«الجزيرة» - الاقتصاد:
أشارت دراسة عالمية جديدة إلى وجود قيمة اقتصادية كبيرة لعمليات بناء الثقة الرقمية، حيث إن ارتفاع الثقة الرقمية بنسبة 5 في المائة تسهم في رفع متوسط الناتج المحلي الإجمالي للفرد بمعدل 3000 دولار. وأجرت شركة كولساين، الرائدة في تجارب الثقة الرقمية، بالتعاون مع مركز «سايبر» لأبحاث الاقتصاد والأعمال، دراسة بحثية حملت عنوان: «مؤشر الثقة الرقمية: قيمة الثقة الرقمية» والتي تنظر في مواقف ومحركات الثقة الرقمية عبر الاقتصادات الحديثة.
وتحظى نتائج الدراسة بأهمية خاصة للاقتصاد العالمي الذي يشهد حالة تباطؤ كبيرة، حيث يمكن لبناء الثقة الرقمية أن يسهم في تحفيز التنمية الاقتصادية ورفدها بتريليونات الدولارات.
وجد التقرير أن «فجوة الثقة الرقمية» باتت تظهر في مختلف أنحاء العالم، وأشارت إلى أن الأسواق غير الغربية تعاني من فجوة ثقة إيجابية (جنوب إفريقيا (16 في المائة)، والشرق الأوسط وإفريقيا (15 في المائة)، والبرازيل (6 في المائة)، وآسيا والمحيط الهادئ (5 في المائة) الأمر الذي يشير إلى أن مواقف المستهلكين تجاه الثقة الرقمية تتجاوز مستويات الثقة المجتمعية.
بالمقابل، تعاني الأسواق الغربية من فجوة ثقة سلبية (الولايات المتحدة الأمريكية (- 4 في المائة)، البنلوكس (- 6 في المائة)، وكندا (- 9 في المائة)، حيث تكون الثقة المجتمعية أعلى من الثقة الرقمية.
ومع وجود عدد أكبر من المستهلكين عبر الإنترنت، يعد هذا الأمر عاملاً بالغ الأهمية بالنسبة للأسواق الناشئة في تباطؤ الاقتصادات. وقد يسهم إطلاق الإمكانات لنمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من الاقتصاد الرقمي إلى منح الاقتصادات الناشئة مزايا تنافسية في عصر الإنترنت الجديد. على صعيد منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، أفاد 56.3 في المائة من المشاركين إلى أنه يمكنهم الوثوق بالخدمات الإلكترونية والرقمية. أما فيما يتعلق بالعوامل التي تؤثر سلباً على الثقة الرقمية، فقال 21.1 في المائة من المستهلكين في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا إن تجربتهم مع حالات الاحتيال عبر الإنترنت قد أدت إلى عدم ثقتهم في الخدمات المقدمة عبر الإنترنت.
ومن العوامل الأخرى التي تؤثر سلباً بالثقة في الخدمات عبر الإنترنت تبرز تجربة خروقات البيانات وفقاً لـ 12.8 في المائة من المشاركين في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا. وبالإضافة إلى ذلك، يعتقد 15 في المائة من المستهلكين في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا أن هناك نقصاً في الشفافية فيما يتعلق بالخدمات الإلكترونية والرقمية، وأعرب 16.1 في المائة منهم عن قلقهم جراء عدم معرفتهم باستخدام الخدمات الإلكترونية والرقمية بأمان مما يؤدي إلى انعدام الثقة. وبهذه المناسبة، قال سعيد أحمد، مدير عام «كولساين» في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: «تنبع أهمية هذه الدراسة من تمكننا لأول مرة من تحديد قيمة الثقة في عالمنا الرقمي من الناحية الاقتصادية والمجتمعية. يجب أن تكون نتائج هذا البحث بمثابة دعوة للشركات والحكومات لتوحيد الجهود لبناء إطار هوية رقمية آمن وأخلاقي يمكن المواطنين الاستفادة من العالم الرقمي بأمان، والمساهمة في تعزيز وتيرة التنمية الاقتصادية في هذا الوقت المهام».
ومن المتوقع أن يشهد الاقتصاد الرقمي نمواً من 14.5 تريليون دولار في عام 2021 ليبلغ 20.8 تريليون دولار بحلول عام 2025، في حين تشير التوقعات إلى ارتفاع تكلفة الجرائم الإلكترونية بنفس الفترة من 6 تريليونات دولار إلى 10.5 تريليون دولار. وإذا ما أرادت الشركات والحكومات تسخير قوة الثقة الرقمية، فعليها التعامل مع العامل الأساسي المتمثل بالهوية الرقمية.
ويتوقع 54 في المائة من المستهلكين أن تسهم الحكومات في خلق عالم رقمي أكثر أماناً. ولتحقيق ذلك، أبدى ثلاثة أرباع (77 في المائة) المشاركين دعمهم لإنشاء نظام هوية رقمية يغطي سياسات التكنولوجيا والعمليات والبيانات التي تشرف عليها هيئة مستقلة. وأشارت الدراسة إلى أن المستخدمين يثقون بالبنوك وشركات الخدمات المالية أكثر من غيرها لإنشاء هذا النظام وصيانته.
ويتوقع 47 في المائة من المشاركين في الدراسة أن يكون نظام الهوية الرقمية جزءاً من حياتهم اليومية خلال الاثني عشر شهراً القادمة.
وأضاف سعيد أحمد قائلاً: «تمثل الهوية الرقمية أساس الثقة الرقمية. ونحن نحتاج لمعرفة من نتفاعل معه عبر الإنترنت حتى نتمكن من الثقة في العلامات التجارية والمعاملات والأشخاص. يتطلع المستهلكون في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا للاستفادة من عالم رقمي يتسم بالأمان والشفافية، وبالطبع ترغب الحكومات في مواصلة تنمية الاقتصاد الرقمي في المنطقة، فهم بحاجة إلى العمل مع الشركات لجني فوائد الناتج المحلي الإجمالي للفرد الذي يمكن أن يجلبه بناء الثقة الرقمية.
وتوضح الدراسة التي أجريناها أن لدينا فرصة تبلغ قيمتها تريليون دولار، ولا يمكننا تجاهل هذه الفرصة بالنظر إلى التحديات الاقتصادية التي يشهدها عالمنا اليوم».