.5 % من الناتج المحلي الإجمالي، ليكون تحفيز السعودية لسلاسل الإمداد العالمية بـ10 مليارات ريال، أمراً بالغ الضرورة والأهمية الاقتصادية والاستثمارية لتقديم حزمة من الحوافز المالية وغير المالية للمستثمرين بهدف جذب استثمارات نوعية صناعية وخدمية بـ40 مليار ريال خلال العامين الأولين من إطلاق المبادرة، لتسعى المملكة بخطى ثابتة وواثقة للاقتصاد القوي ذي الميزانيات التريليونية للمرة الثالثة لبناء مستقبل مشرق.