سلمان بن محمد العُمري
أسماء قليلة جدًّا من الشركات العائلية التي تم إنشاؤها قبل خمسين عامًا لاتزال موجودة وأصبح الباقي منها قليلًا جدًّا جدًّا، وحتى ما بقي لايزال يعاني من إشكالات وقضايا في دوائر المحاكم نتيجة اختلاف الورثة.
وهذا الانهيار والاختلاف في الشركات العائلية ليس بمستغرب إذا ما علمنا أن الشركة أو المؤسسة كان يديرها الملاك وهم في الغالب من الإخوة الأشقاء وبوفاة أحدهم أو جميعهم تبدأ الخلافات بين الورثة من الأبناء، وهذا أمر طبيعي في ظل عدم التوثيق الكامل من الشركاء آنذاك لكل صغيرة وكبيرة في الشركة، والاكتفاء بالثقة المتبادلة بين الإخوة.
وحتى مع تسجيل الشركات والمؤسسات العائلية العائدة لشخصين أو أكثر أو الأب وأبنائه قبل وفاته إلا أن الخلافات تظهر على السطح بمجرد وفاة المؤسس ويختلف الورثة على الممتلكات كما يختلفون على إدارة دفة الشركة والأملاك، وحتى في الأوقاف طالها نصيب من الإهمال والتعثر.
وقد رأينا انهيار كثير من المؤسسات التجارية والبيوت العريقة لمجرد وفاة المؤسس أو المؤسسين لها ثم نقرأ لاحقًا أخبارًا وإعلانات من المؤسسات والمكاتب المحاسبية أو المصفين للتركات للإعلان عن بيع الممتلكات بعد أن كانت ولعقود ذات اسم (رنان) في السوق لنفاجأ بعد ذلك باختفاء الاسم التجاري بالكلية من السوق.
وقد لا يقف الأمر عند حد تقسيم الممتلكات وتصفية الشركات بل يتعدى ذلك للطعون والإعلانات في وسائل الإعلام للتحذير من التعامل مع فلان أو علان من الورثة، وأنه لا يملك الحق في المبيع أو التصرف، وقد تقام هذه الدعاوى والشكاوى بين الأشقاء وليس أبناء العمومة فحسب.
وقد سمعنا ورأينا من القصص والخلافات بين الورثة وما نتج عنها من مشاكل ما يشيب لهوله الولدان، والمثل يقول: «السعيد من وعظ بغيره»؛ فليت أن من تجمعهم شراكات تجارية أو عائلية أن يسجلوا كل صغيرة وكبيرة في الأملاك والأصول في وثائق تحفظ الحقوق للجميع، ولا تدع مجالًا للاجتهاد من أحد، مع الطريقة المناسبة لفض الشراكة لاحقًا وبما يكفل التراضي وعدم المخاصمة والمشاحنة.
إن من المشاكل التي يقع فيها الشركاء أنه يتم شراء عقارات مثلًا وأسهم شركات وغيرها من عروض التجارة وتسجل باسم أحد الشركاء وتبقى هذه الأملاك مسجلة باسم الشريك دون توثيق إضافي لملكيتها وما أن تأتي إجراءات الفصل وتوزيع الشركات والحصص إلا وتظهر هذه المشكلة للعيان، وفي المقابل حينما تخسر بعض هذه الأصول ويلحقها ديون وإعسار قد يتم إنكارها من أصحاب الطرف الثاني الشريك، ويطالبون بأن يتم تحميل الخسارة على طرف واحد من الشركاء، وكان من المفترض توثيق كل صغيرة وكبيرة من أصول وممتلكات تلافيًا للمشاكل لاحقًا.
إن المشكلة لاتقف عند انهيار الأسماء التجارية اللامعة واختفائها من السوق فحسب بل يتجاوز ذلك لما هو أكبر وأشق حينما يدب الخلاف والتنازع بين الإخوة أنفسهم أو بين أبناء العمومة أو العم وأبناء إخوته وينتهي الاختلاف على الممتلكات إلى قطيعة الرحم والإساءات المتبادلة بين الطرفين، وأتمنى من الجميع أن يستفيدوا من دروس الماضي ويتلافوا كل ما يؤدي لاحقًا إلى الخصام والتنازع والخلاف بالكتابة والتوثيق الرسمي لدى الدوائر العدلية أو لدى المحامين أو بأوراق رسمية وإشهاد ذوي العلاقة وتحديث البيانات أولًا بأول حتى لا يكون للشيطان مدخل في بث الضغينة والفرقة والخلاف.