عبود بن علي ال زاحم
يعيش عالمنا اليوم موجة من التحولات الهائلة وثورة واسعة في الرقميات تطال شتى مجالات الحياة بسبب التطور المذهل في العلم والتكنولوجيا، مما دفع الاقتصاد العالمي إلى النهوض بخطوات متسارعة وظهور أفكار جديدة تعكس هذه التطورات، إلى جانب ظهور أنماط جديدة في مجالات الاقتصاد والاجتماع والعلم وتغيير جذري في طرق ووسائل تنفيذ الأنشطة الاقتصادية، وهو ما يطلق عليه «الاقتصاد الرقمي» أو اقتصاد المعلومات، وهي رؤية جديدة تشكل فيها المعلومة الأساس الذي تبنى عليه الأنشطة التجارية والصناعية الملموسة وغير الملموسة.
شبكة الإنترنت أحدثت تغيراً كبيراً في جوهر الأعمال، فبعد أن كانت التجارة والصناعة عبارة عن نقل أو تصنيع «مادة ملموسة»، أو بضاعة عينية من مكان إلى آخر، ومن شكل لآخر!، أصبحت مادة رقمية أو ومضات إلكترونية غير محسوسة، إذ لم تعد الشركات تتعامل مع مواد ملموسة أو مواد حقيقية وإنما مع رموز وأكواد إلكترونية ولغات ومواد رقمية.
هذه التغيرات التي طالت الإستراتيجيات والخبرات والقوانين القديمة بفعل ثورة التجارة الرقمية وحولتها إلى فتات، تطايرت معها نظم الإدارة وتفككت الشركات، تركت كل ذلك تساؤلات في أوساط المهتمين بالبحث عن إدارة رقمية جديدة تدفع المديرين ورجال الأعمال إلى إيجاد حلول للتعامل مع المواد الرقمية غير المحسوسة، ومواكبة التحول الإستراتيرقمية (إستراتيجية - رقمية) لإنجاز المهام في أسرع وقت وبأقل مجهود ممكن.
الاستشاريان توماس وورستر وفيليب إيفانز الخبيران في مجموعة بوسطن الاستشارية قدما في مؤلفهما «الإدارة الرقمية - اقتصاد المعلومات يغير الإستراتيجيات ويفكك الشركات»، حلولاً إستراتيجية للمديرين ورجال الأعمال لمواجهة المعادلة القديمة الصعبة، إذ يجب على الشركات أن تعي حدود هذه المعادلة بين كثرة مراكز التوزيع والانتشار، وبين كفاءة التوزيع والانتشار.
والحل الأمثل للموازنة بين اقتصاديات الأشياء واقتصاديات المعلومات هو زيادة قنوات المعلومات بين المدير وبين العملاء مع تقليل قنوات التوزيع إلى حد معين، لأن جوهر الدعاية والتسويق والإعلان يركز على توفير معلومات وافية عن منتجات الشركات للعملاء، خصوصاً بعد أن نجح الإنترنت في تحرير التجارة وتبادل الرقميات خلال أقل من عشرين عاماً، وظهور طبقة جديدة من الوسطاء يتعاملون مع المكونات الرقمية للسلع.
ختاماً يمكن القول إنه في ظل التوجه العالمي نحو اقتصاديات المعرفة التي تعتمد بشكل أساسي على التقنيات الحديثة تتطور نماذج الإدارة، لمواكبة للتحول الرقمي والتمكن من التعايش مع مستجدات وتأثيرات ثورة المعلومات على مرتكزات المؤسسات الثلاثة (الناس والأعمال والتقنية)، لتصبح بذلك الإدارة الرقمية وسيلة بقاء وأداة لا يمكن الاستغناء عنها في عالم مفتوح على عنصر التغير والابتكار، الإبداع والتنافسية.