عبد الرحمن بن محمد السدحان
1) بدءًا، أرجو ألاّ يُؤّلَ مفهوم حديث اليوم بغير ما قُصِدَ منه وبه، وألاّ (يُعمّمَ) هَذا القصدُ على كل من اعتلى منبر الجمعة في هذا الوطن الغالي.. فهناك لاريب خطباء أجلاّء يجتهدون فيصيبون، عبارةً ومعنىً، وأحسبُ أن هناك الكثر منهم في كل مكان. ولكل مجتهد منهم نصيب.
* * *
2) آتي إلى صلب الحديث فأقول: هناك موضوع لا ينفك يفتن ذهني وقلمي، وهو (خطبة الجمعة) في بعض بيوت الرحمن التي نشدّ الرحال إليها مرةً في الأسبوع، ثم نعودُ أحيانًا إلى مواقعنا متسَائلين ببراءةٍ يعمرُها صدقُ الإيمان، ووضوح لا يعتريه شك ولا يهينُه سوءُ ظنّ!
- هل استوعبنا ممّا سمعنا شيئًا يُصحّح مفاهيمنا، ويثلجُ صدورنا بما يُسعدنا ويهدينا إلى سواء السبيل؟
- هل وُفّق إمامُنا الفاضل في إيصال رسالته الكريمة إلى قلوبنا وعقولنا معًا؟
- أمّا إن كان (عُسْرُ فهمنا) لمغازي الخطبة ناجمًا عن (تقعّر) الخطيب الفاضل في بعض طرحه على نحو لم تدركه عقولنا وأفئدتُنا، فمسألةٌ فيها نظر لا أخالها تَخفى على أذهان معظم أئمتنا الأفاضل. ولكن لكل مجتهد نصيب.
* * *
وأتذكّر في هذا الصدد أنني سبق أن تناولت هذا الموضوع مجتهدًا فبُحْت ببعض الخواطر، أقتبسُ منها ما يلي:
1) تمنيّتُ على خطبائنا الأفاضل إسماعَ المنصتين لهم في ذلك اليوم الكريم خطابًا (يحذّر) و(يبشّر) في آنٍ بما جاء في (وسطية) ديننا الحنيف بلا (غُلو) ينفّر ولا (تبسيط يعيب).
* * *
2) بذل جهدٍ ذهنيّ ومعرفيّ يُطمئنُ المستمعَ أن (الخطيئة) لا تعني اليأسَ من رحمة الخالق، ولا تغرس القنوط في وجدان المخلوق!
3) وبعبارةٍ أقرب إلى الفهم المأمول رجوت خطيب الجمعة الفاضل أن يسلك في خطبته مسارَ (الاعتدال)، مُهتديًا بما يلي:
أ) النأيُ في خطابه عن (الغلوّ) لفظًا أو معنىً، تيسيرًا لفهم المستمع، وتشجيعًا له لفهم المقصود.
* * *
ب) أن الهدف الرئيس لخطبة الجمعة إيقاظُ القلوب من سُبات الاستلاب بمتاع الدنيا ولهوها، والاستسلام لملذّاتها، وشقاء (الغلوِّ) في نعيمها!
* * *
ج) أن من أبرز مآثر خطبة الجمعة تذكيرَ الناس بما سهوا أو لهوا عنه، أو تماهَوا فيه من أمور العبادات والمعاملات.
والله من وراء القصد.