العقيد م. محمد بن فراج الشهري
كتبت السيدة كارين إليوت هاوس، وهي ناشرة سابقة لصحيفة وول ستريت جورنال (Wall Street Journal)، ومؤلفة كتاب حول المملكة العربية السعودية، شعبها، ماضيها، دينها، مستقبلها، كتبت مقالا في نفس الصحيفة في 19 أكتوبر 2022م تطرقت فيه للسياسة العرجاء للرئيس بايدن وقالت: إن بايدن يكرر بعض أخطاء نيكسون في التعامل مع الرياض ويصنع بغضاً جديداً، وإن إدارة بايدن تجد نفسها منبوذة، وإن ذلك مكلف للغاية بالنسبة للولايات المتحدة، الدولة التي تعتمد على أسعار النفط المستقرة للحفاظ على اقتصاد سليم.. وقالت في معرض حديثها في المقال المشار إليه «إن السعي الحثيث لإبرام اتفاق نووي وهمي مع إيران - أولاً من قبل إدارة أوباما والآن إعادة بايدن - ترك المملكة العربية السعودية بلا ثقة في شريكها السابق، ونتيجة لذلك، أعلنت المملكة، التي قال جو بايدن ذات مرة أنه يريد أن يجعلها «دولة مبنوذة» بشكل قاطع استقلالها عن القيادة الأمريكية من خلال صداقتها مع روسيا والصين، وخفض إنتاج النفط لدعم إيراداتها على الرغم من المناشدات المتكررة من البيت الأبيض، ثم أضافت كارين اليوت هاوس معلقة بقولها: كيف تغير الزمن منذ ما يقرب من نصف قرن، أنقذت المملكة العربية السعودية بمفردها الولايات المتحدة الأمريكية، والاقتصاد العالمي، من الركود من خلال رفض رفع الأسعار بنسبة 15% الذي اقترحه كارتل النفط الذي كان يهيمن عليه شاه إيران عندما استمر الكارتل في قراره على أي حال، أغرق السعوديون السوق بالنفط، مما أدى إلى انخفاض الأسعار وإفلاس إيران.. واستطردت تقول: في المقابل وافقت الولايات المتحدة على بيع الأسلحة إلى الرياض، لتبدأ موجة شراء استمرت 50 عاما جعلت المملكة أكبر مشترٍ للأسلحة الأمريكية، والمقال طويل تعرضت فيه الكاتبة لأحداث وأمور سابقة ولاحقة فيما مر على الدولتين أمريكا والسعودية، وبعض الأحداث التي أحدثتها تقلبات الحزب الديمقراطي، والرؤساء من نفس الحزب الذين تولوا مهام الرئاسة سابقاً ولاحقاً، المقال جدير بالقراءة والتمعن، وهذا ليس رأي كارين أليوت وحدها بل العديد من كتاب ورواد الفكر الغربي، والأمريكي خاصة الذين عارضوا وانتقدوا سياسة بايدن والحزب الديمقراطي، وتعامله غير الجيد مع حلفاء وليس مع أصدقاء فقط خاصة بعد سيل الاتهامات الحزبية الضيقة التي أطلقها بعض أعضاء الحزب الديمقراطي، وسبل الانتقادات التي وردت من سياسيين ورواد أمريكان سابقيني الإدارة الأمريكية أيدوا ما اتخذته السعودية من قرارات خاصة بها وبمستقبل شعبها، وقد ردت وزارة الخارجية السعودية على تعهد بايدن بإعادة تقييم العلاقات مع الرياض بعد قرار تحالف (أوبك بلس) بيان «غير عادي» اتهم الولايات المتحدة بتشويه الحقائق، قائلاً: (إن البيت الأبيض طلب تأجيل التخفيض لمدة شهر)، لكن السعودية أصرت على أن القرار يأتي في إطار اقتصادي بحت «ولا يتعلق بالسياسة، حيث يرى الديمقراطيون في واشنطن أن السعوديين يريدون مساعدة الجمهوريين في الانتخابات النصفية، لأن ارتفاع أسعار النفط يضر بالإدارة الحالية، وهذا التوجه غير واقعي وغير صحيح، وقد وقفت كافة دول الخليج موقفاً حازماً مع السعودية وأصدرت بيانات لدعم المملكة وما تتخذه من قرارات.. ثم إن الحزب الديمقراطي لم يحسن التعامل مع المملكة سابقاً، أولاحقاً وفي أكثر من مرّة وبدون مناسبة يظهر عضو يكيل السب والشتم للمملكة دونما سبب ويثير الشكوك حول مستقبل العلاقة بين البلدين الذين تربطهم علاقات لها عقود من الزمن تجاوزت كل المعوقات والتصرفات غير المقبولة لبعض أعضاء هذا الحزب، وإذا أرادوا التخلي عن الشراكة فسيجنون عواقب هذا التوجه ولن يكون في صالح أي طرف بل العكس تماماً، لكن على الرئيس بايدن وإدارته أن تعي أن سياسة الإملاءات وفرض الرأي الواحد لن تجدي أبداً كما أن على هذه الإدارة كف التصريحات التي تسيء للعلاقات الأمريكية السعودية، وألا يترك الحبل على الغارب لمن هب ودب من المحسوبين على الحزب الديمقراطي لسب وشتم السعودية في كل موقف ومع كل انتخابات وكأنه لايوجد في العالم غير السعودية التي لابد من شتمها، ومن ثم يُطلب منها نسيان ما مر من إساءات وتجاهلها ليعلم الجميع في الحزب وغير الحزب أن السعودية أصبح لها ثقل عالمي، ودولي على كافة الصعد، وأن الأمس غير اليوم ومن يريد التعامل معها عليه أن يحترم سياسة وأسلوب واستقلالية هذا البلد، كما يريدون منه أن يحترم سياساتهم، وليعلموا أن التدخل في شؤون الآخرين أمر غير مقبول مهما كانت الأسباب، ومن يريد صداقتنا عليه أن يحترم هذه الصداقة، وألايخرج عن إطارها إلى متاهات أخرى، كما يعلم الجميع أن المملكة العربية السعودية دولة ذات سيادة وقيم عريقة إسلامية راسخة، ومن أراضيها انطلقت أعظم حضارة إنسانية، فليس من حق أمريكا أو غيرها من الدول أن يعملوا على وضع وصاية على المملكة، علمًا بأن انتهاكات حقوق الإنسان فيمريكا ليس لها حدود، ونوصي أمريكا بالعمل على تصحيح هذه الانتهاكات في داخل بلدهم بدلا من التعامل بتعجرف وتعالٍ مع الأمم الأخرى.. وكما يقول المثل «الذي بيته من زجاج عليه ألا يرمي بيوت الآخرين بالحجارة» وهذا أيضًا ينطبق على الدول.. والاحترام المتبادل هو السبيل الأوحد لحل كافة القضايا مهما كانت صعوبتها، أما فيما يتعلق بالأوبك بلس (Opec Plus) وسياستها النفطية فقد أكدت الخارجية السعودية أن اجتماعات أوبك يتم تبنيها من خلال التوافق الجماعي من الدول الأعضاء، ولا تنفرد فيه دولة عن باقي الدول الأعضاء، ومن منظور اقتصادي بحت يراعي توازن العرض والطلب في الأسواق البترولية، ويحد من التقلبات التي لا تخدم مصالح المنتجين والمستهلكين على حد سواء، وهو ما دأبت عليه مجموعة أوبك بلس وهو قائم ويتم، وليس هذا الأمر خاصا بالسعودية بل كافة الدول الأعضاء فلماذا الغضب من السعودية؟!..