عطية محمد عطية عقيلان
يصادف يوم 16 أكتوبر من كل عام، اليوم العالمي للغذاء، والذي يهدف إلى التذكير بأهمية الحفاظ عليه وعدم الهدر الغذائي في ظل التنامي البشري، وانحسار الموارد الطبيعية من ماء وثروة حيوانية ونباتية، وزيادة التكلفة في توفيره، وجلنا يلاحظ مدى الهدر الغذائي على المستوى الشخصي في عائلته أو في التجمعات والمطاعم، ودوما نحرص في مناسباتنا وجمعاتنا على توفير كمية كبيرة من الطعام، أكثر من حاجة المعازيم وقدرتهم على الأكل، ولكن نطبق مبدأ «الزود ولا النقص»، والتي قللت كثيرا من المناسبات العائلية، لتكلفتها المبالغ فيه وجلها مهدر، وأدت إلى تجنب الكثير من الجمعات الأسرية أو الأصدقاء، لأنها فوق طاقته المادية ولا يستطيع أن يقدم ما يقدموه من طعام، وأصبح الهدر في الطعام ظاهرة منتشرة ومشاهدة، وقد أعلنت الهيئة العامة للغذاء والدواء، عن ارتفاع الهدر الغذائي، بزيادة وصلت إلى 19% أي ما يعادل 40 مليار ريال، وتصدر الأرز قائمة المواد المهدرة، علما أن تكلفة استيراده وتوفيره للمستهلكين مرتفعة، لاسيما مع قلة الأمطار والزيادة السكانية، ونشوب الصراعات العسكرية، والتي أدت إلى ارتفاع تكلفة النقل والتخزين، لذا تتسابق الدول على توفير المنتجات الغذائية بكميات كافية ودون انقطاع، والتي تستوجب إدراك المستهلكين لأهمية الحفاظ عليها من الهدر، مع تخيل أن مبلغ 40 مليار ريال يمكن أن يبني 40 الف فلة، أو يشتري 400 الف سيارة، قيمة الواحدة 100 الف، والمشكلة ليست في حجم وضرر هذا الهدر الغذائي المالية على الأشخاص فقط، بل طريقة التخلص منه وما يصنعه من أعباء ومشاكل بيئية وتخزينية للنفايات والزبائل، مع صعوبة وعدم جدوى تدوير الأغذية والأطعمة، إضافة إلى الأثر على صحة الإنسان من أكل كميات فوق حاجته نتيجة توفره بكميات كبيرة، كذلك العبء الاقتصادي على الأسرة نتيجة مصاريف الغذاء، وكثير من التشريعات والأنظمة التي تصدر، هدفها توعية الناس وحثهم على المحافظة على الطعام من الهدر المبالغ فيه، لاسيما أن جل الطعام من الاستيراد، وحتى لا تصبح أسعاره مكلفة وليس في متناول الجميع، كما أن تكدس النفايات بملاحظة بسيطة تجد أن جلها من الطعام المهدر، وهذا أوجب على بعض الدول تقنين النفايات في أيام محددة حتى يجبر الناس على عدم الهدر وتقيننه، حتى لا تتكدس النفايات في المنزل، كذلك المطاعم لاسيما الشعبية منها تساهم في الهدر الغذائي بالأفراط في الكميات لاسيماالرز»، وكذلك تكبير الصحون في المناسبات واستهلاك كمية قليلة منه، وفي نظري أن أهم جانب في تخفيف الهدر الغذائي يقوم على التالي:
1 - استهداف وعي الأفراد واقناعهم أن الهدر يسبب تكلفة صحية ومادية عليه، تستوجب تقنين الاستهلاك حسب الحاجة، لا سيما في المناسبات الاجتماعية.
2 - وضع تشريعات وقوانين للمطاعم ومحاسبتهم على الفائض من الطعام، من خلال رصد نفاياتهم وتقدير حجم الهدر، وأن تكون غرامات متصاعدة حسب تكرارها تحفيزهم على وقف الهدر.
3 - تطبيق جمع النفايات في أيام محددة في الأسبوع، مع عدم السماح بتكديسها في الشوارع، وذلك من خلال نظام للمنازل بشكل فردي لكل مبنى، والاستفادة من تجارب طبقت في مدن أو دول.
4 - مساهمة التجار، في وضع معلومات إرشادية على منتجاتهم توضح الكمية الطبيعية للشخص الواحد من منتجهم، أسوة بالسعرات الحرارية.
5 - مساهمة العلماء والإعلاميين والمثقفين، في نشر ثقافة وقف أو التخفيف من الهدر الغذائي، وتذكير الناس بضرر ذلك عليهم ماليا وصحيا، لاسيما أن ديننا الحنيف يحث على عدم «الإسراف».
خاتمة: «لا خير في الإسراف، ولا إسراف في الخير» الخليفة المأمون.