سارا القرني
قبل أكثر من 6 سنوات أطلق ولي العهد رئيس مجلس الوزراء محمد بن سلمان رؤية المملكة 2030 والتي تعني بمفهومها البسيط «خطة ما بعد النفط»، والتي لاقت ترحيباً عالمياً وإعجاباً من مختلف الدول.. وبالطبع قُوبلت ببعض التشكيك من المتربصين والكارهين.
توقفت بعض برامج الرؤية أو بالأصح خفت وتيرة سير العمل بسبب الجائحة العالمية كوفيد 19 والتي راح ضحيتها الآلاف حول العالم، وشلّت الاقتصاد العالمي وتراجعت جرّاءها كثير من الدول في تصنيفها الاقتصادي وخسرت كثير من الشركات العالمية بسبب الحظر الذي لازمه المليارات حول العالم في بيوتهم.
كلنا مررنا بهذه التجربة القاسية. وكلنا رأينا وسمعنا اقتصادات تنهار، ومشاريع تُغلق، وأفكاراً وُلِدت عظيمة وحُكم عليها بالموت خلال الجائحة وما بعدها بفترة ليست قصيرة! وعلى الرغم من هذا وذاك، ظلت المملكة العربية السعودية صامدة أمام كل التداعيات بتدابير وإن كنا نراها صعبة حينها، إلا أننا جنينا ثمارها بلا شك، في ظلّ رؤية حكيمة وتدبير سليم من سيدي ولي العهد - حفظه الله.
اليوم.. ستمر وتيرة العمل بطريقة متسارعة، تستمر الإنجازات تُعلن واحداً تلو الآخر، وكما قال ولي العهد في لقائه التلفزيوني مع عبدالله المديفر «لولا الجائحة لكنا في ظروف أفضل»؛ أي أنّ الجائحة كانت عائقاً في حينها أمام تحقيق أرقام ومستهدفات أكثر، وكلّ ما قلته سابقاً يثبت متانة الاقتصاد السعودي الذي يقوم على رؤية واضحة جعلت كلّ المشككين يبحثون عن تبريرات لسقوطهم المدوّي!
اليوم.. تقود المملكة أكبر اقتصادات العالم نمواً وأسرعها على الإطلاق بين دول مجموعة العشرين، مما يجعلها أمام تحديات أكبر اقتصادياً وسياسياً، لكنّه قدر الكبار.. حين تكون المملكة في حربٍ دائمة من التصريحات أو الاستفزازات أو محاولات النيل من مجهوداتها الكبيرة للسلام.. من خلال تحريك الإعلام المعادي ضدها دولياً أو محاولة زعزعة أمنها حتى ولو على سبيل المماطلة في تلبية نداءاتها المتكررة لكل ما يجري في الشرق الأوسط أو على حدودها المباشرة في اليمن، هذا ما يسمّيه السياسيون لعبة كبيرة، لكنّ المملكة لا تعتبر أمنها لعبة ولا نفطها لعبة ولا شعبها لعبة ولا حتى مستقبلها، إنها لا تقبل أن تخسر كلّ ما اكتسبته سياسياً جرّاء تحركاتها الاقتصادية الضخمة وإصلاحاتها الاقتصادية داخلياً أمام طلبات كلّ من يرى المملكة أنها دفتر شيكات تدفع ثمن سياساته الرعناء!
أمريكا اليوم.. تحاول بكلّ ما أوتيت من قوة أن تجعل السعودية ترفع إنتاج النفط وتضخ كميات أكبر في الأسواق، كي تغرق السوق العالمية وتنخفض أسعار الوقود والطاقة في أمريكا، لكنّ المملكة لا تنتج النفط لأمريكا، بل للعالم، والمملكة لا تنتظر انعكاسات يحدثها النفط على أمريكا، بل على نفسها أولاً ثم العالم، والمملكة لا تعادي أحداً لأنّ أمريكا تعاديه، بل تحاول خلق جو من الدبلوماسية الشفافة والواضحة وتقف بمسافة واحدة من الجميع كي ترعى مصالحها ويزدهر شعبها.
بداية المقال كانت عن رؤية المملكة 2030 اقتصادياً.. لكنني أرى أنّ القوة السياسية التي اكتسبتها السعودية خلال هذه الفترة هي أهمّ نتائج وانعكاسات رؤية 2030 .