«الجزيرة» - سالم اليامي:
أكّدَ وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريِّف أن الاستراتيجية الوطنية للصناعة تعمل على تمهيد الطريق أمام القطاع الخاص، بالتكامل مع جميع الهيئات واللجان في منظومة الصناعة والجهات الحكومية الأخرى لتنفيذها، موضحاً أن مستهدفات الاستراتيجية ستقفز بالصادرات السعودية غير النفطية إلى 557 مليار ريال في 2030، والوصول بها إلى 890 مليار ريال في عام 2035، لافتاً إلى أنه سيتم تطبيق نظام المحتوى المحلي على الشركات المملوكة للدولة والشركات التي تملك فيها الدولة النسبة الأكبر بداية من العام المقبل.
جاء ذلك في كلمته عقب تدشينه معرضَ إطلاق الاستراتيجية الوطنية للصناعة في مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية «كابسارك» بحضور عدد من أصحاب المعالي وصنَّاع القرار، وقادة القطاع الخاص الصناعي في المملكة، موضحاً أن الاستراتيجية الوطنية للصناعة تحمل في طياتها ثلاث رسائل؛ أولها أنها استراتيجية وطنية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وهي استراتيجية للباحثين عن فرص العمل وللمبدعين في هذا الوطن المعطاء، والرسالة الثانية أن هذه الاستراتيجية صُمِّمَت من قبل أصحاب المصلحة في القطاع الحكومي بالشراكة والتكامل مع القطاع الخاص، وتقاطعت مع 20 استراتيجية وطنيةً أخرى؛ لضمان الانطلاقة القوية، والرسالة الثالثة أن هذه الاستراتيجية واقعيةٌ وفعليةٌ، ومهما كانت أرقامها كبيرة إلا أنها أخذت بعين الاعتبار كيف يمكن أن يحقِّق كل قطاع وكل مشروع الفائدة المرجوة منه.
وأفادَ الخريِّف أن التقنية اليوم باتت تحلُّ محل اليد العاملة محدودة المهارات، وهي من التطورات التي يمكن أن تكون من أهم مقوماتنا في المملكة، حيث إن اليد العاملة السعودية لن تتأثر بهذه التقنية، وكل هذه المتغيرات ستخلق فرصاً كبيرة للصناعة في المملكة، وأن الاستراتيجية الوطنية للصناعة موجهة إلى المبدعين في المملكة؛ من أجل تطوير المنتجات الوطنية والتقنيات ذات الجودة العالية.
وتضمَّن معرض إطلاق الاستراتيجية الوطنية للصناعة لوحات تفاعلية، تتناول 12 قطاعاً صناعياً استراتيجياً، هي: صناعات الطيران، والسيارات، والبحرية، والطاقة المتجددة، والكيماويات، والآلات والمعدات، والأجهزة الطبية وصناعة الأدوية، والأغذية، ومواد البناء والصناعات التعدينية، والصناعات العسكرية.
من جهته أكد نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية المهندس أسامة الزامل، أن المملكة تتجه لأن تكون دولة صناعية رائدة، حيث تستهدف الاستراتيجية الوطنية للصناعة، القفز بأعداد المصانع في المملكة بحلول عام 2035 نحو 36 ألف مصنع، من بينها مصنعان للسيارات لإنتاج أكثر من 300 ألف سيارة سنوياً.
وأضاف المهندس الزامل، في كلمته ضمن الجلسات الحوارية لمناقشة الاستراتيجية الوطنية للصناعة، بأن المملكة ستحتضن في عام 2035 نحو ثلاثة مصانع متقدمة للأدوية الحيوية واللقاحات الطبية، وأربعة مصانع لتجميع مكونات الطائرات، وثمانية مصانع لتشكيل المعادن، وستنتج المملكة 800 ألف طن من الكيماويات المتخصصة، بالإضافة إلى 15 مصنعاً للتقنيات الحديثة ومستشعرات إنترنت الأشياء.
وذكر، بأن القطاع الصناعي سيحقق عوائد اقتصادية طموحة للمملكة بحلول عام 2030، إذ سيتضاعف الناتج المحلي الصناعي بنحو ثلاث مرات، ليصل إلى 895 مليار ريال، مضيفاً بأن ما ستصل إليه المملكة في غضون الـ13 سنة القادمة، وصلت إليه كوريا الجنوبية في 25 سنة، إذ ستتضاعف قيمة الصادرات الصناعية إلى 557 مليار ريال، وسيصل مجموع قيمة الاستثمارات الإضافية في القطاع الصناعي إلى 1.3 تريليون ريال، وطرح أكثر من 800 فرصة استثمارية بقيمة تريليون ريال، وزيادة صادرات منتجات التقنية المتقدمة بنحو ستة أضعاف، واستحداث عشرات الآلاف من الوظائف النوعية.
وأكد الزامل، بأن ما تم تقديمه في الصندوق الصناعي بعد رؤية 2030 تجاوز ما قدمه الصندوق منذ تأسيسه وحتى عام 2016، إذ قدم 75.4 مليار ريال؛ 79% من هذا التمويل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وكان نصيب المدن والمناطق الواعدة 40%، مبيناً أن وزارة الصناعة والثروة المعدنية أطلقت مبادرة (مصانع المستقبل) للتحول من الصناعة التقليدية إلى الصناعة الحديثة لنكون في مصاف دول العالم، ومن خلالها تم تقييم 7500 مصنع، وقدمت المبادرة ملياراً و220 مليون ريال قروضاً لها ضمن برامج تنافسية، مبيناً أن القطاع الصناعي يحظى باهتمام القيادة، عبر إنشاء وزارة مستقلة لأول مرة وتمكين ست جهات، عازياً ذلك إلى أن رؤية 2030 تعتمد على الصناعة كدور أساسي في تنويع القاعدة الاقتصادية للمملكة. وأوضح، أن القطاع الخاص هو الشريك الأول في تصميم الاستراتيجية الوطنية للصناعة، إذ تعمل منظومة الصناعة بمبدأ التشاركية الإيجابية، وأعدت وزارة الصناعة والثروة المعدنية المعايير لتوفير بيئة استثمارية جاذبة، مشدداً على ضرورة تغيير ثقافة الاقتصاد الرعوي القائم على الدعم إلى الاقتصاد التنموي.
بدوره أكد محافظ الهيئة العامة للصناعات العسكرية المهندس أحمد العوهلي خلال جلسة حوارية بعنوان «توطين الصناعة في المملكة», أن الاستراتيجية الوطنية للصناعة تسعى إلى خلق اقتصاد متنوّع ومرِّن، عاداً أن الصناعات العسكرية هي امتدادٌ وتكاملٌ مع الصناعات الأخرى بالمملكة، وستسهم الاستراتيجية الجديدة بشكل كبير في نجاح توطين الصناعات العسكرية.
فيما أشار محافظ الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة الدكتور سعد القصبي، إلى أن الاستراتيجية الوطنية للصناعة هي بداية رحلة لأمة تطمح للأفضل، لتكون من مصاف الدول الصناعية، مبيناً أن الجودة هي عامل مشترك بين كثير من الأعمال والنشاطات ومن أهمها الصناعة، ولا يمكن أن نصل إلى صناعة منافسة ما لم تكن هنالك معايير جودة واضحة.
من جانبه أكد الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للغذاء والدواء الدكتور هشام الجضعي، أنه خلال جائحة كورونا التي ألمت بالعالم، كان هناك تحدٍّ في توفير المُعقمات، حيث نجحت المملكة في توفير المواد الخام وواجهت التحدي في صناعة العبوات، ونجحت بذلك، مشيراً إلى أن المملكة تعد أكبر أسواق المنطقة في تصدير الألبان والأدوية والأجهزة الطبية، وتستهدف توطين هذه الصناعات لما لها من أثر كبير على سلاسل الإمداد ورفع سلامة المنتجات للمستهلك المحلي، وتنمية الاقتصاد، وخلق وظائف جديدة.
بدوره، أكد الرئيس التنفيذي لهيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية عبدالرحمن السماري أهمية إدراج المحتوى المحلي في الصناعة، مضيفاً أن القطاع الصناعي يُعد عصب الأساس لأي اقتصاد، وتطوير الصناعة وتنميتها يحمل أبعاداً استراتيجية، ومثلما يوجد أمن غذائي وآخر دوائي وكذلك مائي، يتطلب وجود قدرة صناعية محلية قادرة على تلبية الطلب المحلي بشكل تنافسي ومستدام، وأن المحتوى المحلي والصناعة يكملان بعضهما.
وتحدث الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للتنمية الصناعية الدكتور عبدالرحمن القرطاس عن دور المركز في الاستراتيجية الوطنية للصناعة، مبيناً أن المركز جاء مواكباً لرؤية 2030 والتغيير المتسارع المصاحب لها، وكذلك تطوير الأجهزة الحكومية وفعاليتها في خدمة الوطن، لافتاً الانتباه إلى أن إطلاق الاستراتيجية الوطنية للصناعة حدد للمركز الوطني للتنمية الصناعية قطاعات مستهدفة وواضحة، وذات أثر في الاقتصاد السعودي. وأكد رئيس مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية الدكتور منير الدسوقي، خلال حديثه في جلسة « التكامل في القطاع الصناعي» على أن المملكة تحتل المرتبة الأولى في البحث والتطوير والمخرجات البحثية على مستوى الشرق الأوسط، وضمن قائمة أعلى 20 دولة في المؤشرات الفرعية على مستوى العالم، مبيناً أن المجتمع السعودي قادر على صنع المنافسة عالمياً، وجاءت الاستراتيجية الوطنية للصناعة لتضع الابتكار والبحث والتطوير كأولوية.
فيما اعتبر نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية لشؤون التعدين المهندس خالد المديفر، أن قطاع التعدين يعد الرافد الأساسي للمواد الخام التي تتطلبها الكثير من الصناعات التي نشهدها اليوم، مبيناً أن الوزارة تسعى لأن تصبح المملكة إحدى المراكز الإقليمية في قطاع التعدين، حيت عملت على أكثر من 6 مبادرات لصناعات المعادن الأساسية باستثمارات تزيد عن 120 مليار ريال، مبيناً أن المملكة تعمل في الوقت ذاته على زيادة الهيدروجين الأخضر إلى أربعة ملايين طن.
من جهته أوضح نائب وزير النقل والخدمات اللوجستية الدكتور رميح الرميح، أن الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية تتكامل مع الاستراتيجية الوطنية للصناعة، فالصناعة هي قلب الاقتصاد النابض، والنقل والخدمات اللوجستية هي شرايين هذا القلب، مشيراً إلى أن البضائع الصناعية كانت سابقاً تحتاج عشرات الأيام لتخرج من الميناء، والآن مع تواؤم الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية واستراتيجية الصناعة أصبح الوقت يتراوح من ساعة إلى ساعتين، ويتكامل هذا الجهد مع جهود هيئة الزكاة والضريبة والجمارك.