الثقافية حاوره - علي القحطاني:
يعدّ الأستاذ عبد الله الجعيثن ( 1370-1444هـ /1950-2022م) من أشهر الكّتاب في الشأن الاجتماعي، الكاتب المخملي الأنيق الذي ينظر إلى الحياة عبر كتاباته بالتفاؤل والسعادة والحب اشتهر بكتابة زاوية (بعد التداول) في صحيفة الرياض, وألّف أكثر من خمسين كتاباً أغلبها في الشأن الاجتماعي, زاول الكتابة منذ بواكير حياته عندما كان طالباً في المدرسة الثانوية عبر برنامج (يا أخي المسلم), وتعاون مع الإذاعة السعودية أكثر من شطر حياته قدم خلالها برامج متنوعة يومية وأسبوعية في إذاعتي جدة والرياض..وكتب في العديد من الصحف والمجلات داخل المملكة وخارجها منذ عام 1402هـ /1982م موضوعات اجتماعية واقتصادية.
توظّف مبكراً بشهادة الكفاءة وانتسب للدراسة ثم انتظم في السنة الثالثة بكلية اللغة العربية التي عُيِّن معيداً فيها بمجرد تخرجه، وطلب نقله من وظيفة «معيد «فنقل سكرتيراً للمعهد العالي للقضاء، وبعد ثماني سنوات استقال وتفرغ للكتابة. وتجارة الأسهم.
يتداول في الأسهم السعودية والعالمية منذ عام 1399هـ/1979م ولشدّة هوايته لها ثقّف نفسه ذاتياً بقراءة مراجع المحاسبة والاقتصاد، ساعده على ذلك عمله محاسباً خمس سنوات في وزارة الحج والأوقاف (وزارة الحج والعمرة حالياً) ألّف أكثر من خمسين كتاباً أكثرها اجتماعية عدا (كيف تستثمر أموالك في الأسهم) نشره عام 1402هـ/1992م ونفد ولم يعد طبعه للمتغيرات والمستجدات الكبيرة في الأسواق.
عدّه النقاد من كُتّاب المقالة الاجتماعية البارزين، وأقرب كُتّاب المقالة الصحافية إلى الأسلوب الأدبي، تميز بإنتاجه الغزير حينما قدم للمكتبة العربية أكثر من خمسين مؤلفاً كتبها بأسلوب أدبي راقٍ، استهل كتاباته بكتابه عن الوطن ونشرها عام1406هـ-1986م وجلّ كتاباته عن بنات حواء عن المرأة «صورة من حياة امرأة « و» صور سرية للحياة الزوجية» و»الزوجة الثانية» و»قالوا في المرأة» و»قالوا عن الحب والحبيب « كما كتب عن «المشكلات العاطفية» وكتاباته تعزز القيم الإيجابية وصفاء السرائر والتصالح مع الذات والمجتمع والسعادة وذلك من خلال أسفاره؛ «الهم والقلق وأفضل السبل للخلاص منهما « و»تجاربهم مع السعادة « وخاض غمار الكتابة الساخرة كما يلحظ ذلك من عناوين كتبه؛ «ذكريات ضاحكة « و»تعالوا نضحك مع الأصدقاء « و» فارس الأحلام وحمار الأحلام»
والأستاذ عبد الله الجعيثن، أحد أبرز الأدباء الذين أثروا الحركة الثقافية في المملكة، حيث صدر للفقيد خمسين كتاباً في الشأن الثقافي، كما أنه من أبرز الأقلام الأدبية، وتوفي رحمه الله بعد معاناة مع المرض عن عمر يناهز السبعين عامًا، و نعاه الوسط الإعلامي والصحفي واستذكروا مسيرة حياته الإعلامية عبر التواصل الاجتماعي.
مختارات من نعيه عبر التواصل الاجتماعي:
خالص التعازي وصادق المواساة لأسرة الأستاذ عبدالله الجعيثن -رحمه الله- ولذويه ومحبيه. لقد فقدنا كاتبًا متميزًا، ترك لنا إرثاً ثقافيّاً وإعلاميّاً كبيراً، وأدعو الله أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته. «إنا لله وإنا إليه راجعون»
د ماجد بن عبد الله القصبي وزير الإعلام المكلف
رحمه الله وتغمده بجنات نعيمه مرت فترة زمنية كان اسمه محلقاً على صفحات الصحف كتب في كل شأن ثقافي ووطني ورسم خارطةً عريضةً في الفعل الثقافي والعزاء لعائلته ومحبيه وللثقافة ولنا كلنا.
د عبد الله الغذامي
رحم الله الكاتب الاجتماعي القدير الأستاذ عبد الله الجعيثن كانت مقالاته تلامس الصور السلبية في المجتمع .. يطرحها بأسلوب سلس ورؤية نقدية واعية. تغمده الله بواسع مغفرته وأسكنه الجنة.
الكاتب الرياضي فهد الدوس
أحسن الله عزاء أسرته وذويه وأصدقائه ومحبيه وجبر مصابهم وغفر له ورحمه وأسكنه فسيح جناته كان ولازال الكاتب جاراً لنا عفيف اللسان نقي السريرة صادق النّصح والود كتب في بعض المجالات وكان صادق النّصح في طرحه للمتعاملين بسوق الأسهم. لم نرَ أو نسمع عنه إلا خيراً.
خالد بن إبراهيم الجريوي
انتقل صاحب القلب النقي والخُلق السامي إلى الرفيق الأعلى رحمك الله يا أبا أحمد وغفر لك ويسّر حسابك وأحسن الله مآبك وشملك بعفوه وأرضاك برضاه سبحانه أسأله أن يجبر قلوب أهلك وأحبابك وجمع لهم بين الصبر والأجر.
د عبد الله القويز
رحم الله العزيز أبا أحمد، ابن خالي، عبد الله الجعيثن وغفر له وأسكنه فسيح جناته. وجبر مصابنا، ومصاب الغالية أم أحمد حصة الفوزان وأحمد وأخواته ليلى وعبير ونورة، وجميع أشقاء وشقيقات الفقيد الكبير وكافة محبيه وألهمهم الصبر والسلوان.
د.لطيفة الشعلان عضو مجلس الشورى
الكاتب عبد الله الجعيثن سقطت ورقة فارهة
عبد الله الذبياني
الكاتب الأخ والصديق عبدالله الجعيثن رجل صاحب قيم ومعاني إنسانية قريب مع الجميع في علاقته يبادر بالاتصال في كل مناسبة يحمل قلباً صادقاً ويترجم ذالك عبر مقالاته الوطنية والاجتماعية يكتب بسلاسة وعفوية وأحبه الجميع تربطيني به علاقة أكثر من 50 سنة غفر الله له.
الكاتب الاجتماعي فهد بن عبد المحسن بن سعيد
من أوائل الكتّاب الذين قرأت لهم في صغري.. من أوائل الكتب التي قرأتها كانت كتبه رحمه الله: تعال نضحك مع الأصدقاء و ذكريات ضاحكة.
الطبيبة شيهانة المتروك
طالما أتحفنا بكتاباته الجميلة ذات اللغة الراقية والهدف النبيل.
د محمد بن عبد الله العريني
رحل اليوم الكاتب الذي رافقت مؤلفاته جُلّ صباي.. رحل اليوم مؤلف» زوجة وصديقة» ونصير «زوجة ثانية» ولسان « نساء مقهورات» والمرشد لأول «دليل في الحب والبغض» رحم الله #الكاتب_عبدالله_الجعيثن رجل اللغة الرشيقة والسرد اللافت..
د.بدور الزهراني
الكاتب للحروف والأفكار والصحفي والأديب وصاحب الود للجميع، ذكرى طيبة وقلب رحيم.
ناصر الصرامي
يتساقط الرفاق مثل أوراق الخريف لانملك إلا الحسرة لنا معهم ذكريات لاتنسى وعند رحيلهم يرحل شيء منا رحم الله الرفيق رفيق الكلمة عبدالله بن جعيثن.
عبد الهادي السعدي
سطور من مقالات الراحل
المحتوى الرقمي العربي
ساد المحتوى الرقمي في كل شيء تقريباً، من الثقافة والاقتصاد إلى التسلية والطب والطبخ والتغذية.. وهذا مفيد جداً في حد ذاته، فهو يختصر الوقت ويريح ويسهم في نشر الوعي في المواقع الرصينة، وفي الجهات الحكومية التي تقدمت لدينا بشكل قياسي رائع.
ولأن المحتوى الرقمي متاح بسهولة للعقلاء والسفهاء، وللدهماء، كثر في فضائه الغثاء وانتشار الإشاعات، والبحث عن الشهرة بأحط الطرق عند البعض.. وتواجد كثير من أدعياء الطب والتغذية ممن لا يفقهون.
مطبلون ومرجفون
هذه الأيام لا تكاد المجالس تخلو من حديث الأسهم، بين مطبلين ومرجفين في المدينة، وفي القرية أيضاً، مجالس القرى هي الأخرى لابد أن يمر فيها حديث قصير أو طويل عن الأسهم، وحوار حولها، وجدال بين مطبل ومرجف، الأول محفظته مليانة بالأسهم، والثاني كاش، وقد يكون المطبّل بوقاً لأحد الهوامير استأجره ليصرّف سهماً جمع فيه الكثير بالرخيص.. بل حتى المرجف قد يكون بوقاً هو الآخر يحطم سهماً يريد موصيه التجميع فيه.. مع تقدم التقنية دخل نصف الشعب سوق الأسهم حتى سارت بالأسهم الألسنة وصارت أحاديث السمر.
المضاربة وتدمير الصحة
(..أنصح مرضى القلب بالابتعاد عن المضاربة اليومية في سوق الأسهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً... فقد رأيتُ بِعَيْنِي مصارعَ القوم…)
هذا كلام طبيب القلب الدكتور ( خالد النمر ) حسب تغريدة له في تويتر.. وكلامه صحيح، فقد أثبتت الأبحاث أن كثيراً من مدمني المضاربة على الأسهم والعملات يصابون بارتفاع الضغط والسكر وبالخفقان والقولون العصبي وسوء الهضم، والأرق مع الكوابيس أثناء النوم، فيكون نومهم، مع قلته، غير جيد ولا مريح، فتزيد الهموم وتضعف القدرة الفكرية والجنسية مع التوتر وسوء النوم. وأذكر أنني قرأت إحصائية تقول إن 90 % من المضاربين يخسرون أموالاً طائلة، وهي إحصائية صادرة من أمريكا بلد الأرقام، مع العلم بأن كثيراً من المضاربين قد تذهب حياتهم في تحليلات وتأويلات كأنما عاشوا في عالم افتراضي يحجب عنهم مباهج الحياة.
الحظوظ
ولا أدري من يموت: الحمار لرديء حظ راعيه أو صاحب الحمار مات من الفرح حين حازه بسبب شدة الفقر وهول المفاجأة, هذا البيت الشعبي:
(أحدٍ عطاه الله خيلِ واباعر
احدٍ إلى حاش الحمار يموت)
محكي عن أبي زيد الهلالي، وله نظائر في الشعر الشعبي والفصيح وفي الأمثال، وكلها تصوير للحظوظ والأرزاق، وتفكير في الآمال والآجال، ومحاولات لسبر التفاوت الاقتصادي والاجتماعي بين الناس.
وكلنا نؤمن بقضاء الله وقدره، ونؤمن بأن الإنسان مأمور بعمل الأسباب، وبالجد والاجتهاد، ثم يرضى السعيد بما قسم الله له، لأن المرء لا يُلام بعد اجتهاده، والشقي من يقعد يندب ويشتكي إذا لم يُحقق سعيه مراده، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فإنما يسخط على نفسه.
التأمل والتفكير
نحن في عصر يكاد ينتهي فيه التأمل والتفكير، وتختفي الخلوة بالنفس لدى السواد الأعظم من الناس: الكل مكبون على هواتفهم المحمولة يعيشون في عالمٍ افتراضي يخطف الإنسان من نفسه، ويأخذ جل وقته، وأكثر ما يتم متابعته نُتف لا تُغني ولا تُسمن، ونُكت سطحية، ومقاطع مصطنعة، وحوارات مُبتذلة، وسائل التواصل الاجتماعي قضت تقريباً على الخلوة بالنفس، و أتت على التأمل والتفكير، وعزلت الإنسان المعاصر عن الاجتماع الحقيقي، وربما عن نفسه، جعلته يهيم في عالمٍ وهمي، يصحبه معه حتى في سريره، وربما حلم به في نومه.
ابن خلدون ..وسائل التواصل
من مفاخر حضارة العرب والمسلمين العلامة عبدالرحمن بن خلدون، واضع علم الاجتماع في مقدمته الشهيرة التي شملت أيضاً الثقافة والسلوك والفنون والآداب والاقتصاد، وقد استفاد منها علماء الغرب وجامعاته وأهل السياسة فيه، واستشهد بآرائه الصائبة كثيرون، منهم الرئيس الأمريكي السابق ريجان..
ومما أورده ابن خلدون عن الاجتماع قوله: (…كلما كان العمران أكثر كانت الحضارة أكثر..وإفراط الحضارة والترف مُفسِداتٌ في المدينة على العموم، فيموج بحر المدينة بالسّفَلَة من أهل الأخلاق الذميمة، ويجاريهم فيها كثير من الناشئة ومن أُهمِلَ عن التأديب..) مقدمة ابن خلدون ص732 باختصار.
العقار مشكلة عرض
من الصعب التحكم في الطلب على العقار لأنه ضروري، فالسكن من أهم مقومات الوجود الإنساني، لكن أسعار الأراضي مرتفعة جداً فوق طاقة كثير من المواطنين، والنمو السكاني يزداد، وأكثر مجتمعنا السعودي شباب، وهم مقبلون على زواج وتكوين أسر، ولابد لذلك من توفير سكن، وبدون ذلك تزيد المشكلات من عنوسة وعزوف عن الزواج إلى تراكم الديون والأقساط والإصابة بالإحباط..
وحل مشكلة السكن قبل أن تصبح معضلة، زيادة المعروض من الأراضي والمعمورة، وكسر احتكار تجار العقار بعدة وسائل: الجد في تطبيق المراحل التالية من رسوم الأراضي، ورفع إيقاف المخططات، وتسهيل حصول المطورين على تمويل طويل الأجل، وإيصال الخدمات لمخططات المنح، واعتماد الطرق الحديثة في البناء لتسريع الإنجاز وتوفير المال، وتحفيز الشراكة بين القطاع العام والخاص للتعاضد في بناء الأراضي الحكومية الشاسعة، وتعميم البيع على الخارطة مع وجود الضمانات الكافية، ونحو هذا من تحفيز العروض العقارية على التكاثر وبأسعار في متناول المواطن.
الربع الخالي
أذكر أني أُصبت بالدهشة وأنا في الابتدائي من هول المساحة حين رأيت الربع الخالي في خريطة المملكة المجيدة التي تُشبه في مساحتها قارة تُكشر بأنياب التحدي وتُهدد بتمدد التصحر، ولكن قادتنا الكرام واجهوا ذلك التحدي بهمة كالجبال، فالربع الخالي تمخره الآن طرق تنسف أطنان الرمال وتخرق أقسى الجبال، والتنقيب عن الثروات النفطية والمعدنية في الربع الخالي قائم على قدمٍ وساق واعداً بمزيد من المستقبل المشرق للأجيال، هاهو ذا طريق عملاق يمخر الربع الخالي ويربط المملكة العربية السعودية بالشقيقة عمان، متحدثاً بقوة الإرادة وجودة الإدارة، متحدياً جبال الرمال في مساحة الربع الخالي الهائلة حولتها المملكة، بفضل الله، إلى طرق واضحة المعالم جميلة المسالك مريحة العبور، تزدان على جوانبها الخدمات، وتسهم في التنمية والسياحة والتجارة ويفخر الإنسان بهكذا إنجاز..
الطرق في المملكة ملحمة إنجاز عميم عظيم لم تُكتب بعد.. في المملكة طرق طويلة تصل أطرافها المتباعدة وتشق جبالها الشاهقة وتمخر رمالها المتحركة، هي بمثابة شرايين قوية صحية يتدفق من خلالها إكسير الحياة مغذياً المدن الكبرى والأرياف والهجر الصغيرة.
التعريب بقرار
حين كان د. محمد عبده يماني -رحمه الله- وزيراً للإعلام يبدو أنه تلقى أمراً بتوجيه معلقي كرة القدم بتعريب مصطلحات هذه اللعبة الواسعة الانتشار شعبياً، المؤثرة حتى لغوياً، وسرعان ما اعتاد الملايين على تلك الكلمات العربية، أمثال (ملعب، هدف، تسلل، خطأ، ضربة جزاء، رُكنية، خط وسط، بطاقة صفراء أو حمراء، ضربة حُرة، حيطة، إلى آخره..) وكانت معظم تلك المصطلحات تُنطق على ألسنة المعلقين والجمهور بالإنجليزية.. بعد التزام المعلقين بالتوجيه سادت المصطلحات العربية وسارت على ألسنة الناس. وقبل ذلك ألزمت البلديات المتاجر بالاقتصار على اللغة العربية في أسمائها ولوحاتها عدا متاجر العلامات التجارية (الماركات) لأنها أسماء أعلام، والعلم ينطق في الفصحى كما سُمي. والحكومة تتبنى الفصحى في قراراتها ومسمياتها، مثل (أبشر، توكّلنا، هدف، ساند، ناجز، واصل، بوّابة، صحة، كلنا أمن، بلاغ تجاري، أسعفني.، قياس، إلى آخر الخدمات الرقمية الرائعة في المملكة والتي أراحت الناس وصارت على ألسنتهم كالعسل وأسهمت في تحقيق جودة الحياة).
** **
@ali_s_alq