سلمان بن محمد العُمري
نعم ما أجمل الوفاء والمروءة، وما أقبح الجحود والنكران، والنفوس النقية وأصحاب القلوب الطاهرة الجميلة يشكرون ولو على القليل، واللئام لو قدمت لهم المعروف عشرات الأعوام فلن تلقى منهم إلا الجهام والقتام وقد يتعدى ذلك إلى الفجور والإجرام.
ولعلي أبدأ بالصنف الآخر القبيح وإن كان حقهم التأخير حساً ومعنى، أقول أمثال هؤلاء عاشوا بيننا عقوداً من الزمن ومنهم من ولد في بلادنا ودرس وتعلم وتعالج بالمجان حينما كان يعمل والده في بلادنا بل إن أهله لا يزالون يعيشون بيننا وعاش فوق أرضنا ولا يعرف بلده الأصلي ورغم كل هذا وحينما تلوح له فرصة للمغادرة ولو بثمن عال يهاجر لبلد غربي وما تكاد تطأ قدمه البلاد الغربية إلا وتجده يسب ويشتم ويذم البلاد وأهلها ويتنكر لجميلها ويبدأ في امتداح أرض المهجر التي لم تقبله إلا بعد أن أكلت ما جمعه من مال وستلاحقه مستقبلاً بالضرائب العالية على مستوى الدخل، وللأسف فهؤلاء ليس لديهم ذرة كرامة ولا حياء ولا تسل عن خلقهم ومروءتهم، وللأسف أن الحيوانات لديها الوفاء فحين تألف من يطعمها ويسقيها لا تؤذيه بل تراها تحن إليه وتفقده إن غاب عنها.
وأعود لمن حقهم التقديم وهم أهل الوفاء ممن يقدرون الجميل والمعروف وأمامي حالة ماثلة تستحق الذكر والشكر فقد قدموا مثالاً وأنموذجاً حياً وعملاً طيباً لرد الجميل والمعروف؛فهؤلاء مجموعة من أبناء الجالية الفلبينية تقوم بعمل إيجابي وتطوعي كبير في ضواحي الرياض يتمثل في نظافة البراري والمنتزهات وزراعة الشتلات وغرسها.
ويقول أحد مسؤولي فريق التطوع: فخور بالعيش والعمل هنا في السعودية والمملكة العربية السعودية هي موطننا أيضًا لأننا نتشارك نفس المساحة والبيئة ونحن سعداء للغاية لدعم الجميع، نحن نشجع الجميع على تحمل المسؤولية والمشاركة في النشاطات الخاصة بنا والحفاظ على نظافة بيئتنا، وسعادتنا في أن نكون متطوعين في البيئة، وتحضيراتنا لنشاط التنظيف، نستيقظ الساعة 3.30 صباحًا للخروج ونقوم بمسؤوليتنا الاجتماعية ونعمل لما يقرب من خمس ساعات، وهذه طريقتنا الفلبينية في رد الجميل للمملكة العربية السعودية باعتبارها وطننا الثاني.
وللعلم فمبادرتهم تمت بجهودهم الذاتية وفي الآونة الأخيرة وفرت لهم شركة (سابتكو) للنقل حافلة لنقل المتطوعين والمتطوعات بعد أن كانوا يستخدمون سياراتهم الخاصة.
وبعد أن سقت هذا المثال الطيب فإنه مما يحز بالنفس ومن المؤسف حينما يقوم البعض من العمالة التي تعيش بين ظهرانينا اليوم ولا تزال تنعم بالخيرات أو من غادرت بعد أن شبعت ونكرت بالإساءة والتطاول على الوطن الذي فتح لهم أبوابه للترزق بفتح مجالات العمل لهم، وفي تصوري أن هناك العديد من العمالة الشريفة التي تحرص على العمل التطوعي لو رتب لها ذلك، وفي نفس الوقت هناك عمالة مجرمة لا تتوقف عن بث سمومها، وخرابها في أذية البلاد والعباد، بمختلف الوسائل والطرق المشينة.