محمد سليمان العنقري
أطلق الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الإستراتيجية الوطنية للصناعة، التي تهدف للوصول إلى اقتصاد صناعي جاذب للاستثمار يسهم في تحقيق التنوع الاقتصادي، وتنمية الناتج المحلي والصادرات غير النفطية وتوسيع الطاقة الإنتاجية بالاقتصاد بما يتماشى مع مستهدفات رؤية السعودية 2030، فالصناعة تعد ركيزة قوة أي اقتصاد بالعالم والمملكة تملك إمكانيات ضخمة لنجاح هذا القطاع والقدرة على تعزيز تناقسيته حيث قال ولي العهد: «لدينا جميع الممكنات للوصول إلى اقتصاد صناعي تنافسي ومستدام، من مواهب شابة طموحة، وموقع جغرافي متميز، وموارد طبيعية غنية، وشركات صناعية وطنية رائدة».
ففي السنوات الستة الماضية استطاع القطاع الصناعي أن يتفاعل مع التغيرات الإيجابية التي أحدثتها رؤية المملكة 2030، حيث حقق عددًا من المنجزات شملت نقل وتوطين الصناعات النوعية، مدعوماً بحزمة من المحفزات مثل تطوير المدن الصناعية لتكون أكثر جاذبية للمستثمرين، وإطلاق برامج تعزز من نفاذ الصادرات السعودية إلى الأسواق العالمية، حيث يحظى القطاع بدعم القيادة، ورؤية سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ليكون معززاً لقوة الاقتصاد الوطني، فالصناعة تعول عليها الدول الكبرى في بناء نهضتها وتأمين مستقبلها. فقد ركزت الإستراتيجية على توفير كل الممكنات حتى يقوم القطاع بدوره كخيار إستراتيجي في تنويع مصادر الدخل والإنتاج في الاقتصاد الوطني، ومضاعفة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي حتى عام 2030 بثلاثة أضعاف عن الرقم الحالي البالغ 340 مليار ريال لكي تكون السعودية مركزًا للاستثمار في هذا القطاع الحيوي والمهم. فالمملكة مع كل ما اتخذته من خطوات لدعم الصناعة خلال السنوات الماضية منذ انطلاق رؤيتها 2030 وحتى الآن، إلا أنها ما زالت تمضي بوتيرة مستمرة ومتصاعدة، نحو تحقيق المزيد من الأهداف والطموحات في قطاع الصناعة، مثل التوسع في الصناعات المرتبطة بالطاقة والبتروكيماويات، وتطوير الصناعات الواعدة والتنافسية كالصناعات العسكرية والأدوية والسيارات والمواد الغذائية وغيرها، لتبني بذلك مستقبلاً واعدًا واقتصادًا متنوعًا ومتينًا حيث تهدف الإستراتيجية لمصاعفة حجم الصادرات الصناعية لتصل إلى 557 مليار عبر جذب استثمارات جديدة محلية وأحنبية بحدود 1.3 تريليون ريال مع طرح أكثر من 800 فرصة استثمارية. فالمملكة تتجه لتكون دولة صناعية رائدة على مستوى المنطقة والعالم من خلال تحقيق أهداف برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية.
ورغم كل ما تحمله الإستراتيجية الوطنية للصناعة من خطط وأهداف مبشرة وطموحة، إلا أن أهم ما يلفت الانتباه أن هذا العمل المستقبلي الكبير لتطوير قطاع الصناعة، قد بُني على أسس علمية وعملية راسخة، وانطلق من دراسات حقيقية للواقع والإمكانات والقدرات والمقدرات، سواء التي تمتلكها السعودية فعليًا، أو تلك التي تريد أن تمتلكها وتضع الخطط لذلك، فالإستراتيجية ستنقل الاقتصاد الوطني من استهلاكي لمنتج، فحجم الواردات يفوق 550 مليار ريال سنوياً وكل هذه السلع التي تستورد تعد فرصًا للاستثمار محلياً، فإضافة لزيادة الطاقة الاستيعابية بالاقتصاد وتعزيز حجم الصادرات وترجيح لكفة الميزان التجاري ليكون لصالح المملكة إذا استبعدنا صادرات النفط فإن المصانع المستهدف إنشاؤها والفرص المتاحة ستوفر فرص عمل ضخمة وكذلك عشرات الآلاف من الوظائف «النوعية»، كما تتحه وزارة الصناعة لدعم برنامج بنقل حوالي 4000 مصنع للتقنيات الحديثة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي بدلاً من العمالة الكثيفة المتدنية الدخل والتأهيل، كما تستهدف الإستراتيجية 12 قطاعًا فرعيًا لتنويع القطاع الصناعي مع زيادة المرونة لضمان استمرارية الوصول للسلع المهمة من أجل رفاهية المواطن واستمرارية التشاط الاقتصادي. فالعالم عايش خلال جائحة كورونا تداعيات خطرة تمثلت بانقطاع سلاسل الإمداد ولذلك برزت أهمية زيادة توطين العديد من الصناعات كالغذائية والصحية وغيرها لتعزيز الأمن الاقتصادي، كما تهدف الإستراتيجية لتحقيق الريادة بصناعات مختارة تمتلك المملكة قدرات تنافسية عالية من خلال الاستثمار بالتقنيات الجديدة.
المواطن هو محور رئيسي في هذه الإستراتيجية والتي تركز أيضًا على استقطاب المؤهلين منهم وتوسيع قاعدة الموادر البشرية الوطنية المؤهلة بالتعاون مع الجهات المعنية من خلال برنامج تنمية القدرات البشرية، فهذه الإستراتيجية حددت أهم معالم هوية الاقتصاد الوطني بالتنافس عالمياً حيث نجح وزير الصناعة والثروة المعدنية الأستاذ بندر الخريف وفريق الوزارة بإنجاز هذه الإستراتيجية في وقت قياسي وبالتعاون مع كل الجهات ذات العلاقة بعد أن تم فصل الوزارة قبل حوالي أربعة أعوام، فالفرص الاستثمارية بهذا القطاع أصبحت كثيفة وواعدة ومدعومة بكل الممكنات من سياسات وتشريعات وأنظمة وأذرع تمويل للاستثمار ودعم الصادرات وزيادة الفرص للمنشآت بمختلف أحجامها في رفع نسبة المحتوى المحلي، مما يمثل نقلة نوعية ليكون الاقتصاد إنتاجيًا بدرجة واسعة وتقل الواردات لتتحول لفرص داخلية.