إنّ الشورى من لوازم الإيمان التي جعلها الله تعالى صفةً من الصفات المُلازمة للمؤمنين والمُميزة لهم عن غيرهم، لفوائد كثيرة في حياة الفرد والمجتمع، فلا يجوزُ لجماعةٍ مسلمةٍ أن تقيمَ أو ترضى إقامة أمرها على غير الشورى، وإلا وقعت بالإثم مضيعةً لأمر الله، واليوم تقع أعيُننا كثيراً على ما ينشُره الناس بقصد أو بدون قصد في العالم الافتراضي المفتوح، وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي وما يُداخلهُ من انتقادات هنا وهناك حتى لمجلس الشورى واختصاصاته الثلاثة التشريع والمراقبة والعمل الدبلوماسي المعزز لمصالح المملكة وسياساتها. لكن ولله الحمد يعمل معالي رئيس المجلس وقيادة المجلس وأعضائه بلا كد ولا انشغال بهذه الأشياء، وترك أمرها للجهات المختصة، فالمواطن يعي الصالح العام وصالحهُ.
إن تلك الانتقادات تُظهر سوء فهم في اختصاصات مجلس الشورى وسن الأنظمة وتعديل القائم منها، والنظر إلى المجلس كجهة تنفيذية معنية، دون النظر إلى أن السلطة تنقسم إلى ثلاثة فروع أولاها السلطة التشريعية ويتشارك فيها المجلس ومجلس الوزراء، ثُم التنفيذية وتتمثل في الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية، وأخيراً القضائية بفرعيها القضاء العام وديوان المظالم. غير أن الوظيفة الهامة للشورى هي مراقبة أداء الأجهزة الحكومية من خلال دراسة تقاريرها السنوية التي تبيِّن إنجازاتها وما تواجهه من عوائق ومن ثم إقرار التوصيات لتحسين الأداء.
فمجلس الشورى بدولتنا الرشيدة لا يختلف عن المجالس التشريعية في العالم عدا أن المملكة دستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وركيزتها المواطن، وهدفها التنمية المُستدامة، والازدهار، لصناعة مستقبلٍ واعد وبناء دولة عصرية وفق رؤية المملكة 2030، وبكل ما يخدم الإسلام والمسلمين، بمشاريعها التوسعية، وإتاحة جميع أنواع التأشيرات وخدمة الحرمين الشريفين ورفع طاقتهُ الاستيعابية لاستضافة 30 مليون معتمر بحلول عام 2030.
فالمملكة لديها تحولات إدارية كُبرى تتسارع والزمن الدولي بتتابع القرارات والسياسات والبرامج الحكومية، وفق كفاءات متنوعة تجمع بين الخبرات الإدارية المتراكمة والمعرفة العلمية المتخصصة لمائة وخمسين عضواً، هم أبناء المملكة، ومُمثلين لمختلف شرائح المجتمع.. الذين يعملون لصالحهُ وتمكين المواطن وإشراك القطاع الخاص بشكل أكبر، وتعزيز البنية التحتية في القطاعات الحيوية وتنميتها، بما يزيد على ثلاثة أضعاف من التأثير التنموي والإسهام في نمو الناتج المحلي بأكثر من 570 مليار ريال، وزيادة حصة الإنتاج المحلي الإجمالي غير النفطي ثلاثة أضعاف ليصل إلى 605 مليارات ريال.
لقد سجّل التاريخ للعمل الشوري دوره في الأمن والسلم الدوليين ومحاربة الفساد والإرهاب ومع الانتشار النووي بالمنطقة العربية والتدخلات الإيرانية المُهينة، وغير ذلك من مجالات هي أعظم إنجازات أرست جودة الحياة والأمن والاستقرار، ووجهت المقاصد إلى المملكة الحبيبة.