إبراهيم بن سعد الماجد
عندما يتحدث الأستاذ خالد المالك في الشأن الإعلامي فعلى الجميع أن ينصت.
في حديث أقل ما يُقال عنه أنه صادق منصف، تحدث أستاذنا خالد في معرض الكتاب وأفاض عن الصحافة الورقية، وهذا الخلط بينها وبين المؤسسات الصحفية، تلك المؤسسات التي بُنيت على أسس قوية من المهنية الإدارية والفنية، وإن كان ثمة خطأ وقعت فيه، فهو أنها لم تحسب حساباً لهذا التحوّل السريع لوسائط الإعلام، فكان أن اهتزت وكاد بنيانها أن يتهاوى.
في حديث أبي بشار ذكر أن جيل الإعلاميين السعوديين الذين يتسنمون أعلى مناصب المسؤوليات الصحفية هم من خريجي تلك المؤسسات وصحفها، وهذه حقيقة لا ينكرها إلا من ينكر الشمس في رابعة النهار.
الصحفي السعودي محرراً وكاتباً، يدين بالفضل -بعد الله - لهذه المؤسسات ومنابرها التي كانت منابر للإبداع والتميز، فأسست هذا الجيل الذي وقف شامخًا، مدافعاً عن وطنه، منافحاً عن قضاياه، فكان الصوت القوي في أعتى المعارك، والصوت المنصف في كل الأوقات.
المؤسسات الصحيفة يجب أن لا تكون مرتبطة بالصحف الورقية، فهي أكبر من ذلك، وعليها أن تعمل لتكون كما يُراد منها، مؤسسة تخرِّج أجيالاً من الصحفيين المهنيين الحقيقيين، لا صحفيي مواقع التواصل، من السنابيين، والتويتريين.
مؤسساتنا الصحفية حققت حضورًا كبيرًا خلال عقود من العمل المهني، لكنها كما أسلفت لم تحسب حساباً لهذه النقلة النوعية في وسائل الإعلام، فكانت الصدمة التي كادت أن تهوي بهذا البنيان الشامخ!
اليوم نحن أمام تحدٍ كبير لبقاء هذه المؤسسات منارات إبداع، وصروحاً إعلامية ذات أثر فاعل في الدفاع عن قضايا الوطن والأمة عموماً، فلا يمكن أن تقوم وسائل التواصل الإعلامي الحديثة بنفس ما كانت تقوم به هذه الصروح الإعلامية الكبيرة، وحتى نكون منصفين، فإن وسائل التواصل الاجتماعي لها دور لا شك مؤثِّر، لكنه لن يكون مؤصلاً وذا أثر باق، ولذا من الأهمية بمكان استفادة المؤسسات الصحفية من هذه الثورة، واستفادة جيل الإعلام الجديد من هذه المؤسسات العريقة، التي هي بمثابة كليات إعلام تطبيقية.
إن الأمل الذي ما زلنا نرجوه أن يُنظر في وضع هذه المؤسسات وصحفها، وأن لا تترك لعواصف الزمن تقتلعها من جذورها، فالتجربة أثبتت أن البديل هش وضعيف.