الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
قال استشاري متخصص في الجهاز الهضمي إن تعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية قدمت الحلول والمعالجة لكثير من الأمراض قبل وقوعها كوقاية للإنسان، وهو ما أكدته الأبحاث والدراسات الطبية؛ ففي الوقت الذي يعاني فيه أغلبنا من آلام المعدة أو التخمة أو الحرقان أو الانتفاخات بعد أكل أو شراب ما، أو موقف عصبي أو توتر، نجد أن تعاليم الدين الإسلامي ترشدنا إلى الطريق الصحيح في أكلنا وشربنا، قال تعالى: (وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)، وقوله صلى الله عليه وسلم: "ما ملأ ابن آدم وعاءً شراً من بطنه"، وقوله عليه الصلاة والسلام: "حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه".
وأوضح الدكتور عمرو المستكاوي استشاري مناظير الجهاز الهضمي بمستشفيات الحمادي بالرياض، أن هذه إرشادات إلى النظام الغذائي المناسب لتجنب الكثير من الأمراض وهو تحديداً النظام الغذائي الذي ينصح به الأطباء في الإقلال من الأكل، وعدم ملء المعدة وأن تكون لقيمات قليلة وعند الحاجة فقط وهو شيء ممكن لو أراد المريض ولو بالتدريج نظراً لعادته وحجم معدته وصعوبة تغيير هذا مرة واحدة، وكذلك أن يكون الأكل متوازناً قليل الملح والبهارات والزيوت، مع تجنب ما يؤذيه من الأطعمة حتى وإن كانت خفيفة حسب إحساس المريض، وكذلك عدم النوم بعد الأكل وأن تكون الوجبة الأخيرة خفيفة وقبل النوم بساعتين أو ثلاث، وأن يتعود المريض على المضغ الجيّد للطعام والذي يفتقده الكثير منا، والمضغ الجيد يساعد على الهضم الجيد والامتصاص الجيد، والإخراج الجيد المنتظم، وعدم شرب الماء بصفة كافية يعثر الهضم والامتصاص والإخراج.
وأضاف الدكتور عمرو المستكاوي قائلاً: إن هناك الكثير منا يلازمهم الألم في المعدة أو حرقان المريء لمدة طويلة أو متكررة، وبعضنا قد زار الطبيب مرات وقد نصحه الأطباء بتنظيم الأكل من حيث التوقيت والكمية والنوعية وهو ما اتفق عليه جميع الأطباء تقريباً، وهو اتفاق صحيح وجزء كبير من العلاج بجانب العلاج الدوائي الذي نطمح كأطباء ومرضى أن يكون لوقت قصير لعلاج التهاب المعدة أو ارتجاع المريء أو جرثومة المعدة، ونأمل أن يتم تنظيم الأكل لوقف العلاج والاعتماد على النظام الغذائي في العلاج وهو ما يجد فيه المريض صعوبة كبيرة في اتباع التعليمات لأن الأكل واحدة من متع الحياة اليومية والتي تمثل لجزء كبير من المرضى متعة أساسية لما تعود عليه من صغره، ويجد صعوبة كبيرة في الاستمرار على نظام غذائي محدد ويمل منه سريعاً، وأيضاً لارتباط الخروج والتنزه والسفر بالأكل بصفة أساسية، ولوجود أكلات ومطاعم مختلفة تقدم أغذية من جميع أكلات العالم وتنوعها مما يسبب صعوبة للجميع كبيراً وصغيراً، ولاحتواء أكلاتنا على الكثير من البهارات والأملاح والزيوت التي تجعل الأكل لذيذاً وشهياً، وما بين متعة الأكل وأمراض الجهاز الهضمي يعلق المريض ما بين الخوف والرجاء، لأنه للأسف ارتبطت الوجبات اللذيذة وغالباً السريعة بأمراض الجهاز الهضمي والسمنة وكلاهما يؤثر على الآخر وعلى أمراض أخرى مثل: القلب والسكر والضغط وأمراض المفاصل والعظام، وأيضاً الحالة النفسية والتوتر، وأحياناً اليأس وأصبح الأمر كالدائرة المفرغة التي يدور فيها المريض ما بين الأكل والألم والتوتر والأطباء والأدوية والحقيقة أن الأمر صعب وفيه عوامل كثيرة ونظام أكل من الصغر وتربية وتعود، مما يصعب الحلول والالتزام بالحلول.
واختتم استشاري أمراض الجهاز الهضمي بقوله: نعرف جميعاً صعوبة الأمر لأن الأكل عموماً شهوة يجب تهذيبها ومتعة يجب الإقلال منها، والالتزام بالتعليمات في معظم الأحيان قد يكون الإخلال بها هو الاستثناء، وليس طقوساً يومية، وأن تكون الوجبات السريعة في أقل الحدود واختيار أقلها ضرراً، وإلا سوف تظل الدائرة مغلقة ما بين الأكل والمرض والأطباء والأدوية، وهو ما يسبب ضيقاً ويأساً وتوتراً يؤثر على حياة المريض وأهله، ويستنزف طاقته وطاقة المنظومة الصحية.