د. صالح الثبيتي
تكاد تكون العلاقة مابين المشاهير وبين المهتمين بشؤونهم «من منتقديهم ومتتبعي عثراتهم» من أهم وأبرز السمات التي تثير عدة تساؤلات -عندي على الأقل-، فهي رغم أنها مشاهدة ومحسوسة إلا أنها في ذات الوقت غير مفهومة، وعدم وضوحها يجعلنا في حيرة من هذه العلاقة المتناقضة وهذا الاهتمام غير المبرر والذي يصل إلى أدق تفاصيل حياة المشهور وكأنّها وظيفته الوحيدة في الحياة.
الحقيقة أن هذه الأزمة هي ما جعلت أعداد متابعي المشاهير في تزايد مستمر وعداد مشاهداتهم لا يتوقف وهي في ظني «سر الخلطة» في استمرار شهرتهم حتى وهم لا يقدمون ذلك المحتوى المبهر، بل لا أبالغ إذا ما قلت إنه بمجرد نزول مقطع غير مرغوب فيه يزداد عدد المتابعين لا لشيء إنما ليكشف الستار عن فداحة أخطائهم وليستقر في يقينه أن هؤلاء على خطأ وأنه على حق عندما يهاجمهم (والمستفيد في الأول والأخير المشهور).
ويأتي انتشارهم من قبل هؤلاء «الكارهين» -إن جاز هذا التعبير- عن طريقين:
الأول: نشر هذا المقطع معلقين عليه بعبارات نقدية وتهكمية تستهجن فعلتهم ونشرها في مواقع التواصل المختلفة ليدفع بالقارئ والمشاهد دفعاً لمتابعة المشهور من أجل مشاهدة المقطع في حسابه من باب الفضول أو التأكد، وهو بذلك جعل نفسه شركة تسويق مجانية من حيث يعلم أولا يعلم.
الثاني: الحديث عن هذا المقطع في المجالس الخاصة أو العامة وإثارة مواضيعهم بهدف التحريض والتقليل فيكون المشهور هو الأيقونة الثابتة والمحرك الرئيسي والفاعل في أذهان الناس.
هذا الأمر الذي خلق صخباً عارماً في الأوساط المجتمعية -بسبب المجتمع نفسه- جعل المجالس تجول أحاديثها مابين عبارة «لا تجعلوا من الحمقى مشاهير» وجملة «لايرمى إلا الشجرة المثمرة» فيكون حظ الحاضرين من هذا الحديث كمن رضي من الغنيمة بالإياب.
ولو أنهم التزموا بمقولة «أميتوا الباطل بالسكوت عنه» لأراحوا واستراحوا..
متى تلتمس للناس عيباً تجد لهم
عيوباً ولكن الذي فيك أكثرُ
فسالمهم بالكفّ عنهم فإنهم
بعيبك من عينيك أهدى وأبصرُ