أولاً: علاقتي بـ(العطار وجهوده الفكرية واللغوية):
منذ سنوات التمدرس في الطائف حيث دار التوحيد المتوسطة والثانوية فيما بين 1389-1393هـ، ارتبطت ذاكرتي الثقافية بهذا الاسم أحمد عبدالغفور عطار حيث جريدة عكاظ التي أسسها ودشن أول أعدادها في فندق العزيزية بالطائف ذلك الفندق الذي أمر عليه في طريقي إلى دار التوحيد، وهو أول فندق في الطائف، في شارع الملك فيصل، وأصبح الاسم يتردد ثقافياً من خلال ما يكتبه في الصحافة ثم الكتب.
تنامت هذه الصحبة المعرفية بعد ذلك وأنا في جامعة أم القرى التي كانت فرعاً من الملك عبدالعزيز، حيث كلية الشريعة التي درست فيها ما بين 1393هـ - 1396/1397هـ. في تلك الفترة عقد مؤتمر الأدباء الأول عام 1394هـ وتمكنت من حضور بعض الجلسات وفي هذا المؤتمر شاهدت العطار لأول مرة وهو يستلم جائزة التكريم من المؤتمر.
وفي مرحلة تالية في عام 1403هـ وأنا في مرحلة الماجستير في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة قادتني اهتماماتي اللغوية إلى شراء تاج العروس للسيد محمد مرتضى الحسيني وخاصة الجزء التاسع طبعة وزارة الإعلام الكويتية عام 1391هـ/1971م. وفي نفس العام أهداني الدكتور أحمد علي الشرفي (رحمه الله) كتاب (الصحاح)ٍ للجوهري تحقيق أحمد عبدالغفور عطار في ستة مجلدات والسابع مقدمة الصحاح. منذ ذلك عرفت العطار لغوياً حيث طالعت المقدمة واستفدت منها أكثر من استفادتي من المعجم الصحاح إلا كمرجع لغوي وقت الحاجة البحثية.
وفي عام 1422هـ، نظمت دارة الملك عبدالعزيز بالرياض ندوة عن المملكة العربية السعودية وقضية فلسطين، وفيها شاركت بورقة عمل تاريخية حول هذا الموضوع، وكانت كتب العطار (رحمه الله) التاريخية من ضمن المصادر التي اعتمدت عليها.
وفي العام 1432هـ/2011م وكنت عضواً في نادي جدة الأدبي أقمنا ملتقى النص الحادي عشر وكانت الشخصية المكرمة هو اللغوي الأديب المحقق أحمد عبدالغفور عطار (رحمه الله).
ولعل هذه العلاقة الثقافية باللغوي الأديب والمحقق أحمد عبدالغفور عطار (يرحمه الله) تسمح لي بالحديث عنه في هذه الندوة بشيء يسير عن جهوده اللغوية استجابة لاقتراح الزميل الأستاذ الدكتور محمد ربيع الغامدي الذي دعاني ومثله لايعتَذَر منه.
ثانياً: ثلاثية الاهتمامات الفكرية والمعرفية للعطار:
الحديث عن (العطار) وجهوده اللغوية يستلزم الإحاطة بثلاث دوائر فكرية ومعرفية تؤطر اهتماماته وإنجازاته المعرفي.
ومن هنا تتضح اهتمامات أحمد عبدالغفور عطار، الفكرية والمعرفية.
فهنا دائرة اللغة وله فيها إنجازات كبيرة ومفيدة.
وهنا دائرة التاريخ وفيها كذلك منجزات هامة ورائعة.
وهنا دائرة الشريعة أو الإسلاميات والدين وله فيها الكثير من الإنتاج المعرفي.
وبين هذه الدوائر الثلاث الرئيسة تتاقطع اهتماماته الأدبية من شعر ومسرح ونقد وقصة ومقالات وكتابات صحفية...
والذي يهمنا الجانب اللغوي.. فقد أنجز في هذا الحقل/ المجال العديد من الكتب والدراسات والبحوث والمقالات تحصيها بعض الدراسات إلى (تسعة) وقد تصل إلى (أحد عشر) كتاباً.
ولعل من أهم هذه الكتب وأبرزها ما يلي:
- تهذيب الصحاح للزنجاني بمشاركة المحقق عبدالسلام هارون (رحمه الله).
- معجم الصحاح للجوهري 7 مجلدات بما فيها (المقدمة).
- ليس.. في كلام العرب لابن خالويه.
- الصحاح ومدارس المعجمات العربية.
- الفصحى والعامية.
- آراء في اللغة.
- الزحف على لغة القرآن.
- وفاء اللغة العربية بحاجات هذا العصر وكل عصر.
- الفوائد المحصورة.. شرح المقصورة.
- الجوهري مبتكر الصحاح.
وربما من آخر كتبه كتاب قضايا ومشكلات لغوية الذي نشرته تهامة عام 1402هـ/1982م.
وعند التدقيق نجد أن العطار (يرحمه الله) له جهود لغوية ومشاريع معجمية، واجتهادات تأليفية جعلته جديراً بلقب شيخ المحققين السعوديين، وأنه النسخة الحجازية من العقاد. وأنه رائد الدراسات اللغوية السعودية، وأحد أعلام اللغويين، ومن أهم المهتمين بالدراسات المعجمية، وصاحب الأفكار والمشاريع والرؤى الاستشرافية لخدمة اللغة العربية.
ثالثاً: إطلالة عجلى على مرحلة التكوين والتنشئة الثقافية والمعرفية:
وقبل الحديث عن منجزاته في المجال اللغوي... لابد من إطلالة سريعة على تكوينه وتنشئته الثقافية والمعرفية واللغوية..، فمن حصوات الحرم المكي وعلماء المذاهب والدروس الدينية واللغوية إلى المدرستين (الأميرية الابتدائية) والعالية في المعهد العلمي السعودي الذي كان يقوم مقام الجامعة في دراساته اللغوية والأدبية والشرعية، ومع مدرسيه الجهابذة حيث تنامت مواهبه الثقافية والأدبية واللغوية.
ومن دار العلوم وكلية الآداب بجامعة الملك فؤاد بالقاهرة، التي قضى فيهما سنة واحدة عايش فيها الثقافة والفكر والعلم والعلماء في مصر، إلى اعتماده الذاتي تثاقفاً وتعلماً ومجايلة مع كبار المفكرين آنذاك بعد عودته (اضطراراً) إلى بلاده المملكة العربية السعودية.
ثم بدأت الاهتمامات اللغوية بتتلمذه على المدرسة (العقادية) والتطلع إلى مجاراتها والإفادة منها، فتمت بينهما صداقة وتلمذة وتأثراً. ومن قراءاته واجتهاداته وبلورة مفاهيمه اللغوية حتى وجد نفسه مع جيل المحققين والمعجميين واللغويين تراثاً ومعاصرة حتى اكتملت لديه أدوات المثاقفة والنبوغ وتشكل تكوينه المعرفي والفكري وبدأ إنتاجه وإنجازاته تحلق في سماء الثقافة والفكر الإنساني. وكل ذلك في الفترة ما بين 1333هـ حيث مولده – على أصح الأقوال وأرجحها – وحتى 1411هـ حيث وفاته ومواراة جثمانه الثرى رحمه الله.
رابعاً: الجهود والآراء اللغوية:
ظهرت إبداعات الأستاذ أحمد عبدالغفور عطار وأفكاره وجهوده – في المجال اللغوي – في كتابه (المقدمة) الذي مرَّ بتحولات طباعية مكررة مع طباعة الصحاح المتعددة، أو مستقلاً بشكله الذي بين أيدينا. وهذا يذكرني بـ(مقدمة ابن خلدون) الشهيرة المستقلة عن كتاب (العبر وديوان المبتدأ والخبر) في علم التاريخ والاجتماع والتطور البشري والأممي!!
امتازت هذه المقدمة – من وجهة نظري – بثلاث مميزات:
الأولى: أن العقاد كتب مقدمتها وأشاد بها واعتبرها (أول مقدمة من نوعها في تاريخ المعاجم، وأنها تصلح أن تكون مقدمة تامة لكل المعجمات العربية ففيها استقصاء لتاريخ المعجمات/ المعاجم في لغتنا، وفيها إلمام بتاريخ المعاجم في اللغات الأخرى، وفيها إحاطة وشمولية ومرئيات لغوية ونقدية).
الميزة الثانية: المراجع والمصادر التي استفاد منها لكتابة هذه المقدمة، وبعد إحصائها وجدت أنها تتجاوز (الثمانين) تقريباً بين معاجم وقواميس وموسوعات، ودوائر ومعارف، وكتب لغوية وأدبية ومقطوعات وشواهد شعرية، وكتب مترجمة، وكتب الفقه والتفسير، ومجلات ودوريات وغيرها. وهذا يدل على ثقافته وموسوعيته وإحاطته المعرفية والعمق المنهجي.
وللعلم هنا أن العطار (يرحمه الله) لم يجعل لهذه المصادر والمراجع ثبتاً توثيقياً في آخر كتابه (المقدمة) يستكمل فيها المعلومات الببليوجرافية، وإنما أثبتها في الهامش مختصرة جداً: فقط اسم الكتاب أو المخطوط أو اسم المؤلف والصفحات المقتبس منها!! ولعل أحد الباحثين يقوم بهذا الدور مستقبلاً.
والميزة الثالثة: صدعه بالحق الذي يراه، والقول الذيي يتبناه في قضايا اللغة وإشكالاتها، وهو بهذا يبرز لنا وللقراء الأنا الواثقة، الأنا المتعالية، الأنا العالمة فعندما تقرأ آراءه وتعليقاته التي بثها في المقدمة وباقي كتبه، تشعر بالعلمية والموضوعية والقدرة على الإقناع لأنه مقتنع بما يقول، وبما يصل إليه من تحليل وشواهد ومبررات.
مثلاً قوله في المقدمة: قرأ بعضهم القرآن بألسنة شاذة لا أسيغُها ولا أقرأ بها ولا أُجيز القراءة بها، من ذلك قراءة أبي جعفر المنصور ألم نشرحْ لك صدرك = قرأها بفتح الحاء (ألم نشرحَ لكَ صدركَ)!!
ومثلاً قوله: لا أجيز (ما جاء من العرب مخالفاً للصحيح) لأني لا أريد القاعدة الصحيحة أن تعتل أو تنهدم أو يعتورها بعض العلل، بل لا أُسيغ الشاذ أن يجد طريقاً ليضعف من القاعدة، كما لا أحب العلة أو التقدير الذي يراد منه تسويغ الخطأ أو الشاذ (المقدمة ص29) وهنا تتأكد الأنا الواثقة، والأنا المقنعة والأنا العالمة!
ومع هذه (الأنا الواثقة)، نجد آراءه اللغوية المبثوثة في (المقدمة) وفي كثير من كتبه الأخرى، والتي سنشير إلى بعضها إشارات مختصرة وسريعة!!
يقول: إن الاحتجاج بالموروث من لغة الجاهلية لا يعني أن ذلك الموروث صحيح كله، وأن الجاهليين ليسوا معصومين من اللحن والخطأ، فكثير ممن يحتج بكلامهم يخطئون في اللغة وقواعدها التي وضعها النحاة، ويدلل على ذلك بأن هناك أبياتاً شعرية من الشعر الجاهلي لا تجيزها قواعد النحو والصرف، وبعضها لا تجيزها القواعد إلا بعد تأويل مُسِفٍّ وعلل مصطنعة واعتذار مفتعل (ص27 في المقدمة).
ومن آرائه رؤيته المتفردة أن أول من وضع النحو العربي هو الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، خلافاً لمن يقول أبو الأسود الدؤلي. وكذلك من آرائه انفراده ببعض الآراء المعجمية التي لم يُسبق إليها، مثل تعريفه للمعجم، واعتبار محمد بن تميم البرمكي رائداً ومبتكراً للمنهج المعجمي الألف بائي، وأن أبا عمر الشيباني رائد المعجمات العربية وليس الخليل بن أحمد، وأن الجوهري مبتكر الصحاح هو رائد مدرسة القافية [يعني بناء المعجم على الحرف الأخير للكلمة].
ومن الآراء: إعجابه بالمدرسة البصرية النحوية ومنهجهم وتمسكهم بمذهبهم أصولاً وفروعاً (دون تعصب ضد المدرسة الكوفية) ولهذا رفض القياس على الأمثلة الشاذة.
ومن الآراء: تماهي أطروحاته اللغوية مع ما جاء عند العلماء الغربيين المعاصرين مثل (دي سوسير) رائد البنيوية وعالم اللغويات الحديثة السويسري، في مسائل التفريق بين اللغة والكلام. وما جاء عند (داروين) في التطور، حيث اعتبر العطار اللغة (كائن حي) قابلة للحياة والتجدد والفناء!!
وما جاء عند (إدوارد سايبير) عالم اللسانيات الأمريكي، في نظرية اكتساب اللغة.
ومن آرائه واجتهاداته اللغوية:
أن اللغة قامت بحاجات أهلها في القديم، وأنها تقدمت مع تقدم الحياة والزمن، وما طرأ من تغيرات، واستقبلت الجديد بعد صهره في بوتقتها.
وأن اللغة تتوسع بالمفردات التي تعطي كل كلمة منها معنىً خاص، ولم تتوسع بالمترادفات!!
وأن اللغة سهلة مرنة متسامحة مع الأولين، ومرت بفترة جمود فوقف نشاطها وعثرت خطاها وزادت القيود والأغلال فمنعتها من التقدم والسير الحثيث.
وأن اللغة العربية بلغت أوج مجدها في عهود الإسلام الأولى لارتباطها بالدين والقرآن ولغة المجتمع المدني أيام النبي العظيم صلى الله عليه وسلم، واستمر الاهتمام بها عند الفتوحات الإسلامية فتم حفظ التراث اللغوي وتم الدفاع عنها وصد الكلمات الدخيلة من البلدان المفتوحة والأمم المغلوبة.
هذه بعض جهوده وآرائه كما وجدناها واستنتجناها من (المقدمة) التي أعدها لتحقيق كتاب الصحاح للجوهري. وأما (معجم الصحاح) نفسه، فقد قام بتحقيقه في ستة مجلدات، [وبين يديّ وطبعته الثانية عام 1402هـ/1982م] وفيها يقول: «إنه حققه وعلق عليه وضبط كل حرف فيه، وقضى زهرة حياته وربيع عمره في هذا العمل....».
ويشير أحد الدارسين أن العطار (رحمه الله) قد أجرى عليه كل متطلبات التحقيق الجيد وآلياته الإجرائية، وإن كان فيها بعض الخلل إذا قورن بالمنهج العلمي.
وأما كتابه الثاني المهم (عندي)، فهو الكتاب الذي نشرته تهامة عام 1402هـ/1982م بعنوان: قضايا ومشكلات لغوية والذي كان في الأساس مجموعة مقالات وأحاديث صحافية، في 145 صفحة تقريباً، ففيه جملة من آرائه واهتماماته اللغوية وأهمها:
- قضية ازدواجية الفصحى أي مقولات المتربصين باللغة العربية، وأن فيها انفصام وازدواجية بين فصحى للكتابة والعلم والتدوين، وعامية للأحاديث الشفهية واليومية والاجتماعية، والمطالبة بتغليب العامي!!
لقد ناقش (العطار) هذه المسألة ورد على خصومه من المنادين بإحلال العامية مثل سلامة موسى، وسعيد عقل وغيرهما، مؤكداً أن هذا انحراف، والعودة للفصحى هو الأصل والأبقى والأهم!! لأنها صالحة ومرنة للتجديد، وسهلة على المتعلمين والمتحدثين. كما قام بالرد على دعاوى إلغاء الإعراب، واستبدال الحروف العربية باللاتينية وغيرها من التحديات التي واجهتها اللغة العربية.
ومن جهود العطار اللغوية المبثوثة في كتبه الأخرى:
- دعوته إلى تنمية اللغة العربية وتجديدها عن طريق الوضع والتعريب والاشتقاق مع المحافظة على أصول وقواعد اللغة العربية.
- إبراز دور الحجاز في الحركة الثقافية واللغوية وبالتالي أولويته المستحقة في مجال الدرس اللغوي الحديث والمعاصر من البلاد السعودية.
- دعوته المبكرة لإنشاء مجمع لغوي سعودي لأنه أجدر المجامع بالوجود، فعرب المملكة هم أبناء الدين وعنهم أخذت اللغة. وليت (العطار) يرحمه الله، قد عاش حتى يومنا هذا ليرى كيف تحققت هذه الدعوى، وذلك الأمل والدعوة في بلادنا السعودية، فقد أصبح لدينا ما نفاخر به:
مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية الذي تأسس عام 1442هـ/2020م في الرياض.
مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز للتخطيط والسياسات اللغوية الذي كان سابقاً (مركز الملك عبدالله الدولي لخدمة اللغة العربية)، وتأسس في 1429هـ/2008م في الرياض.
وهذه أكثر من (90 مؤسسة محلية) لها صلة باللغة العربية.
وهذا مجمع اللغة العربية الافتراضي (على موقع تويتر) الذي افتتح في عام 1433هـ/2012م والذي أسسه ويشرف عليه الدكتور عبدالرزاق بن فراج الصاعدي، ومقره المدينة المنورة.
ومجمع اللغة العربية بمكة المكرمة على الشبكة العالمية، وتأسس في مكة المكرمة عام 1433هـ/2012م والذي أسسه الدكتور عبدالعزيز بن علي الحربي زميلنا في هذه الندوة.
أقول ليت أن (العطار) عاش حتى يومنا هذا، ليرى هذه النهضة اللغوية الرسمية والأثيرية/ الشبكية، وعلماء اللغة السعوديين الذين يقودون مسيرة التطوير اللغوي العربي بكاريزما وثقافة سعودية أصيلة!!
خامساً: العطار/ أولوياته ومنجزاته المعجمية:
كان (للعطار) يرحمه الله الكثير من الأوليات المعجمية (تحقيقاً ودراسة) ومن ذلك ما يلي:
- تحقيق الصحاح للجوهري.
- تحقيق تهذيب الصحاح بمشاركة عبدالسلام هارون.
- تحقيق ليس.. في كلام العرب لابن خالويه.
- تحقيق الفوائد المحصورة.. شرح المقصورة.
- إعداد وطبع قاموس الحج والعمرة من حجة النبي وعمرته صلى الله عليه وسلم.
وهناك كتب حققها (العطار) ولم تطبع:
- الأزمنة... لقطرب.
- ما اتفق لفظه واختلف معناه... لابن العميثل.
- كشف الظنون... لحاجي خليفة.
- مجموعة المعاني (مختارات شعرية لا يعرف قائلها).
ولعل المجمع الشبكي أو إحدى جامعاتنا أو مراك زنا البحثية أو مجاميعنا اللغوية السعودية والافتراضية نقوم بطبعها ونشرها في القريب العاجل.
وهناك مشاريع لغوية لم تظهر للوجود ربما لأسباب مادية مثل:
- معجم الجيب.
- معجم القرآن الكريم.
- معجم الإسلام.
- دائرة معارف الإسلام.
- دائرة معارف الفقه الإسلامي.
- مشروع المعاجم الثلاثة (الكبير، الوسيط، الصغير) الذي قدمه للملك فيصل -رحمه الله- وأحيل إلى لجان لدراسته ولكن استشهد الفيصل ومات المشروع، ولعلٍّي أطالب مجاميعنا اللغوية بتبني مثل هذه المشروعات واستكمالها وتحقيقها في أرض الواقع.
ومع هذه المنجزات والأولويات والجهود اللغوية، هناك بعض المآخذ والملاحظات أبداها بعض الدارسين ومنها:
- كان (يرحمه الله) يستفيد من كتب السابقين وينقل نصوصهم دون تغيير، أو ينقلها موجزة مختصرة وكل ذلك دون توثيق أو إشارة للمرجع والمصدر، وإذا ذكره لم يشر للجزء أو رقم الصفحة، ولعل ذلك من مكتسبات عصره وجيله والعقاد الذي تأثر به.. ولكن ذلك مخالفة للمناهج العلمية والبحوث المعاصرة. وهنا يأتي دور الباحثين والدارسين لاستكمال ذلك.
- تكرار الأفكار والآراء والمقولات اللغوية في كثير من كتبه ومقالاته.
- بعض مؤلفات (العطار) عبارة عن مجموعة مقالات أو أحاديث إذاعية أو محاضرات ومشاركات نشرت في الصحف وقام بجمعها في كتاب!
- اختلاف المناهج المستخدمة في التحقيق مقارنة بالمناهج العلمية عند المحققين مثل ترتيب نسخ المخطوط واختيار النسخة الأساس/ الأم، وإعداد الفهارس التفصيلية والمتعددة للعمل المحقق.
ورغم هذه المؤاخذات فإن إنجازاته تتحدث عن نجاحاته وتظهر لنا قيمة اللغوي الأبرز في بلادنا السعودية أحمد عبدالغفور عطار (يرحمه الله).
سادساً: العطار وشهادات المجايلين والدارسين:
لقد كُرِّم العطار في حياته، وبعد مماته، وقد قيل عنه الكثير من كلمات المدح والإطراء ومنها ما يلي:
- يقول عنه الباحث المتخصص/ ماجد هلال العصيمي:
إنه واحد من أعلام اللغويين السعوديين وأحد المهتمين بالدراسات المعجمية، وله مشروعات في صنع المعاجم، وله اهتمامات مبكرة في فقه اللغة وعلم اللغة وأول من كتب في مجال الدراسات اللغوية الحديثة من السعوديين وذلك في بدايات هذا العلم.
- ويقول عنه الدكتور محمد حسن باكَلاَّ:
إنه واحد من اللغويين السعوديين الذين لهم قصب السبق في أكثر من مضمار لغوي، صاحب العديد من الأبحاث والكتب والدراسات اللغوية.
- ويقول عنه الدكتور عبدالله الزيد:
لم يأخذ علمه عن غيره بالطريقة التقليدية لكنه تعهد نفسه بالتثقيف والتعليم وإدمان القراءة ورحلاته العلمية وعلاقاته بكبار العلماء والمثقفين.
ولأنه كذلك فقد:
- منح عضوية المجمع العلمي العراقي سنة 1979م لخدمة الثقافة العربية.
- ومنح عضوية المجمع العلمي السوري وعضوية التآرز والشرف.
- ومنح جائزة الدولة التقديرية السعودية في الأدب عام 1404هـ.
وكرِّم في نادي جدة الأدبي عام 1432هـ/2011م باعتباره لغوياً وأديباً في ملتقى النَّص الحادي عشر وكان موضوعه (اللغة والإنسان).
رحم الله أديبنا واللغوي الأبرز في بلادنا السعودية وعالمنا العربي اللغوي أحمد عبدالغفور عطار. ولعلِّي أختم ببعض التوصيات.
التوصيات:
سابعاً: توصيات ختامية واقتراحات:
وبعد أن تعرفنا على جهود أستاذنا (العطار) اللغوية نوصي بما يلي:
أولاً: أن تحتفي مجامعنا اللغوية الرسمية والافتراضية بهذا الرمز اللغوي السعودي في يوم اللغة العربية العالمي الموافق سنوياً 18 ديسمبر من كل عام. وأن تقام حوله الندوات والمحاضرات والمؤتمرات.
ثانياً: طباعة ونشر الأعمال اللغوية والمعجمية التي مات عنها ولم تطبع بعد وقد ذكرها الباحث ماجد العصيمي في رسالته للماجستير ص ص 200-201.
ثالثاً طبع ونشر الرسائل العلمية والدراسات البحثية التي كتبت عن (العطار) مثل:
أحمد عبدالغفور عطار لغوياً للباحث ماجد هلال العصيمي، رسالة ماجستير بجامعة أم القرى عام 1422هـ.
أحمد عبدالغفور عطار وجهوده الأدبية إبداعاً ودراسة للباحثة الشفاء بنت عبدالله زيني عقيل، رسالة دكتوراه بكلية البنات بجدة عام 1414هـ.
أحمد عبدالغفور عطار فقيهاً لغوياً سعودياً، بجث علمي محكم للدكتور محمد حسن باكَلاَّ نشر في مجلة جامعة الملك سعود عام 1417هـ/1997م.
وقال عنه شاعر جازان المرحوم محمد علي السنوسي يمتدحه في قصيدة طويلة منها هذه الأبيات:
من أين أبدأ قل لي كيف أختارُ
وكيف أهدي إلى (العطار) من قلمي
كجالب التمر يهديه إلى (هجرٍ)
وما الإشادة بالعطار وهو عُلاً؟!
وأنت بحر من الآداب زحار
عطراً، وعالمه الفكري معطارُ
وأرضُها كلُّها تمرٌ وتمَّارُ
(كأنه علمٌ في رأسه نارُ)
وختاماً:
فقد تحدثت الورقة عن (العطار) لغوياً، ومع ذلك فهو أديبٌ وشاعر، وسأختم بهذا النص من شعره، يقول في مقطوعة غزلية من ديوانه الوحير (الهوى والشباب):
على ثغرك الوضاء تختال قبلة
ولكن عليها حارسان على المدى
تناديك أقبل واقطف الوردة التي
فأثبتها حمراءَ ريَّا جميلةً
تناظرها عيني ويشتاقها فمي
يذودان عنها ثغر صب متيمِ
سقيت رباها بالدموع وبالدمِ
بها كنزك المذخور جم التبسُّمِ
** **
- الدكتور/ يوسف بن حسن العارف